كثيراً ما نسمع ونشاهد في المرافق العامة جملة"ممنوع التدخين"، خصوصاً في المطارات، بحيث لا يمكنك أن تمر من جهة أو مكان من أمكنة المطار إلا وتلاحظ ملصقاً إعلانياً يفيد بعدم التدخين! بل وتجد أكثر من ذلك، فعطفاً على الشاشات الإلكترونية التي توضح وتعلن عن منع التدخين بحسب الأنظمة السعودية، وتبين كذلك مضارها الصحية وخسائرها المادية والاقتصادية على المجتمع! أقول عطفاً على ذلك نسمع إعلانات متكررة من خلال مكبرات الصوت تفيد بأن"أنظمة الخطوط الجوية العربية السعودية"تمنع التدخين على رحلاتها الجوية وداخل صالاتها بالمطارات، ولكن! ويا حسرتي من لكن! هل من مستجيب؟ وهل من متعظ؟ وهل هناك ضوابط وأنظمة وجزاءات رادعة لمن يخالف تلك الأنظمة التي أكل عليها الدهر وشرب! أيها الأخوة والأخوات لا أخفيكم سراً إذا قلت لكم إن تلك الملصقات الإعلانية والنشرات الإذاعية هي نتاج حقبة سابقة وعتيقة لم تشهد تطوراً أو تغييراً حتى على نغمة الصوت! فالملصقات مضى على تركيبها على جدران صالات المطار مدة زمنية كبيرة والتسجيل المشفر الذي أكاد أجزم بأن صوت صاحبه تم تركيبه على الجهاز خلال العقد الماضي. ما جعلني أكتب عن هذا الموضوع هو ما أشاهده خلال جولاتي المتكررة على مطاراتنا الموقرة، خصوصاً فترات الصيف، وأرجو ألا يفهم من كلامي أنني كثير الأسفار أو من هوامير"السفر والسياحة"، ناهيك عن"هوامير الأسهم"! ولكن لظروف ومتطلبات العمل فإنني كثيراً ما أكون موجوداً في المطارات، خصوصاً مطار الملك خالد في الرياض والملك عبدالعزيز في جدة، وما يحزن له القلب ويندى له الجبين هو تلك المشاهدات التي ضربت بالنظام عرض الحائط ناسية أو متناسية تلك اللوحات الإرشادية التي تمنع التدخين. سأكون صادقاً معكم بأن أول من يخالف تلك التعليمات والأوامر هم موظفو الخطوط السعودية، والله على ما أقول شهيد، مروراً بالموظفين أو أصحاب المحال التجارية داخل صالات المطار! أين المشرف المناوب؟ أين مسؤول الأمن؟ أين المدير المناوب؟ أين المدير التنفيذي؟ أين الجهة الرقابية للمطار التي من أهم واجباتها متابعة تنفيذ ومراقبة ما يصدر من تعليمات ومنع وقوع المخالفات! في إحدى المرات وأنا أنتظر وصول حقائبي على إحدى الرحلات، وقف بجانبي رجل"جنتلمان"وذو ربطة عنق وردية، بمعنى انه رجل يحمل الجنسية العربية ومن دولة عربية شقيقة، تميزت بفنون الدعاية والتسويق، وقف بجانبي"واستل"بكت الدخان من جيب بنطلونه الزاهي وقام بإشعال السيجارة، قلت له مازحاً يا عزيزي ألم تشاهد ذلك الملصق الذي يفيد بمنع التدخين؟ رد عليّ بابتسامة لا تخلو من المكر أو الاستهزاء بما قلته عن تلك اللوحة، وقال لي بعد أن أخذ نفساً من ذلك الدخان وقام بإخراجه على شكل إعصار متقطع! يا أخي شو يعني! كل الناس هون يدخنون ولا أحد يحاسبهم؟ وبعد لحظة من الانفعال الداخلي والضيق الخارجي الواضح على محياي انسحبت في صمت من جانب ذلك الأخ العزيز، وأنا أجر أذيال الخيبة والألم مما وصل إليه حالنا الرقابي، وأن كل ما يكتب أو يقال لا يقدم قليلاً بل ربما يؤخر كثيراً! أرجو ألا أكون قد قسيت على جزء مهم من قطاعاتنا المهمة التي تعتبر من الخطوط الأمامية لمقابلة الجمهور، ولكن الحديث يطول عن المرافق العامة وخدماتها المقدمة ودرجة ونوعية الخدمة ومدى ملاءمتها لرغبات وميول الجمهور المستهدف. سعود بن غانم العابسي طريب Saud [email protected]