الثورة التكنولوجية خصوصاً ثورة الاتصالات من أهم التطورات التي يعيشها العالم اليوم، والتكنولوجيا عموماً، وتكنولوجيا الإنترنت والاكسترانت خصوصاً، بإمكانها تحسين الممارسة والمعاملات القانونية والقضائية، ومن بين الاكتشافات التكنولوجية الحديثة التي ستغيّر غداً عالم القضاء، ما يمكن تسميته بالمحاكم الإلكترونية أو المحاكم المعلوماتية! وفي هذا المقال أحببت أن أبيّن أبرز معالم التقاضي الإلكتروني، وذلك بسبب البطء المشاهد في محاكمنا في تعاملها مع القضايا، ما يصيب المترافع بالملل بسبب ما تنوء به المحاكم من كم هائل من الوثائق، التي يتم تداولها أثناء عملية التقاضي، على أن يسهم التقاضي الإلكتروني في تقليل المهام الإدارية الملقاة على عاتق القاضي، وتقليل الحشود والتجمع الكبير في المحاكم. أولاً: ماهية التقاضي الإلكتروني: يقصد به عملية نقل مستندات التقاضي الكترونياً إلى المحكمة عبر البريد الإلكتروني، إذ يتم فحص هذه المستندات بواسطة الموظف المختص، وإصدار قرار بشأنها بالقبول أو الرفض وإرسال إشعار إلى المتقاضي يفيده علماً بما تم بشأن هذه المستندات، في الولاياتالمتحدة الأميركية - مثلاً - يتم رفع الدعوى إلكترونياً عبر موقع الكتروني خاص تملكه شركة خاصة يقع مركزها الرئيسي في مدينة سانتا بربرا في ولاية كاليفورنيا، وقد بدأت في تشغيل هذا الموقع في غضون شهر سنة 1999. ولعل نظام رفع الدعوى بطريقة الكترونية يثير التساؤل حول مدى صحة قبول المستندات والمحررات الإلكترونية في التقاضي، ولهذا حاول الفقه جاهداً تطبيق المفاهيم الجديدة في الإثبات الإلكتروني على قواعد الإثبات القائمة بالفعل، ولم يدخر الفقه والقضاء جهداً في سبيل إيجاد الحلول للاعتراف بالتوقيع الإلكتروني والإقرار بحجيته، عن طريق تطويع قواعد الإثبات التقليدية، لتلائم وسائل الإثبات الإلكتروني، وإزاء هذا الوضع، بدأ الفقه يتساءل عن مدى الحجية القانونية التي يمكن لقانون الإثبات أن يمنحها للتوقيع الإلكتروني؟ وهل القواعد التقليدية لقانون الإثبات تستطيع منح القوة الثبوتية للمستندات الإلكترونية بالدرجة ذاتها التي تمنحها للمستندات الورقية؟ وهل ستترك للقاضي حرية تقدير قيمة الدليل الإلكتروني؟ ثانياً: بيانات صحيفة الدعوى الإلكترونية: يتعين على المدعي عند إعلان صحيفة الدعوى الإلكترونية أن تكون مشتملة على البيانات الآتية: 1- اسم المدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وصفته وموطنه. 2- اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً فآخر موطن كان له. 3- تاريخ تقديم الصحيفة. 4- المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى. 5- بيانات موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن فيها. 6- وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانيدها. ثالثاً: رفع الدعوى الإلكترونية وقيدها: وهناك أمور تجب مراعاتها، وأخذها في الاعتبار عند تنفيذ مشروع التقاضي الإلكتروني ورفع الدعاوى عن بعد، منها: 1- تصنيف القضايا التي يمكن تسجيلها إلكترونياً وتحديد أنواعها، وكذلك بيان الوثائق والمستندات التي يمكن قبولها إلكترونياً. 2- تحديد الأشخاص المصرح لهم بالدخول إلى نظام المعلومات وتسجيل الدعاوى والاطلاع عليها كالقضاة وموظفي المحكمة والمحامين والخبراء، وغيرهم من الأشخاص الذين لهم علاقة بالدعوى، وذلك بغرض منع الأشخاص غير المرخص لهم من اختراق نظام المعلومات، والاطلاع على مستندات الدعوى التي قد تكون سرية. 3- تحديد وبيان الإجراء الذي يستخدم في تسجيل المحامين والمتقاضين والتحقق من شخصيتهم، والذي يتضمن إدخال المستخدم وكلمة المرور الخاصة به. وترفع الخصومة الإلكترونية أمام القضاة، كما هي الحال في الوضع التقليدي، بموجب ورقة من أوراق المرافعات تسمى صحيفة الدعوى، إلا أنه في الخصومة الإلكترونية تكون صحيفة الدعوى محررة على مستند الكتروني ويتم إرسالها إلى قسم الإحالات في المحكمة المختصة من خلال شبكة الإنترنت عبر البريد الإلكتروني حيث يتم قيدها. رابعاً: خصائص التقاضي الإلكتروني: يقدم استخدام المستندات والوثائق الإلكترونية مميزات عدة منها: 1- تخصص تداول وتخزين الملفات الورقية للدعاوى في المحاكم بما يترتب عليه من رفع الكفاءة وخفض التكاليف. 2- قلة فقد ملفات القضايا أو حفظها في مكان خطأ، وخفض مساحة أماكن تخزين الملفات في المحاكم. 3- ارتفاع مستوى أمان سجلات المحكمة لأن الوثائق والمستندات الإلكترونية أكثر صدقية وأسهل في اكتشاف أي تغيير أو تحوير فيها، بجانب سهولة الاطلاع عليها والوصول إليها. [email protected]