سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قالت ل "الحياة" إن المناخ العلمي مصاب بأمراض مزمنة ... وطلبة الجامعة عاجزون عن التعبير بلغة عربية سليمة . فوزية البكر :المرأة تكبرلكنها معوقة عاطفياً واجتماعيا ... والمشاركة النسائية مجرد "ديكور" !
فوزية البكر الحاضرة الغائبة ... تختفي عن المشهد كثيراً... وعندما تطل ننسى كل غياب مارسته. هي عنوان للابداع في كل حالاته... شخصيتها قوية وقتها حرمها من بعض مباهج الدنيا. أجمل ما في الدكتورة فوزية انها حرة في كل شيء... وتتنازل عن كل شيء الا حريتها... لأنها تؤمن ان حريتها هي آخر مكتسباتها ولو فقدتها ستفقد كل شيء. في الثمانينات لمع نجمها وبدا الكل يسأل عنها. وفي التسعينات خاضت حروباً في كل اتجاه... ظُلِمت كثيراً وحُرمت من فرص اكثر. ولأن الصفعات تجعل الإنسان أقوى... تخطت الدكتورة فوزية البكر كل شيء وصنعت لها مجداً يليق بها... أكاديمية متفوقة ستصافح الاستاذية قريباً... وكاتبة ذات رأي حر... وباحثة تقدم للمجتمع رؤاه وتدله على سلبياته... وقبل ذلك ربة أسرة ولا أروع. فوزية البكر نموذج للمرأة السعودية التي على رغم كل شيء تقول انا هنا... ولأنها هي... حرصنا هنا في صحيفة"الحياة"على ان نستعرض تجربتها ونتلمس آفاق معالم حياتها. بداياتك... هل كانت تخبر بما وصلت إليه الآن؟ - في ما أظن والى حد كبير. كنت ذلك المخلوق المليء بالأسئلة القلقة حول الحق الإنساني للضعفاء. أيام دراستك الجامعية كانت المرأة تتمتع بهامش حرية أكثر... من سرق منكم حريتكم؟ - هل كانت حقاً؟ لا أظن! أية حريات تتحدث عنها؟ الحريات تراكمية... وهي مسألة ثقافية لا تحدث بين يوم وليلة كما لا يمكن سحبها أيضاً بين يوم وليلة. هي أصلاً لم تكن موجودة لتسحب! ما حدث هو أن التيار المتشدد زاد قوة وتمكناً وظهوراً على الساحة فعمل على محاصرة التطورات التي كانت تحدث بشكل تدريجي للمجتمع ككل وللمرأة كجزء من هذا المجتمع ومن ثم بدا وكأن هناك تضييقاً. ما حدث هو أننا كنا نعاصر ثمار التنمية والتغير بالضرورة فتغير الناس وتغيرنا معهم غير أن القوى الأكثر تأثيراً في المجتمع كانت تحاول وبقدرة فذة لجم جماح هذا التغير فحدث الشعور بالاختناق، وبدا وكأن إنسانيتنا تسرق منها وبذا عانت من المصادرة كجزء من هذا الإرث الاجتماعي الصعب! ألا تشعرين أن النساء يمارسن دور المتفرج أكثر من دور اللاعب في قضاياهن وما يخصهن؟ - ربما إلى عهد قريب نعم، لكنني أرى اليوم الكثير من الوعي والكثير من الرغبة في المشاركة من جميع الأوساط وبالمناسبة فهذه الرغبة في المشاركة والتغيير تلمسها في المناطق والأرياف أكثر بكثير من المدن الرئيسية. ولا تنسى أن المرأة حتى لو رغبت في المشاركة فستقف العوائق الاجتماعية والأسرية والرسمية في وجهها، وبذا فمن الصعب الحكم على درجة المشاركة في ظل وضع مشلول مثل وضعنا هنا. إن مسألة المشاركة وبغياب مؤسسات المجتمع المدني ستظل فردية وتعتمد على الظرف الشخصي للمرأة أكثر من وعي المرأة نفسها أو رغبتها في المشاركة أو التغيير كما أن غياب الاستقلال القانوني للمرأة لا يمنحها القدرة على الحركة أو الوقوف في وجه المؤسسات إلا من خلال مظلة الرجل الذي معها فإذا كان متقدماً بفكره ويمنح المرأة هذه المساحة وهم كثر والحمد الله فستتحرك أو تضطر للانفصال أو أن تقبع في بيتها وتحتفظ برؤيتها لتموت مع الزمن. الصحافة أنقذتني من المطحنة بين التربية كدراسة والكتابة الصحافية كإبداع. أين تجدين نفسك أكثر؟ - أتعرف ما هي مشكلة الكتابة؟ إنها كالطعم حين تلتقطه فلا يمكن الفكاك منه، ومن ثم ومهما حدث وتنوعت الظروف المهنية والشخصية تظل الكلمة ومتابعة الحرف والقضية هي الجوهر في حياة كل من يكتب... هل يعني ذلك أن التربية لم تكن مهمة لنموي؟ بالطبع لا. في الحق وحين تم توظيفي لم نكن نملك خياراً آخر غير العمل في هذا القطاع، لكنني أحسنت إلى نفسي حين انتشلتها وبسرعة من قاع المطحنة اليومية داخل المدارس وناضلت وضحيت بالكثير حتى أملك حق التنفس داخل الأجواء الجامعية. هل كانت هذه الأجواء كما توقعتِ أو تمنيتِ؟ لا لقد كانت جزءاً من هذا المناخ العام الذي ساد أجواءنا خلال العشرين سنة الماضية فكان مليئاً بالترقب الأمني والرصد والتخوين والتصنيف كما في كل جهاز، لكنها في كل الأحوال كانت أرحم من العمل في أجهزة نسائية أخرى. التربية تتيح لك العطاء والتعامل مع البشر والبقاء في حال من الدهشة والتعلم المستمر وهذا ما أبحث عنه. لن أقود السيارة تعرضتِ في حياتك المهنية لأزمات كثيرة... أيها كان أشد عليك؟ - لقد انتهت على المستوى المحسوس المباشر. يجب دائماً أن أتذكر ذلك حتى أبقى في سلام مع ذاتي، لأنها في الحق لم تنته. أنت دائماً مصنف وستبقى كذلك وسيعترض ذلك مسارك المهني مهما كانت جودتك. أحد أشد الأزمات التي يمكنني الحديث عنها هنا كانت مع مظاهرة قيادة السيارات. ربما لم أتوقع رد الفعل القوي. ربما توقعت دعم المؤسسات العالمية ولم يحدث وبالنسبة لي، كانت فكرة البقاء بلا عمل يومي ومن دون دخل مرعبة. على أية حال أعتبر نفسي محظوظة إلى حد كبير فالكتابة كانت ملجأ رائعاً سجلت من خلاله ما كنت بحاجة إلى كتابته وتفريغه، القراءة لأمهات الكتب كانت أمنية لم أتمكن منها إلا حين تم إرغامي على ذلك! كما لم يكن قد مضى أكثر من شهر تقريباً على ولادة ابني معتز فكانت فرصة رائعة للبقاء بجانبه والاستمتاع بطفولته لسنوات! لك صولات وجولات مع الرقيب.. كيف خرجت منه بأقل الخسائر؟ - ومن منا لم يكن له هذا النصيب؟! لا أظنني تعرضت أكثر من غيري لمقص الرقيب أو عصاه المباشرة، وفي الماضي كانت الأمور أقسى بكثير... بكثير مما هي عليه اليوم، وبالمناسبة عصا الرقيب لم تكن بالضرورة حكومية، بل جاءت من مؤسسات أخرى تفترض لنفسها السلطة على الكلمة والكاتب، وهذا دفعت ثمنه من آن لآخر لكن من منا لم يفعل؟ كان لك حراك اجتماعي بارز، وفجأة انطفأ كل شيء... هل سرقتك الأبحاث والترقيات أم لديك شيء آخر؟ - الأبحاث والترقيات على رغم أنها ضرورة مهنية، لكن الفرق أنها إلى جانب ذلك عملية تعلم مستمر وباستخدام منهجية علمية هي ما ينقصنا حتى نتمكن من فهم هذا الواقع المشبع باللامنطق كما أن الحياة الجامعية تتيح إلى حد كبير وبحسب خيارات الأستاذ الكثير من الإثارة الفكرية والانفتاح على العالم والخروج عن حدود الدائر والمألوف، وهذا هو ما أعشقه على وجه التحديد. ماذا تقصد بالحراك الاجتماعي؟ أعتقد أن ما أمثله هو هو... لم يتغير بخلاف انه تطور وتطورت وسائل التعبير عنه لتكون أكثر عمقاً وأكثر واقعية في قراءة المتغيرات المحيطة وفهم حركة التغير الاجتماعي. نساؤنا والخروج عن النص الخروج عن النص متى يكون علاجاً ضرورياً؟ وأي النصوص عجزتِ عن الخروج عنها؟ - أعتقد أن ما يحدث لمجموعة كبيرة من الكُتاب والكاتبات بالأمس واليوم والذين يناضلون من أجل الدفاع عن مساحة للعقل في ظل ثقافة التسطيح وتغييب المنطق، هو خروج دائم على النص، ولا أظن أنه علاج موقت. انه اختيار دائم لا نملك الخروج عنه، لأنه هو ما نمثله في كل ما نفعل ونكتب. ما هو النص الأصعب في الخروج عليه؟ هو نص العائلة بلا شك. أعتقد أن سطوة العائلة هي الأكثر دحراً لتحولات وجنون النصوص المختلفة، إنها الرقيب الأكثر حضوراً في مجتمع يحدد خياراته من خلال العائلة والقبيلة أكثر من أية انتماءات حضارية أو تنموية أخرى. بعضهم يرى أن المرأة السعودية لا تستحق أن نضحي لأجلها، لأنها لا تقدر ثمن تلك التضحية؟ ولماذا المرأة تكره المواجهة وترفض الاستقلالية وتحب الحلول السهلة أهو بحث عن الراحة أم...؟. - كل هذه التساؤلات مرتبطة ببعضها، فلماذا تتقبل السواد الأعظم من النساء ما يقع عليهن من حيف وجور، ولماذا لا يقفن في مواجهة ظالمهن سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً؟ لأنهن ببساطة يعرفن عجز المؤسسة القانونية عن نصرتهن، لعدم وجود آليات لتفعيل حصولهن على حقوقهن. فإذا تركت المرأة زوجها على سبيل المثال وأقر القاضي بالنفقة لها ولأولادها، فما الذي سيرغم هذا المطلق أن يدفع وهو في العادة لا يفعل من دون ملاحقته قانونياً بسيل من الحجج والعوائق الاجتماعية والمادية. هناك أيضاً الطبيعة الذكورية لعالم القضاء الذي يميل إلى نصرة الرجل تبعاً للنظرة التقليدية التي تتشبث بالموروث وبالسائد في النظرة إلى المرأة، ولدورها ولوظائفها ومن ثم قد يصعب على قاض مهما تمتع بخبرة عميقة في المجال القضائي أن يتخلص من موروثه الاجتماعي والثقافي عند الحكم على القضايا ذات العلاقة بحقوق المرأة مثلاً في العمل أو تحديد الحريات. فما قد أراه تقييداً لحريتي قد يرى قاض في منطقة نائية أنه عين العقل، وهكذا تظل الكثير من القضايا المعاصرة التي تعاني منها المرأة في علاقتها مع الرجل خاضعة في التقويم لها الى حد كبير ليس بالضرورة على حكم شرعي واضح قدر ما هي تعتمد تقدير القاضي الذي لا شك يتوسل النزاهة والدقة والحكم الشرعي، لكنه أسير خلفيته الاجتماعية والثقافية، ومثل هذا الأمر يكون أكثر ما يكون في قضايا الأحوال الشخصية. ويزيد الأمر سوءاً بالنسبة إلى المرأة عدم وجود مسودة أحكام متقاربة أو موحدة للأحوال الشخصية في المملكة حتى الآن. هناك أيضاً هذا الترهيب الاجتماعي والتفشيل العائلي من الدخول في القضايا ومن الملاحقات القانونية. لقد تربينا جميعاً خصوصاً النساء على ما يعرف شعبياً وما يمكن تسميته مجازياً بظاهرة"السمت"والسمت يعني عملياً أن تهدأ ولا تثير الغبار حولك مهما كان الموضوع، وتتستر