في معظم الأحيان تبدأ مشاريع الاعمال الصغيرة في بلادنا بفكرة مقلدة، ثم تحاول المنافسة بروح منهزمة، الى ان تنتهي بالتستر، وفيما تواصل هذه المشاريع دورتها المعتادة يبدو ان الأجهزة المعنية وحتى تلك التي تدعم هذا النشاط بالتمويل والتشجيع، كما لو كانت تعيش في عالم آخر. نحن أكاديميون جداً في نظرتنا للمشاريع التجارية الصغيرة، التي تنعش الاقتصاد في دول العالم وتسهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي، وتحقق تنمية اقتصادية مهمة في دول كثيرة وتساعد ايضاً في تشغيل العاطلين عن العمل. وحالمون جداً في اعتقادنا بأن هذه المشاريع توفر لنا خبرات وطنية لا تقدر بثمن في مجال الادارة والتخطيط والتسويق. المشاريع الصغيرة التي نتحدث عنها ولنقل انها تشغل ما لا يزيد على عشرة موظفين برأسمال لا يتعدى ال 200 ألف ويغلب عليها الطابع الفردي في التأسيس والإدارة تصب في معظم الأحيان في المحال التجارية، التي تبيع سلعاً وخدمات، وهي البقالات ومحال بيع الأدوات الكهربائية وصالونات الحلاقة ومحال الأطباق الفضائية وبيع الجوالات والبوفيهات ومحال النجارة والسباكة والملابس والعطارة وقائمة طويلة من مشاريع تشترك جميعها في انها تحظى بالدعم والتشجيع، لتحقق دخلاً ثابتاً لمواطن متستر وأرباحاً متنامية لوافد يعمل بطريقة غير شرعية. هذه المشاريع تعد في دول اخرى ركيزة للاقتصاد، وفي بلادنا منفذ رئيسي للتستر وتشغيل عمالة غير نظامية ومعبر لتحويل بلايين الريالات منذ عقوداً هي في طريقها للتضاعف مستقبلاً بفضل هذه المرونة في تشغيل محال الفتحة الواحدة، هذه التي لا تتطلب سوى ترخيص من البلدية وجواز سفر العامل كرهينة وربما مبلغ مالي يدفع للكفيل او المتستر كضمان ثم تسير الامور على خير ما يرام. اقتصاد الفتحة الواحدة ينمو ويزدهر في الوقت نفسه الذي أعلن فيه عن نسبة البطالة السعودية التي ارتفعت، لتصل الى اكثر من 14 في المئة بحسب آخر تقرير صدر نهاية الاسبوع الماضي من جانب مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، وفي الفترة نفسها التي تعلن فيها وزارة العمل أن 37 في المئة من العاطلين عن العمل يحملون شهادة الثانوية العامة و36 في المئة منهم يحملون الشهادة الجامعية، وكل ما فعلناه ليس الفرجة فقط بل التشجيع والحماية، ففيما نصب جام غضبنا على شركات التجزئة التي تملك السوبر ماركت لتقاعسها عن توظيف المواطنين ونتهمها بالجشع وسرقتنا في الخفاء بفضل زيادات خفية في أسعار السلع لم نحرك ساكناً تجاه مليون محل تجاري معظمها من البقالات. اقول هذا الكلام أيضاً ونحن نجد حماسة منقطعة النظير لدعم"المشاريع الصغيرة"، التي قد تكون في طريقها لتصبح فتحة واحدة، وهذا الدعم الذي يأتي على شكل قروض بالبلايين من بنك التسليف يهدف بسمو لمساعدة الشباب في تأسيس أعمالهم التجارية الصغيرة، لكنها وبقدرة قادر قد تصبح موازنة تمويل آلاف مشاريع التستر المستقبلية. [email protected]