أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    الدنمارك لواشنطن: «غرينلاند» ليست للبيع    تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور إلى 30 يوماً من أول مارس    البنك السعودي الأول يسجل نسبة نمو 15% في صافي الدخل ليحقق مبلغًا تاريخيا ب 8.1 مليار ريال عن عام 2024    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    طاقم تحكيم سعودي يقود لقاء العين والريان في كأس الأبطال للنخبة    28 فبراير آخر يوم للاستفادة من مبادرة الإعفاء من الغرامات والمخالفات    تدشين برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة الأشقاء في سوريا    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    لمسة وفاء.. الدكتور محمد بن عبدالله آل دخيش القحطاني    الهدنة ومصير الحرب على طاولة نتنياهو وترمب الثلاثاء    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    الرئيس السوري يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه أمير المنطقة    الجامعة الإسلامية تُطلق فعاليات "أسبوع البحث العلمي السادس"    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    أبو الغيط يأمين الجامعة العربية دعو العلماء العرب لوضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع المصالح العربية    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق    اليابان تطلق صاروخًا يحمل قمرًا صناعيًا لتحديد المواقع الجغرافية    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    "سلمان للإغاثة" يوزع 500 سلة غذائية في عدة مناطق بجمهورية بنغلاديش    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    توقيع مذكرة تفاهم «الجسر السعودي-الألماني للهيدروجين الأخضر» بين «أكواباور» و«سيفي»    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    مواقف تاريخية للسعودية لإعادة سورية لمحيطها العربي    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    الأهلي يعير «ماكسيمان» لنابولي الإيطالي    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    ضمن نزالات UFC في «موسم الرياض».. «إيماموف» يحسم مواجهته مع «أديسانيا» بالضربة القاضية    رصاص الاحتلال يقتل المسنين وعشرات يقتحمون الأقصى    أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات بشأن قصف مدنيين    تعزيز استقلالية المملكة في الأنظمة والصناعات العسكرية    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    الأسرة في القرآن    تفسير الأحلام والمبشرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحسد في مجتمع متغير
نشر في الحياة يوم 05 - 06 - 2007

هناك طرق عدة توصل للكراهية، ولعل الحسد هو أقصرها على الإطلاق، والحسد لغة عالمية قديمة قدم الإنسان، ولكن انتشارها وتأثيرها على المجتمع يختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر. اليوناني أرسطو شعر بالتأثير السلبي للحسد على الأفراد والمجتمع قبل آلاف السنين، وكتب في ذم هذه الخصلة، بأن الحسود يأكل نفسه كما يأكل الصدأ الحديد. وكتب فيلسوف آخر أن الحسود يصاب بالهزال من سمنة الآخرين، وعندما أتى الإسلام حذر من هذه الآفة، فالقرآن الكريم يعلمنا أن نتعوذ من شر حاسد إذا حسد، والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الحسد، لأنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، كما يبشرنا عليه الصلاة والسلام بأنه لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا.
هناك علاقة غير شرعية تربط بين الحسد وبين الطموح للأحسن والأفضل. فالإنسان عندما يكون لديه حد معقول من الطموح، ويرى الآخرين في أفضل حال منه، لا بد أن يتساءل لماذا هم وليس أنا؟ ولا بد أن يفكر ما الذي ينقصه ليكون مثلهم، في الوضع المثالي، والذي لا يحدث غالباً، فإن هذه التساؤلات ستدفعه لإدراك الحقيقة البسيطة والواضحة وضوح الشمس، وهي أن هناك ثمناً باهظاً من التعب والآلام يدفعه الإنسان إذا أراد التفوق والنجاح في هذه الحياة، لا يأتي النجاح إلا ومعه ملصق صغير كتب عليه الثمن الذي يتوجب دفعه.
المشكلة الأكبر أن غالبية من لم يعرفوا النجاح لا يستطيعون رؤية هذا الملصق، فهم عادة لديهم تفسير واحد للنجاح يناسب جميع المقاسات وهو الحظ والحظ وحده. لعل هذا القصور في الإدراك هو ما يدفع الطموح في الاتجاه الخاطئ نحو الاقتران غير الشرعي بالحسد، مفارقات حادة تحدث كل يوم تصدمنا ولكننا نتجاوزها على عجل من دون التنبه للمعاني والعبارات التي تنطوي عليها.