لأن هذا هو المتوقع والمطلوب من بنات الحمايل! ومن ثم فاللغو الكثير والجدل أو الوقوف في وجه التيار هي سمات لا تمت لظاهرة"السمت"بصلة! هناك أيضا هذه التربية الأنثوية منذ الصغر والتي تجرد المرأة من حقها الإنساني في تعلم الاستقلالية أو صناعة القرار إلا في ما ندر. البنات ينشأن على ظاهرة الاعتماد، خصوصاً في صنع القرار على الرجل، ومن ثم يصعب على معظمهن عند مواجهة نير الحياة الحقيقية اتخاذ القرار والاستقلالية، وأنا أعرف الكثيرات ممن يعشن تحت مظلة الجحيم، والسبب أنهن لا يمتلكن القدرة على تحمل فكرة الاستقلالية ومسؤولية الأولاد أو مسؤوليات مالية أو البحث عن عمل... إلخ، أو حتى تحمل ضغط المجتمع في الفترة الأولى للطلاق وما يدور من غمز ولمز. هناك الدونية في النظرة إلى الذات مقارنة بالرجل، والتي تتربى عليها النساء منذ أن يولدن، فما يقول الرجل وما يفعل هو عين الصواب والحكمة، وهو الرجل والسند، أما المرأة فهي مجرد كائن عاطفي هش قابل لممارسة الخطيئة والضعف في أية لحظة إذا لم يحط بالحماية. الرجل هو صاحب القوامة لأنه يمتلك من العقل والحكمة والقدرة على تدبر أمور الدنيا ما لا تملكه المرأة... وفي عالم مفعم بهذه القيم نحو المرأة ويتم تشريبها عبر مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية كيف يمكن لصورة المرأة حول ذاتها أن تتشكل بشكل ايجابي يمكنها من المقاومة أو الرفض؟ حمايتنا للمرأة.. خدعة! مبالغاتنا في صون وحماية المرأة ألا تشعرين أنها حق أريد به باطل؟ - ما يقال عن صون المرأة وحمايتها هو فعلاً حق جميل تم استغلاله بشكل بشع من الكثير من المؤسسات والأفراد في هذا المجتمع. من الجميل أن تكون الأسرة داعمة لكل أفرادها رجل كان أو أمرأة بنت أم ولد، لكن ما يحدث مع المرأة هو تكبيلها ضمن شبكة الأسر الاجتماعية وإعاقة مشاركتها الحقيقة في بناء هذا المجتمع وحتى في صنع قرارات حرة لنفسها وتعليمها وعملها وزواجها بدعوى الحماية. وقد تم تخدير الغالبية من النساء بهذا الطعم حتى يقبلن كل ما يلقى في وجوههن من مخلفات، ويسكتن تحت دعوى المحبة والحماية تماماً مثل المبالغة في الحماية الزائدة للطفل والتي قد تفرط فيها الأم أو العائلة، ما يسبب حرمان هذا الطفل من خبرات طبيعية يجب أن يمر بها، كذلك حرمانه من النمو الطبيعي بحيث يخرج معوقاً نفسياً واجتماعياً في المستقبل، تماماً كما يحدث مع المرأة اليوم، والتي تكبر جسمياً وعقلياً لكنها معوّقة عاطفياً واجتماعياً بسبب مفهوم الحماية المريض الذي يساء استخدامه، فيكون أسراً أضافياً تتلبسه المرأة من دون وعي، وتبتلع طعمه لتعيش على فتات ما يلقى لها باسم الحماية! تعليمنا الجامعي في خطر تعليمنا الجامعي... هل يحتاج إلى عيادة نفسية أم مصحة نفسية أم مستشفى مجانين؟ وهل صحيح أن حالكن أيام كنت طالبة جامعية أحسن من حال الطالبات الآن؟ - هذه مجموعة متشابكة من الأسئلة حول التعليم الجامعي النسائي، لنبدأها منطقياً بما كان: هل كان تعليمنا الجامعي أفضل من الآن؟ بالطبع لا، المبنى الذي كان يسمى كلية البنات للأقسام الأدبية لم يكن أكثر من مدرسة ثانوية بمساحة كبيرة، لكن أسلوب التعليم الذي كان متبعاً والقوانين التي كانت تحكم الطالبات والأجندة المعلنة والخفية كانت لتعليم سلطوي إلقائي متخلف ولمواد في الأقسام لا تحكمها ضرورة التخصص بل معايير أخرى سياسية ودينية وثقافية. تخرجت في علم النفس كتخصص رئيسي ولم ندرس"فرويد"أو نظرياته والكثير غيرها من النظريات التي رأى واضعو الخطة أنها لا تناسب بلداً إسلامياً كالسعودية، كذلك درست التاريخ كتخصص جزئي ولم ندرس من تاريخ العالم كله سوى التاريخ الإسلامي والسعودي فقط السيرة النبوية، الخلفاء، المساجد الإسلامية... الخ، تعليماً... لقد اضطررت أن أبحث وأقرأ بنفسي لشعوري بالخلل المعرفي الذي كان يعتري المواد المقدمة في القسم، ولم يكن ذلك مختلفاً عما كان يحدث في كل الأقسام. أما سؤال هل تغير الحال الى الأفضل؟ بالطبع أفضل بالنسبة إلى ما كان يحدث، لكنه سيئ بمعايير العصر الحالي وبمعايير التقويم الجامعي الذي تخضع له المؤسسات الأكاديمية اليوم. ما زال ما يقدم من مواد تحكمه نظرة أيدولوجية تجذرت في أقسام الجامعة على مدى ال20 سنة الأخيرة، ولك أن تلتقط أية خطة قسم ليس في جامعة الملك سعود فقط بل هو أكثر وضوحاً في كليات البنات. وستجد العجب من تجميع مواد لا علاقة لها بالتخصص، بل تخدم أغراضاً معينة وضعها في حينها من أراد لهذا التعليم أن يتخذ توجهاً محدداً، وبذا تم إهمال التخصص معرفياً ومهارياً، وهو ما أدى إلى هذا النزف الهائل من الخريجين والخريجات الجامعيين، لكنهم جهلة في تخصصاتهم ومهاراتهم التي اصطدمت بالحاجات الفعلية لسوق العمل. وكيف أنهم اليوم سمحوا لنا كأستاذات بحضور مجالس الأقسام والمشاركة في صنع القرار وهي نية طيبة وممتازة، لكن ليتك تأتي لواقع الفعل، فذلك بالطبع يتم عبر الهاتف أو ميكرفون من مباني الرجال لمباني السيدات، والجهاز دائماً معطل، فننتهي أما بعدم تمكننا فعلياً من المشاركة لعطل الأجهزة أو المشاركة بسماعة الجوّال حتى لمناقشة الخطط لطالبات الدراسات العليا أو وضع سماعة الهاتف العادي على الأذن حتى انتهاء الاجتماع... هذا حال الإمكانات المتاحة للعنصر النسائي ولنسأل لماذا؟ إنه انعكاس طبيعي للرؤية المجتمعية لموقع المرأة ودرجة مشاركتها وما يحدث في السنة الأخيرة مثلاً من جهد الجامعة في إشراك العنصر النسائي والذي ينتهي عادة بمسرحيات هزلية هو ما يحدث من المشاركة النسائية نفسها الديكورية على المستوى العام... يا إلهي ما أكبر هذا المسرح! لك كتاب منشور بعنوان"مدرستي صندوق مغلق"، هل ترين أن مدارسنا فقدت صدقيتها؟ - كتابي محاولة لخلق وعي جماهيري بالدور الاجتماعي والفكري الذي تلعبه المؤسسة التربوية في تشكيلنا من دون أن نعي. نحن نذهب للمدرسة ونرسل أولادنا لها لأنهم يتعلمون ويقرأون ويكتبون، لكن الحقيقة أن المدرسة تفعل أكثر من ذلك بكثير، فهي من يهيئنا ذهنياً لقبول واقع اجتماعي وثقافي وسياسي محدد، حتى لو لم تكن مفردات هذا الواقع تحقق أهدافنا أو تدافع عن حقوقنا... هذه مشكلة المدرسة أنها مؤسسة سياسية أولاً قبل أن تكون تعليمية، والوعي بذلك يجعلنا ننتبه لكل تفاصيل هذا التغييب المريع الذي تمارسه المدارس، حتى أصبحنا جميعاً علب"سردين"متشابهة