وأدخل في الحرف... أفتش كل خفاياه... كل زواياه... أفتشه فتحة فتحة، ضمة ضمة، كسرة كسرة... يميناً، يساراً... صعوداً وإنحداراً... وذهاباً وإياباً... أكتب منه ألوف الحكايات ليقرأها الناس... ليكتشفوا الفرق ما بينهم، وما بين هذه الخرافات... أحاول ألا أكون شبيهاً بنفسي... أن أخرج مني... من مسامات جلدي، ودمي... أن أتحدى حياتي ولو مرة... فقد ضقت ذرعاً بهذه السخافات... أحاول ألا أكون أنا... أن أكون حلماً يتجاوز كل المسافات، أحاول زرعي بكل إتجاه... أحاول ألا أعيش هنا... ألا أموت هنا... ألا أكون ضحية هذه الخيالات... أحاول أن أخرج من زمن المستحيل... أن أشعل في كل دربٍ حريق... أن أفتح باباً إلى الشمس... أن أنام ولو لمرة في الحياة مستريح... أحاول منح حياتي زماناً جميلاً... أحاول... منذ زمن بعيد، أحاول منذ عشرين عاماً وأنا أدخل في الحرف... وأدخل في الحرب، أقاتل حتى يسيل دمي... حتى يتغلغل في داخلي الجرح... أحاول منع رجل يقتل المستحيل... أحاول أن أوقف جزر انحساري... أن أرتب بعض حروفي... وبعض صفوفي... أن ألملم روحي، أجمع من بقع الأرض بعض شتاتي... في كل يوم أحاول... وما زلت أحاول... وأحلم يوماً أرى العمر قد عاد... والحلم قد عاد... والحب قد عاد... أحاول في كل يوم... وما زلت أحاول... وما زلت في ساحة الحرب.