أخبرني مدير إحدى المؤسسات الضخمة التي يبلغ رأسمالها بلايين عدة، أنه يغبط أخاه الذي يعمل مدرساً على أسلوب حياته، فهو ناجح في عمله ولديه استراحة يتردد عليها هو وأبناؤه، ويملك سيارة جيب مجهزة للنزهات البرية، يقول كل مرة أقابله يخبرني عن طرفة جديدة حدثت له مع أبنائه، أو عن مكان مثير اكتشفه خلال نزهاته البرية، ويؤكد بمرارة أنه لو استطاع التنازل عن كل الأموال التي يحصل عليها، وأن يعيش قريباً من عائلته، وأن يفعل كل الأشياء التي تجلب له السعادة لفعل ذلك من دون تردد، ولكن الوقت الآن أصبح متأخراً، أخبرني أنه للتو عائد من لندن بعد أن أجرى فحوصات طبية بعد أن تفاقمت مشكلة ضغط الدم التي ظهرت فجأة، على رغم أنه في منتصف الأربعينات، ابتسم وهو يخبرني أن المضحك أن الجميع يحسدونه هو وليس أخاه، على رغم أن أخاه الذي يكبره في السن بصحة أفضل منه وبسعادة نفسية وعائلية تفوق ما يعرفه هو بمراحل، لو نظر الإنسان حوله بتمعن لاكتشف عشرات القصص المشابهة.
الحسد كظاهرة اجتماعية يتفاوت انتشارها بين مجتمع وآخر، تستمد قوتها من فكرتين خاطئتين، الأولى هي أن النجاح مجرد حظ ومصادفة تحدث للبعض من دون سواهم، فالوعي يقصر عن إدراك المصاعب والآلام التي يتكبدها الناجحون في سبيل تحقيق أهدافهم، فالإدراك الحقيقي لكلفة النجاح في أي مجال يذيب الشعور السلبي بالحسد ويصنع منه شعوراً إيجابياً بالتعاطف والتقدير، والفكرة الأخرى التي تُبقي شعلة الحسد متقدة هي فكرة النفور المبالغ فيه من التميز والاختلاف، فالثقافة السائدة تنظر للاختلاف والتمايز بين الأفراد بسلبية بالغة، وتعتبر أي محاولة لإبراز الفروقات الفردية شذوذاً عن القاعدة. في مثل هذه البيئة يسعى الفرد دوماً لإخفاء اختلافه وتميزه عن الآخرين، وفي الوقت ذاته ينظر بارتياب لأي تميز أو اختلاف قد يبدو على أحد ما، ولعل هذه الظاهرة تكون أكثر وضوحاً في القرى والمجتمعات الصغيرة، إذ ترتفع منزلة التشابه والتماثل بين الأفراد إلى مكان يقترب من أن يكون مقدساً في العرف الاجتماعي.
يقول أحد الحكماء إنه لا يتوجب عليك أن تشعر بالغضب عندما يحاول أحدهم التقليل من حجمك أو الانتقاص من قيمتك، لأنه قد لا يقصد الإساءة إليك، وإنما يحاول فقط أن يجعل حجمك قريباً من حجمه.
فالرغبة في التماثل تكون أحياناً أحد الأزياء التنكرية للحسد، وأحياناً تكون هناك أزياء أخرى، فعلى سبيل المثال تقول إحدى السيدات إن لديها حساسية مفرطة من معاطف الفرو الفاخرة، فقد لاحظت أنه في كل مرة ترى سيدة ترتدي أحد هذه المعاطف الباهظة الثمن فإنها تشعر بحكة شديدة وحساسية مفرطة في كل جسدها، لذلك فهي لا تطيقها.
وأخيراً لعل العزاء الحقيقي للإنسان عندما يكون فقيراً وصادقاً يكدح في لقمة عيشه، أنه على الأقل يسلم من الحاسدين فليس لديه ما يغري.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.