نصفق لما يقولون، وأية سردينة رجلاً كان أو أمرأة تفكر أو يفكر بالتحرك أو عدم التصفيق سيصفعهما النظام الاجتماعي والثقافي، وسيعيدهما الى الحدود التي رسمها حتى يطمئن الى إعادة إنتاج الواقع الاجتماعي والسياسي بما يخدم الأطراف المستفيدة. - كتابي يقدم ويشرح البعد الاجتماعي والسياسي للعملية التعليمية، وهو البعد المغيب تقريباً في معظم الدراسات التربوية. التعليم الأجنبي ليس خطراً وهل تؤيدين دخول التعليم الأجنبي للتعليم العام؟ - أثارت هذه القضية جدلاً حاداً وبخاصة على صفحات الصحف، إذ تصور غير المتخصصين أن القصد أن ترفع وزارة التربية والتعليم يدها عن المدارس وتعطيها الحرية المطلقة في اختيار برامجها العالمية بما يتناسب مع حاجاتها، وبالمناسبة فهذه التجربة تتم الآن في قطر ولم تتضح نتائجها بعد. غير أن ما يحدث هنا هو شيء مختلف، إذ ستظل المدارس تحت الإشراف الحكومي والمركزي للوزارة، وستكون المدارس مجبرة على تدريس مواد أساسية ترى الوزارة ضرورتها كجزء من دور التعليم في تأكيد اللحمة الوطنية وحفظ التراث وإيجاد مجتمع متوازن يعتز بدينه وثقافته وتاريخه ولغته. ومن ثم سيكون تدريس المواد الدينية ومواد اللغة العربية وتاريخ هذا البلد وجغرافيته قواعد أساسية لا خلاف عليها، الفكرة فقط هي في الوزن المعطى للمواد المختلفة في الجدول، حيث كان هناك تضييع كبير لوقت الطالب من دون استفادة حقيقية بسبب تجزئة المواد وبخاصة الدينية واللغوية والتي كانت تدرس بشكل مفصل حتى لم يعد الطالب قادراً على استخدامها في حياته، لأنه لا يرى وظيفتها بسبب هذا الفصل التعسفي. في كل أنحاء العالم تتغير المناهج الدراسية كل خمس سنوات للتماشي مع ما يستجد في الحقل، وبذا فهناك مادة جديدة كل سنة وخلال خمس سنوات يمر التغيير على المواد كافة وهكذا دواليك فما هي المشكلة... هذه حال التعليم في كل مكان اذا ما أردنا له أن يتماشي مع المتغيرات الحديثة ويخرج قدرات بشرية تتواءم مع حاجات ومتطلبات القرن الواحد والعشرين. ما يخشاه البعض أن يؤثر تدريس اللغات في قدرة الطالب في اللغة العربية مع العلم أن البحوث أثبتت أن الصغار قادرون على تعلم أربع لغات في الوقت نفسه وبالجودة ذاتها. وعلى أية حال فطلبة الجامعة درسوا اللغة العربية حتى نهاية التعليم العام واستغرق ذلك منهم 1600 ساعة لغة عربية والشكوى العامة من الأساتذة هو في عدم قدرة الطلبة على التعبير عن أفكارهم بلغة عربية سليمة حتى في المواد العلمية! شاركتِ في كثير من اللقاءات بعد 11 أيلول سبتمبر لشرح الموقف السعودي... كيف تقرئين تلك التجربة؟ وما التوصيات التي خرجتِ بها من تلك التجربة؟ - لم أشارك إلا في لقاء واحد عقد في بلاشيو في إيطاليا صيف عام 2005، وكان حول الحوار السعودي ? الأميركي، وفي الحق كان تجربة ثرية بالنسبة إلى أجابت عن الكثير من الأسئلة، فلدي إيمان بأن الحوار بين الثقافات أكثر تأثيراً وجدوى من السياسة التي لا نحصد منها إلا حرباً. وهذا الحوار لا يكون بالضرورة عبر لقاءات منظمة لشرح الموقف السعودي، لأنني أعتقد ان هذا أقرب إلى عمل العلاقات العامة، وقد عايشت التجربة فعلاً حين عملت