الكون بأكمله يتجسد في وجود المرأة وحاجة المجتمع الماسة لها، إذ أن دورها القوي الفعال يبرز في شتى الجوانب التي تجسدها كل امرأة بطريقة مختلفة تزيد من رونقها وأهميتها... دونها تختفي معالم الحياة الجميلة وأسرارها المنطوية تحت ذلك السر الجميل، سر وجودها والسعادة التي تتمثل في تلك الحياة التي هي أشبه بجنتها. تحت تأثيرها القوي وسحر جاذبيتها تأسر الرجل لتلك القوى المتجسدة بداخلها، ليعلن لها الطاعة والمحبة، ولذلك أودعها الله كيان زوجها وأسرتها، كي تكون داعماً ودافعاً لتشكيل أجيال تقدم للمجتمع انجازات وحضارات مميزة، مستثنية هؤلاء النساء اللائي يشوهن صورة المرأة الحقيقية بتصرفات ودوافع لا مبرر لها من نهج تلك السلوكيات المناقضة لطبيعة الفطرة الأنثوية الرقيقة. منذ أن خُلِقت المرأة والحياة تمتزج شوقاً لرؤيتها، والتماس حنانها، ودروها الكبير في تغيير المجتمع ونقله نقلة كبيرة قد تكون من أسوأ إلى أفضل، تتغير بها معالم كثيرة للحياة، وهذا يعتمد على شخصيتها وتشبثها بفطرتها السليمة. وعلى قدر ما تكون شخصية المرأة مثالية وراقية يظهر ذلك على أسرتها وزوجها وأبنائها، لأنها الداعم الأساسي لقوام البيت وتشكيل شخصياته، وحقيقة"بيت بلا امرأة كجسد بلا روح". من ذا الذي يستطيع الاستغناء عن المرأة؟ فالأب والطفل والأخ بحاجة إلى أم وزوجة تقضي بحنانها على صخب الحياة وآلامها، والرجل بحاجة إلى امرأة يسكن إليها ويستأنس بسحر أنوثتها، وكما يقال"وراء كل رجل عظيم امرأة". هكذا جبلت طبيعة المرأة على قوة الجذب، وقوة الحياء ورقة التعامل وانتقاء أعذب الأساليب، تماشياً مع تلك الفطرة السليمة التي وهبت لها، وأنه عندما تموت امرأة تموت الأمومة، وتنقلب السعادة إلى جحيم، خصوصاً عند أبنائها وزوجها. المرأة مخلوق عظيم، إذا عرفت قدر نفسها وقدر القوى العاطفية التي بداخلها، وأعطتها لمن يستحقها، حيث مَكنّها الخالق أن تغير امة بأكملها، وهذا ما كان يحدث في الأقوام السابقة، إذ دورها الفعال وصل إلى النفوذ السياسي، وتجاوز العطاء العاطفي إلى تغيير دول بأكملها، وان رسالتها في الحياة أكثر من أن تكون للتزين وإظهار المفاتن والجمال، فأنا لا اقلل من طبيعتها وحبها للجمال، ولكن هناك بعض الأمور يجب ألا تتجاوز حدها كي لا تفقد رونقها، فالكون بأسره متوقف على أساسها وعلى شخصيتها، ومتى نمت تلك القوى التي بداخلها كان ذلك دافعاً لمجتمعها بالنهوض والتقدم. يجب أن تكون المرأة على قدر كبير من الثقافة والعلم، كي تسهم في تنمية المجتمع وتطوير نفسها، ولديها الحكمة في تقويم الأمور، وتكمن مثالية شخصيتها في حيائها وخجلها... باطناً في الترفع عن الأمور التي تخدش الحياء والاحتفاظ بتلك العواطف والمشاعر لمن يستحقها... وظاهراً في المعاملة الحسنة والأسلوب الملائم لفطرتها الرقيقة، وعلى الصعيد الظاهري فإن فلسفة الحجاب تقوم على أساس أن تغطي المرأة أنوثتها وتبرز إنسانيتها، وأما فلسفة السفور وانتهاك الحياء فتقوم على العكس. إن المرأة إذا تخلت عن أنوثتها وحيائها، فهي بلا شك تُستبعد من عالم الأنثى، ولا أحقية لها بأن تكون مثالاً تقارن به امرأة تتمتع بكامل أنوثتها وحيائها! أبرار السقاف - الرياض