مساكين هم كثير من إخوتنا أئمة ومؤذني المساجد، الذين دائماً ما يتعرضون لمساءلات ويدخلون في سجالات ونقاشات وإحراجات هم في غنى عنها مع كثير من المصلين. فناهيك عن أن هناك من يحسدهم لخشوعهم، ولتمتعهم بهداية الله لهم وبحبهم للمسجد، هناك أيضاً من يحسدهم على توافر المسكن الصغير المبروك الذي تضمنه وظائفهم كأئمة أو مؤذنين في المساجد. بل لا يتوانى بعض المصلين عن أن يشهق عندما يعرف أن إماماً أو مؤذناً ما له وظيفة أخرى غير وظيفته في المسجد! وتجد هذا الذي"شهق"يملك من المال ما يكفي لبناء مستشفى تخصصي لعلاج"الشهقة"! هناك عينات من البشر، يتحدثون مع الأئمة والمؤذنين بفظاظة وبصيغة النهي والأمر، وبصوت عال، فتسمع من يطلب من الإمام تأخير الإقامة، وبعضهم يتذمر من تأخيرها! وآخر يطلب من المؤذن خفض صوت الأذان... وآخر يشتكي من عدم سماعه الأذان! بل وآخر يشتكي من برودة تكييف المسجد وآخر يتأفف من تصببه عرقاً! وكأنهم يتحدثون مع أناس يعملون عندهم! ولا يعلمون أن معظم هؤلاء الطيبين هم من حفظة كتاب الله، بل ان كثيراً منهم إما أن يكون عالم دين أو طالب علم على أقل تقدير، والعلماء ورثة الأنبياء. وقد تتمنى في كثير من الأحيان أن تتشرف بخدمتهم. كثر هم الذين يجهلون قدر الأئمة والمؤذنين وفضلهم الكبير عند الله ورسوله، وفي عشرات الأحاديث النبوية يتبين لنا ذلك الفضل العظيم. وأتألم كثيراً عندما أرى فلسفة بل وأحياناً تطاول كثير من المصلين على هؤلاء الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني أو دلني على عمل يدخلني الجنة قال: "كن مؤذناً". قال: لا أستطيع. قال: "كن إماماً"قال: لا أستطيع. قال: "فقم بإزاء الإمام". رواه الطبراني في الأوسط. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أقسمت لبررت، إن أحب عباد الله إلى الله رعاة الشمس والقمر - يعني المؤذنين - وإنهم يُعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم". وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف"رواه أحمد. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين"، قالوا: يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان... إلى آخر الحديث"رواه البزار ورجاله كلهم موثقون. وهنا، وجب علينا توقير الأئمة والمؤذنين واحترامهم وتقدير تضحيتهم، إذ إنهم سخّروا وقتهم وجهدهم لخدمة بيوت الله ومرتاديها، ولم يحرصوا مثل الكثير من المصلين على التجارة وغيرها من متع الدنيا وملهياتها التي يهرول ويركض وراءها كل من يفرغ من صلاته، ويبقى الإمام والمؤذن منشغلين جل أوقاتهما بحاجات بيت الله والانشغال بكتابه الكريم. فعن بلال أنه قال: يا رسول الله إن الناس يتّجرون ويبيعون معايشهم ولا نستطيع أن نفعل ذلك، فقال: "ألا ترضى أن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة". رواه الطبراني في الكبير والبزار بنحوه، ورجاله موثقون. [email protected]