تسيطر العمالة الوافدة على معظم محلات بيع المواد الغذائية في منطقة الباحة، وعندما يتأمل العابر لوحة إحدى البقالات ويجد بها اسم مالك المحل، تتبدل قناعاته عندما يدخل ويتبضع إذ لا وجود لأي ملمح لصاحب المحل السعودي ولا أثر لأي بائع. ويرى رئيس مجلس غرفة الباحة أحمد العويفي، أن العمالة الوافدة تستحوذ على 90% من النشاط التجاري في الباحة، مؤكدا أنها تنتشر في جميع الأنشطة، ومنها محلات المواد الغذائية. وطالب العويفي الجهات المعنية بسن أنظمة تحد من هذه الظاهرة، وتمنح السعوديين فرصة العمل في البقالات، محملا ضعف الرقابة وعدم التطور في آليات متابعة ورصد العمالة مسئولية «التستر الخفي». ويؤكد رجل الأعمال عبدالله العاصي، أن ظاهرة التستر الخفي تتنامى بالتزامن مع التوسع في النشاط الاقتصادي والتجاري والخدمي واتساع النطاق العمراني للمدن والقرى في مختلف المناطق، وتطلع إلى تطبيق نظام صارم يسهم في الحد من التستر وكبح هذه الظاهرة، داعيا إلى تكثيف جهود سعودة الأنشطة التجارية، التي تنتشر فيها ظاهرة التستر. إضرار بالاقتصاد فيما يرى الخبير الاقتصادي عبدالخالق علي، أن ظاهرة التستر التجاري آخذة في التزايد بشكل متسارع، وأن تقديرات حجمها كبيرة، مشيرا إلى أن استمرار نموها يضر بالاقتصاد الوطني، ويتسبب في العديد من المخاطر الأمنية والاجتماعية، ويسهم في زيادة حالات الغش التجاري، لافتا إلى أن العمالة الوافدة تعد مسوقا للسلع المقلدة والمغشوشة والمنافسة غير المشروعة لصالح العمالة المتستر عليهم في تلك الأنشطة، ما يضعف الكفاءة الاقتصادية عن طريق الإخلال بتوزيع الموارد، إذ يجتذب التستر نصيبا لا يستهان به من الموارد البشرية والمالية المتاحة فيما لا يخدم أهداف الاقتصاد الوطني، مبينا أن معظم الربحية وفوائد هذه الظاهرة تذهب إلى العمالة الوافدة، الذين بدورهم يقومون بتحويلها إلى الخارج وحرمان الاقتصاد الوطني من الاستفادة منها. وأوضح علي أن التستر يؤدي إلى مزاحمة المواطنين في أعمالهم بصورة غير مشروعة، وهو الأمر الذي يزيد من معدلات البطالة، مع ما يسببه من احتكار الأجانب لبعض الأنشطة التجارية، وذكر أن نحو 80% من العمالة السائبة في الشوارع تحت كفالة مؤسسات وهمية، محذرا من تنامي مثل هذه الظواهر المتسببة في خسارة الاقتصاد الوطني يفقد سنويا ما يقارب نصف التحويلات المالية للوافدين أي نحو 45 مليار ريال، مبديا أسفه أن بعض المواطنين المتسترين يحصلون على ما بين 500 و4000 ريال شهريا، تشكل نحو ثلث الدخل الكلي الصافي لنشاط المتستر عليه. «التجارة»: اكتشاف حالات يوميا وأوضح مصدر مسؤول في فرع وزارة التجارة بالباحة، أن الوزارة والجهات الحكومية المشاركة في مكافحة ظاهرة التستر، تكتشف يوميا العديد من الحالات في مجالات وأنشطة مختلفة، خصوصا في قطاع التجزئة ومحال بيع المواد الغذائية، وقطع الغيار بأنواعها، ومواد البناء والأدوات الصحية والكهربائية، ووكالات الشحن، ومحال بيع الكمبيوتر والاتصالات، ومحال التخفيضات بأنواعها، ومحال الذهب والمجوهرات، والملابس الجاهزة والأقمشة والأدوات المكتبية، وأدوات التجميل والحلاقة، والعديد من محطات البنزين، والمقاهي، بالإضافة لمؤسسات بيع المعدات والآلات والمواد الزراعية. وأكثر الأنشطة التجارية والصناعية التي سجلت معدلات مرتفعة للتستر التجاري هي البقالات الصغيرة، ومحال بيع الأقمشة، ومحال بيع الخضار والفواكه، والمخابز، والمطاعم، أما في المجال الصناعي فقد تركزت في ورش السيارات ومراكز الخدمة ومحال قطع الغيار.