أستاذاً زائراً في جورج تاون سنة تفرغي العلمي عام 2003، وجاء وفد من المملكة لزيارة الجامعة رجالاً ونساء، وكان رد فعل المتلقين أن هذاPR وكانت النساء في الوفد افضل من الرجال بالمناسبة! على أية حال ما ينفع هو تبادل الزيارات العلمية، تبادل الأساتذة الزائرين، التبادل الطلابي، المعارض التراثية والتاريخية. أي ما يحكي تاريخاً حقيقياً يعبر عن الناس وهمومهم اليومية ولا تدخل مباشر لوزارة الخارجية فيه! هل تزعجك التصنيفات والحزبيات في المجتمع؟ - تزعجنى أو لا تزعجنى هي موجودة وتعمل بقوة داخل مؤسسات الدولة وحتى الخاصة فماذا نعمل؟ الآن أصبحنا نسمع عن هجرة كفاءات ومبدعين سعوديين لدول مجاورة لأجل نيل فرصة اكبر... هل تشعرين بتلك الظاهرة أم ترين أنها حالات فردية فقط؟ - هي ليست حالات فردية، بل هي تفريغ مستمر للكثير من الكفاءات المميزة والنزف ما زال مستمراً، ومعهم كل الحق، فالمناخ العلمي والإداري هنا يعاني من أمراض مزمنة. كما أن المردود المالي محدود مقارنة بما يمكن الحصول عليه، إضافة الى أن النساء بالتأكيد لديهن فرص أفضل في دول الخليج. وليتك ترى صديقاتي من الإمارات والمناصب الكبيرة التي تقلدنها مع أننا تخرجنا في الوقت نفسه من لندن وكل الذي حصلنا عليه نحن السعوديات ويطالبوننا بأن نشكرهم عليه هو السماح لنا بالتدريس في الجامعة في حين عملت أخواتنا الخليجيات بفعل الفرص المفتوحة والتشجيع الحكومي في القطاعات كافة ووصلن إلى أعلى المناصب. سيرة ذاتية فوزية بكر البكر/أستاذ مشارك قسم التربية / كلية التربية /جامعة الملك سعود درجة الدكتوراه: معهد التربية /جامعة لندن / 1990. المؤلفات والكتب: 1-"المرأة السعودية والتعليم: دراسة تاريخية تحليلية لتعليم المرأة في المملكة العربية السعودية"، الإعلامية للنشر. الطبعة الثانية. 1997. 2-"مدرستي صندوق مغلق: أحدث التيارات المعاصرة في مجال اجتماعيات التربية"، مكتبة الرشد. الرياض 2005. محكم النشاطات: أستاذ زائر: جامعة جورج تاون. واشنطن دي سي، الولاياتالمتحدة الأميركية. المشاركة في المؤتمر الاتحاد النسائي للسلام العالمي، جنيف 2004. المرأة العربية في عالم اليوم مقدم لمؤتمر المرأة في العالم الإسلامي: المرأة المسلمة في ألمانيا، برلين، ألمانيا 2004. المرأة والتعليم والعمل في السعودية: صراع من اجل التغيير: ورقة مقدمة لمؤتمر المرأة الخليجية: تحدي الأدوار. كلية الدراسات الشرقية والأفريقية جامعة لندن، جون 2004. حضور المؤتمر الإقليمي العربي: عشر سنوات بعد بيغين: دعوة الى السلام: الدورة الثانية للجنة المرأة. بيروت2004. المشاركة في الحوار السعودي - الأميركي: العلاقات السعودية الأميركية بعد 11 أيلول سبتمبر، مؤسسة روك فيلد، بيلاتشيو، ايطاليا 2004. حضور مؤتمر نيسا NESA للمدارس العالمية مسقط 2006. التعاون المشترك مع جامعة فينا بالنمسا. عضوية المؤسسات العلمية والثقافية: عضو الجمعية الأميركية للدراسات الاجتماعية في مجال التربية. عضو في المنظمة التطوعية للتبادل التعليمي والثقافي AFS American Field Service ومؤسسة الفرع السعودي 2004 -2005. عضو مؤسس للقاء الشهري لأستاذات الجامعة.