حينما وضع ابن فلورنسا نيكولو مكيافيلي كتاب"الأمير"لم يعلم بأن ابن مقاطعة تريفيزو التي تجاورها شمالاً اليساندرو دل بييرو سيكون أكثر من ينطبق عليه هذا الكتاب الذي بلغت شهرته الآفاق وبات تدريسه في كليات السياسة في عصور النهضة أمراً طبيعياً ولا مفر منه، وحتى يومنا هذا ما زالت بعض الأطروحات التي وضعها مكيافيلي مدار نقاش طويل في كتب السياسة خصوصاً تلك التي تقول إن"الغاية تبرر الوسيلة". وهذه القاعدة بالذات انتهجها الفتى الذي ولد في 9 تشرين الثاني نوفمبر 1974، وهو الذي دخل أخيراً عامه ال35 محتفلاً بانتصارين قويين على فريق القرن الأوروبي ريال مدريد الاسباني بهدفين في ملعب الريال وأمام جماهيره، ف"بينتريكهيو"كما يلقبه جماهيره على اسم فنان عصر النهضة استغل كل الوسائل ليحقق غاياته الأسمى بالانتصار مسجلاً من الكرات الثابتة والمتحركة أجمل الأهداف وليصبح واحداً من أعظم الأسماء التي لعبت ل"السيدة العجوز"على مدى سنينها والتي تقارب 110 سنة. وبما أن دل بييرو من مواليد برج العقرب فإنه يتمتع بخصائص يُعرف بها مواليد هذا البرج، فهو إنسان غير عادي يتمتع بصفات فريدة، وهو يعرف تماماً من هو وماذا يريد من نفسه ومن الآخرين، وبالتأكيد هو يلدغ دون رحمة حينما يكون خصومه في شدة عنفوانهم ومحاصرتهم له، إلا أنه ومنذ أن احترف دل بييرو الكرة في عام 1991 مع فريق بادوفا لم يحصل سوى على حالتي طرد، وهو ما يعني أنه يقضي 90 دقيقة في أرض الملعب يركل الكرة فقط وللمتعة لاغير. وكما يتربع ال"بينيتريشيو"أو الرسام على عرش قلوب الطليان فإنه يتربع كذلك على عرش هدافي اليوفي ب 242 هدفاً سجلها في 574 ظهوراً مع الفريق ذي القمصان المخططة، والذي منحه شهرة تعدت الآفاق حتى صُنف ضمن أفضل 100 لاعب في تاريخ كرة القدم فيما لا تزال جماهير قطب تورينو الأقوى تدين له بالحب، خصوصاً أنه آثر البقاء مع الفريق في الدرجة الثانية بعد فضيحة"الكالتشيو بولي"على أن ينتقل إلى أعظم فرق القارة، ولأنه فعل ذلك، فقد سجل دل بييرو هدفه ال 200 في مرمى فروزينوني في موسم 2006 - 2007، وحتى وقتنا الحاضر فهو أكثر اللاعبين تحقيقاً للبطولات مع يوفنتوس بواقع 16 لقباً محلياً وأوروبياً. وعلى رغم تألق دل بييرو مع اليوفي، إلا أن ذلك لم ينسحب على منتخب بلاده، إذ لم يسجل طيلة مشاركاته مع منتخب بلاده والتي بدأت عام 1993 سوى 27 هدفاً سجلها في 90 لقاء، وهذا الرقم مرشح للارتفاع إذا ما تمكن من المشاركة في بطولة القارات المقبلة والتي ستحتضنها جنوب أفريقيا في شهر حزيران يونيو من العام المقبل، وعلى رغم أن دل بييرو شارك في معظم البطولات العالمية إلا أن واسطة تاج بطولاته هو كأس العالم والذي حققه مرة واحدة مع منتخب بلاده عام 2006 في ألمانيا، فيما فشل في تحقيق لقب البطولة الأوروبية وهو الذي خسر من المنتخب الفرنسي عام 2000 قبل أن يحقق لقب العالم من أمامهم بعد ذلك ب 6 أعوام. وعلى رغم الشهرة الكبيرة التي يحظى بها ابن ال35 ربيعاً إلا أنه لا يزال يتعامل بتواضع مع كل معجبيه وهو ما جعله مقرباً من الجميع، يقول عنه مدرب المنتخب الإيطالي مارشيلو ليبي:"لا أثق بأبنائي بقدر ما أثق باليكس، إنه إنسان صادق مع نفسه وغيره وإنكاره للذات ميزه عن غيره، لا يوجد مدرب إلا ويحلم إما به أو بمثله معه في الفريق، أحب تشبيهه بالنحلة لأنه يعمل بجهد لإسعاد وفائدة الآخرين"أما أسطورة كرة القدم الفرنسية زين الدين زيدان فيشعر بأن ل"الكرة طعماً آخر ما دام دل بييرو يركلها على أرض الملعب". وربما لا يكون مستغرباً نبل أخلاق دل بييرو فهو اكتسبها بفضل عائلته الفقيرة، إذ كان حلمه في صغره أن يصبح لاعب كرة، وأن يعمل سائق شاحنة حتى"يلف العالم"، ولأنه طيب، فإنه استطاع أن يحقق كل ما أراد وأصبحت شهرته تجوب العالم وهو يسوق الطليان إلى الألقاب.