كم وراء القضبان من مظاليم! ولكن يصح أيضاً ان يقال ان وراءها اشقياء أكثر، وربما كان ذلك قدر صديق تركستاني و?"خمسة قندهار"الذين يرسفون في قيود السجان الأميركي في خليج غوانتانامو منذ خمس سنوات، بعد سنين من معاناتهم في سجون حركة"طالبان"، التي ارتابت في نياتهم ورمتهم بالتجسس. واجه تركستاني محققين صارمين من تنظيم"القاعدة"في غرفة طينية شرق أفغانستان، بعد وصوله إلى هناك بأيام في عام 1997: هل أنت جاسوس إسرائيلي؟ لماذا جئت إلى أفغانستان؟ ما رتبتك العسكرية؟ هل أتيت لاغتيال أسامة بن لادن؟ وبعد شهر من التعذيب والضرب المبرح اضطر تركستاني إلى الإجابة على محققي"القاعدة"بما يريدون سماعه، فزجوا به في أحد سجون"طالبان"المظلمة نحو خمس سنوات. غير ان محنة تركستاني الحقيقية لم تنته بإطاحة الجيش الأميركي بنظام"طالبان"في 2001، بل الواقع أنها بدأت مع تلك النهاية الدموية للحركة المتحالفة مع"القاعدة"، فقد سارع الغزاة الأميركيون بنقله إلى سجن قاعدتهم البحرية في خليج غوانتانامو في كوبا، باعتباره عميلاً ل?"القاعدة"التي ظلت تسومه شتى اصناف العذاب طوال السنوات الخمس التي سبقت الغزو. وتركستاني، على رغم فداحة مأساته التي تكاد تدخل عامها الحادي عشر، ليس"الشقي"الوحيد وراء قضبان غوانتانامو. فقد أظهر تحقيق أجرته وكالة"اسوشييتد برس"أن هناك تسعة سجناء على الأقل في غوانتانامو نقلوا من قيود"طالبان"إلى أغلال"العم سام". وعلى رغم انهم خضعوا للتعذيب على أيدي سجاني"طالبان"بدعوى انهم أعداء وخصوم وجواسيس ومدبرو جرائم اغتيال، الا ان الولاياتالمتحدة كافأتهم بمنحهم صفة"مقاتلين أعداء". وذكرت الوكالة الأميركية ان أربعة من السجناء التسعة أعيدوا إلى بلدانهم من دون ان توجّه إليهم واشنطن أية اتهامات، فيما لا يزال ثلاثة منهم وراء قضبان السجن الأميركي الشهير في غوانتانامو. أما الاثنان المتبقيان فإن وضعهما غير معروف. أحد أولئك السجناء"الأشقياء"عبدالحكيم بخاري، وهو سعودي الجنسية يقر بأنه ذهب إلى أفغانستان على أمل الانضمام إلى قوات"طالبان"في"الجهاد"ضد القوات الأميركية. لكنه ارتكب"خطأً بسيطاً"في أول معاينة أجراها معه مسؤولو"طالبان"، فوأد الخطأ آماله بمواجهة الأميركيين في ساحات القتال. كان خطأ بخاري انه ذكر لمضيفيه الأفغان أنه يكنّ احتراماً لزعيم التحالف الشمالي المناوئ ل?"طالبان"أحمد شاه مسعود. وقال أحد المحامين الغربيين الذين يدافعون عنه، إن بخاري اعتقد ان الأميركيين عند دخولهم أفغانستان سيحررونه من سجن"طالبان"، ليجد نفسه في زنزانة انفرادية في سجن غوانتانامو. واحتجزت"طالبان"خمسة من السجناء التسعة، هم تركستاني وبخاري وجمال الحارث بريطاني وأريات فاختوف روسي وعبدالرحمن رزاق سوري، في سجن مظلم في مدينة قندهار، ما حدا بالمحامين الذين يدافعون عن معتقلي غوانتانامو إلى تسميتهم"خمسة قندهار". ولم تُعرف حتى اليوم أسباب احتجاز هؤلاء الرجال في غوانتانامو. لكن عدداً منهم قالوا إن رجال"التحالف الشمالي"المناوئ ل?"طالبان"باعوهم إلى الأميركيين. وقال تركستاني بمرارة لا تخفى، إن المرارة الناجمة عن سنواته في غوانتانامو تفوق شعوره بالمرارة من جراء سنوات التعذيب في سجن قندهار. ونفى نفياً مطلقاً أنه كان"إرهابياً"أو مؤيداً ل?"طالبان"، أو"القاعدة". كما نفى أن يكون خطط لاغتيال ابن لادن. يذكر أن تركستاني 35 عاماً ولد في السعودية لأسرة من أصل"آسيوي". وقال ل?"اسوشييتد برس"إنه يخطط للزواج وبدء عمل تجاري خاص به. وأضاف أنه يكره الجيش والادارة الاميركيتين بسبب ما فعلوه به، لكنه قال إنه أيضاً يكره أسامة بن لادن ويعتبره"عدواً للإسلام". وطبقاً للوكالة، فإن عبدالحكيم بخاري في العقد السادس من عمره، وقد أبلغ"محكمة تحديد الوضع"التي انعقدت في غوانتانامو لمراجعة تصنيفه ك?"مقاتل عدو"، بأن المعاملة في غوانتانامو بالنسبة إليه"فردوس"في مقابل المعاملة التي ظل يلقاها من رجال"طالبان". وذكرت"أسوشييتد برس"أنه أكد عدم تعرضه لمضايقات إلاَّ من جانب بعض زملائه السجناء الذين يتهمونه ب?"النفاق".