كشف الصحافي خالد قاضي أنه ترك لعبة"التوقعات"لنتائج المنافسات الرياضية التي حقق فيها نجاحاً باهراً خلال سنوات مضت نزولاً عند نصائح رجال دين طالبوه بالتخلي عنها، وشدد على أنه توقف ولا يفكر في العودة إليها مجدداً. وأشار إلى أن كتّاب المقالات اليومية حرقوا أنفسهم بأفكارهم المتكررة واليومية، مؤكداً أنه لا يتصور أن كاتباً يستطيع أن يسطّر 365 موضوعاً في السنة، مبيناً أنه لاحظ أخيراً بروز إعلاميين أطلق عليهم اسم"بتاع كله"، قائلاً إن الهوس الفضائي أصاب الكثير من الصحافيين بسبب الشهرة السريعة التي يجدونها من الظهور الفضائي، مشدداً على أن هؤلاء يفتون في الطب والكرة وعلم النفس والتحكيم والتدريب والإدارة وكل شيء. وتوقع قاضي أن صحافة الإثارة الرخيصة - واصفاً إياها - أنها سحابة صيف وفقاعة صابون لن تدوم طويلاً. جاء ذلك في حوار أجرته معه"الحياة"، جاء على النحو الآتي: خالد قاضي عُرف عنه التنجيم قبل المباريات المهمة والحاسمة والنهائيات لكنه ترك ذلك تماماً... لماذا؟ - التوقعات لعبة مثيرة وتعتمد في جزء كبير منها على الحظ إلى جانب النظرة الفنية وان كان الحظ هو الأكثر تأثيراً، وهي لعبة تعشقها الجماهير ولكنها تكون محفوفة بالمخاطر عندما تحدث بالفعل ولمرات متعددة، وأنا توقفت عن لعبة التوقعات على رغم أنني كنت محظوظاً فيها بشكل كبير بطلب عدد من رجال الدين الذين نصحوني بالابتعاد عنها، ووافقتهم على هذا الرأي لأن هناك بعض الجهلة الذين يعتقدون أن هناك من يعلم الغيب ولذلك تركت موضوع التوقعات حتى لا أتسبب في أن يفكر البعض بطريقة خاطئة مع أن المراهنات موجودة في كل مكان في العالم، وآخر توقع لي كان فوز السعودية على قطر 3-1، في دورة الخليج التي أقيمت في الرياض، وبعدها توقفت ولا أفكر في العودة إليها. يقال إنك مقل في كتابات المقالات هل تعتقد أن كتاباتك غير مؤثرة ؟ - أنا ضد فكرة الكتابة اليومية لمجرد أن تظهر صورتي، وكثير من عشاق الصور والكتابة اليومية حرقوا أنفسهم بأفكارهم المتكررة والمملة، ولا أتصور أن كاتباً يستطيع ان يكتب 365 موضوعاً في السنة مهما كانت براعته، ولو أن صورة الفنانة نانسي عجرم شاهدتها يومياً لأصابتك بالملل، فما بالك بأصحاب الكتابة اليومية الذين أصبح تفكيرهم محصوراً في تغيير الصورة في كل أسبوع أكثر من اهتمامهم بتغير بعض أفكارهم، وأنا أكتفي بزاوية واحدة كل يوم سبت في الرياضية وهذا يكفي، ومع ذلك أجد صعوبة في الفكرة لأنني احرص على الطرح الجديد وأعشق أن أكون صانعاً للحدث وليس معلقاً عليه. كنت من أنصار الألعاب المختلفة في بداية مشوارك الصحافي فلماذا تركتها تسبح مع القلة؟ - عندما تكون صحافياً ميدانياً فإنك مطالب بتغطية جميع المباريات والألعاب المختلفة، ولكن عندما تصبح مسؤول تحرير فإن وجودك في المكتب للمتابعة يكون أكثر من وجودك في الملاعب، ولازلت أحب الألعاب المختلفة، خصوصاً ألعاب القوى وكرة الطائرة وقفز الحواجز للفروسية، ولا تسألني عن لعبة الاسكواش التي لو شرحوا لي عنها سنة لما فهمت ما هو الموضوع، وماذا يحدث في هذه الغرفة المغلقة. في الوقت الراهن أصبح الصحافي يعلن عن ميوله بشكل واضح وعبر كتاباته، كيف ترى ذلك؟ - الإعلان والتصريح بالميول إلى ناد معين ليس هو المشكلة، ولكن المشكلة ماذا تقدم للقراء من فكر وطرح؟ ولا أرى عيباً في إعلان الميول ولا أقلل أبداً من مكانة الكاتب أو الصحافي، لكن أن يحصر الصحافي نفسه في خدمة رئيس ناد معين أو ناد معين فهذا هو العيب، وهذا الأمر يقتل انتشار وطموح الصحافي، فأنا مثلاً أهلاوي ولا يزال كثير من الاتحاديين حتى اليوم يعتقدون بأنني اتحادي وهناك هلاليون يعتقدون بأنني هلالي وفي النهاية قد أكون قاسياً على الأهلي أكثر من غيره. لم تبق هناك مسافة بين الإعلام المرئي والمكتوب... هل تؤيد موجة دخول الصحافي في معمعة الإعلام المرئي؟ - هذا سؤال وجيه... وألاحظ في هذه الفترة إعلامي"بتاع كله"فأحياناً تجد الإعلامي يريد أن يكون معلقاً ومقدماً وصحفياً وكاتباً وناقداً وصاحب صنعتين كذاب، فما بالك بصاحب سبع صنايع والبخت ضايع"... التخصص مطلوب في مجال أو مجالين على أكثر حد، فالصحافي لا بأس أن يشارك في بعض المداخلات الفضائية وبمناسبة هذا السؤال فإن الهوس الفضائي أصاب عقول الكثير من الصحافيين على اعتبار أن باب الشهرة فيه أسرع، وأحياناً أشاهد بعض الصحافيين يظهر في ثلاث قنوات يومياً ولديه استعداد أن يفتي في كل شيء في الطب والكرة وعلم النفس والتحكيم والتدريب والإدارة... ولو طلبت من بعض الصحافيين الرياضيين المشاركة في ندوة أضرار العادة السرية لشاركوا في الموضوع حباً منهم في الظهور على الشاشة. بصراحة أصبحت للأندية الكبيرة صحف معينة بذاتها إلا الأهلي ما زال بعيداً عن هذه الموضة... هل يصب ذلك في مصلحته؟ - موضة صحف معينة لأشخاص بعينهم أو لخدمة ناد معين هي مجرد فقاعة صابون لن تدوم طويلاً... وصحافة الإثارة المبالغ فيها حتماً ستزول، لأن التوجه الحديث للإعلام هو تقديم المعلومة، فالإثارة الرخيصة وإثارة النعرات والهبوط بالكلمة الراقية إلى أدنى مستوى لن يكون إلا سحابة صيف، لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض وأما الزبد فيذهب جفاء... والأهلي من الأندية التي تبحث عنها الصحافة ولا يبحث هو عنها، ولكل شخص وناد تركيبته معينة فهناك من جاء من أجل الشهرة وحقق ما يريد، ولكن لا يصح إلا الصحيح ولا يمكن للباطل أن يهزم الحق وهذه سنة الله في الكون منذ أن خلق الله آدم وحتى يرث الأرض ومن عليها لأن الباطل كان زهوقاً. ضاعت أقلام أصحاب الخبرة وسط موجة الفضائيات... فقليلو الخبرة أضحوا أكثر وجوداً في الفضائيات من الأسماء الرنانة في عالم الصحافة؟ - الصحافة والإعلام موهبتان ولا تقاس بطول السنوات والعمل في المجال، فهناك معلقون موهوبون ولهم قبول عند المستمعين والمشاهدين، وكذلك في الصحافة فالأقدمية لا تعني الأفضلية، خصوصاً أن اكتساب المعلومة اليوم أصبح بمجرد"تكة"زر على موقع"قوقل"بعكس أيام زمان. كثير من نجوم كرة القدم السابقين دخلوا مجال التحليل الرياضي في الفضائيات... هل تعد هذه الظاهرة صحية، أم أن النجم السابق لا يملك مقومات التحليل ويلعب كما يقولون باسمه في استوديوهات التحليل؟ - الشهرة دائماً لها بريقها ولرأي صاحبها تأثير في الآخرين، إذ يقال إن فلان قال وقال... وهناك محللون حققوا نجاحات باهرة على رغم أنهم لم يمارسوا الكرة على الطريقة نفسها، وهناك مدربون حققوا شهرة عالمية ولم يكونوا نجوماً كباراً في الملاعب والعكس صحيح... وأتصور أن هناك مبالغة في منح وقت كبير لتحليل المباريات قبل المباراة وخلال الشوطين وبعد المباراة, وأصبحت العملية مملة ومزعجة، واعتقد أن العمل الميداني من داخل ارض الملعب هو الأهم، لأن نجاح القناة الفضائية يكمن في نجاحها في نقل الملعب إلى منزل المشاهد أو نقل المشاهد إلى ملعب الحدث، مع مطالبتي بزيادة ثقافة المراسلين الفضائيين في طريقة طرح الأسئلة، وألا تكون الإثارة هدفهم الوحيد، لأن الناس كما أسلفت أضحت تبحث عن المعلومة أكثر من الإثارة. خالد قاضي... لمن يقرأ؟ - في زمن القنوات الفضائية التي أصبحت بالمئات وانتشار المحاضرات التوعوية والدينية عبر الكاسيت أرى ان زمن القراءة انحسر كثيراً، وأنا أفضل البرامج الوثائقية والبرامج التي تُعنى باللغة العربية والإعجاز البلاغي والعلمي في القرآن من خلال الفضائيات، لان التأثر عبر السمع والمشاهدة يكون أكثر قوة من القراءة. هل أصبحت متشبعاً من الصحافة الرياضية؟ - الصحافة كل يوم فيها شيء جديد، وهو عمل ليس مكرراً، ومن يعشق مهنته لا يشبع ولا يمل منها، والصحافة الرياضية ممتعة بشرط التنويع وعدم حصر عملك في ناد واحد، وتعرف متى تبتعد عن الصحافة في إجازة قصيرة أو إجازة نهاية الأسبوع بشكل كامل، وتزور أصدقاء لا علاقة لهم بالرياضة حتى تعود بعد الإجازة وأنت أكثر حماسة للعمل. بصراحة أكثر... هل هناك فرق بين صحافة زمان وصحافة الألفية الثالثة؟ - صحافة الألفية الثالثة هي صحافة النت والمواقع و"قوقل"، ولا تعترف بالورقة والقلم، أما صحافة زمان فكانت معاناة وتعباً، ومع ذلك قدمت المواهب والمفكرين وليس الصحافة المعلبة والجاهزة ولكل وقت ظروفه، والمهم هو تواصل الأجيال فالجيل القديم لا يجب أن يشعر بأنه أفضل، وكذلك الجيل الحالي لا يستطيع أن يهمش خبرة من سبقه في الحياة، وفي الصحافة بل وفي كل مجال الخبرات تكمّل بعضها البعض، وكما يقول مدربو فرق كرة القدم فالخبرة تحتاج لحماسة الشباب والعكس كذلك. من وجهة نظرك، هل تتحمل الصحافة الرياضية مطبوعات متخصصة جديدة؟ - إذا كان لابد من ظهور مطبوعات رياضية متخصصة فلا بأس، والعملية ليست بالكم ولكن يجب أن تكون بالكيف. يقولون والعهدة على الراوي انك ستعلن اعتزالك الصحافة الرياضية عما قريب؟ - إذا أردت أن تعرف الحقيقة حول ما إذا كنت ساستمر في الصحافة او اعتزل فان عليك مراجعة التأمينات الاجتماعية، حتى تعرف موعد اعتزالي والصحافي لا يستطيع أن يعتزل الصحافة حتى وان اعتزل الوظيفة الصحافية. الاحتراف الصحافي في المملكة هل ما زال محفوفاً بالمخاطر؟ - العمر وهو حياة الإنسان غير مضمون... فلماذا يتخوف كثير من الشباب من التفرغ للعمل الصحافي فالأمور مطمئنة في ظل وجود مؤسسات وشركات صحافية محترمة ومعتمدة من الدولة، وهناك نظام العمل والعمال والتأمينات والحقوق محفوظة - بإذن الله - في هذا الوطن، وأتمنى من كل من يجد في نفسه رغبة في العمل في الصحافة ألا يتردد في التفرغ، لان هذا يجعله أكثر عطاء وصفاء للذهن، المهم أن يكون عاشقاً للصحافة، وليس باحثاً عن راتب ووظيفة. الانتخابات الرياضية للاتحادات خطوة إلى الأمام لكن لماذا هناك من يتخوف منها؟ - الحكم على الانتخابات الرياضية للاتحادات الآن سابق لأوانه... وأية تجربة لا يمكن لأحد أن يحكم عليها وهي على ورق أو لم تنفذ بعد... والتجربة الميدانية ستكون هي الحكم الحقيقي على نجاح هذه التجربة أو فشلها، وكل ما أخشاه أن تكون صورة مكررة من انتخابات المجالس البلدية التي سمعنا لها جعجعة ولم نر لها طحناً. ممَ يخاف خالد قاضي على صحافتنا الرياضية في الوقت الراهن؟ - أخاف عليها من إثارة النعرات والعنصرية البغيضة، والرياضة مجال خطير جداً، وله وجهان، ويجب أن نتعامل معها بحرص، والا نجعلها فرصة للحاقدين على هذا الوطن، حتى وان كانوا من أبنائه لكي ينفثوا سمومهم في جسد الوطن بدعوة حق يراد بها باطل... والرياضة تنافس وترفيه، ويجب ألا تتجاوز هذه الحدود، ولا نريد أن نترك من أساء الأدب يسرح ويمرح تحت بند امن العقوبة.