في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) 1990، قادت 47 امرأة مسيرة في شوارع الرياض في 16 سيارة في وضح النهار، وفي الوقت ذاته كانت المجندات الأميركيات يذرعن شوارع المملكة بمركباتهن، وكأن منظر المرأة وهي تقود مركبتها أمر معتاد، ولكن ما حدث حينها من رد فعل اجتماعي عكس هذه الصورة، حين اتضح أن من تقود السيارة هذه المرة هي ابنة هذا الوطن. أخذت هذه القضية حيزاً كبيراً من الانتقادات والتساؤلات، وضُخم الأمر من جهات متعددة، ولم يمر على عقلية المجتمع مرور الكرام. مها محمد العلي كانت إحدى النسوة اللاتي خرجن إلى حيز الفضاء العام، الذي لم يكن مسموحاً فيه بخروج المرأة لتقول أنا هنا، وأريد حقي في قيادة مركبتي في شوارع وطني، وعلى رغم مرور 23 عاماً على هذا الحدث، ما زالت تداعياته متواترة مع أحداث أخرى مرت في ضيفة حوارنا مها العلي إبنة الشاعر والاديب المعروف محمد العلي إحدى نساء مجموعة 6 نوفمبر، والتي يتزامن حوارنا معها مع حلول الذكرى ال23 لأول صوت جماعي يطالب بحق مشروع، وربما لم يتغير المطلب ولكن تعددت الأصوات، وأكثر ما تخشاه هذه الأصوات أن تمر ذكرى هذا الحدث الذي لا يزال ينتظر جاهزية المجتمع الذي لن يجهز إلا بقرار سياسي يلحق بمنظومة القرارات التي ما إن تظهر إلا ويظهر معها دائماً أن المجتمع جاهز من حيث لا ندري... إلى الحوار: 23 عاماً مرّت على أول مطالبة سعودية نسوية بحق قيادة المرأة سيارتها، هل ترين بوادر إيجابية لهذه المطالبة؟ - في البدء أشكر صحيفة «الحياة» على هذه المقابلة، وأهنئ جميع الزميلات «السائقات» المبادرات في 6 نوفمبر بالذكرى ال 23 للحدث، وتحياتي وتضامني مع جميع المطالبات بحق قيادة السيارة لما بعد 6 نوفمبر 1990 وإلى ما بعد 26 أكتوبر 2013. وبالنسبة لسؤالك فالإجابة نعم أرى بوادر إيجابية ومؤشرات قوية لاستمرار المطالبة وبأشكال حضارية تعكس عمق الوعي لدى المرأة السعودية، وقدرتها على الاستجابة لصيرورة التطور الاجتماعي. ما بين 6 نوفمبر 1990 و26 أكتوبر 2013 هل وجدت السعوديات حلولاً لمشكلة تنقلاتهن؟ - لا يوجد لدى السعوديات قبل 6 نوفمبر إلى 26 أكتوبر 2013 وما بينهما سوى حلين لمشكلة التنقل مكلفين جداً على المستويين المادي والمعنوي، الأول هو استقدام سائق خاص، ودفع تكاليف مادية باهظة، خصوصاً في ظل الارتفاع المتزايد لرسوم الاستقدام من الدولة (رسوم الفيزا 2000 ريال، ورسوم الاستقدام تراوح بين 5000 و10000ريال بحسب البلد المستقدم منه، ورسوم الإقامة 1200 ريال. ناهيك عن رسوم إعاشة السائق من سكن وتأمين طبي وغيره)، إضافة على تضاعف رواتب ومخصصات السائقين (1500ريال للسائق من الجنسية الهندية). أما الحل الثاني فهو استجداء أحد ذكور العائلة، كي يساعدها في إنجاز التزاماتها التي تتطلب التنقل، ومن ثم التعرض إلى احتمالات الرفض أو التأخير التي تؤدي إلى حدوث مشكلات اجتماعية عدة داخل العائلة بين المرأة وولي أمرها، ومشكلات نفسية لها متمثلة في الشعور بالاستياء والقصور وعدم الأهلية. أجيال ولايزال الأمر معلقاً منذ عام 1990 مرت الأعوام على جيلين تقريباً وما زالت القضية معلقة ومهمشة، فلماذا في رأيك؟ - أعتقد أن السبب الرئيس في تهميش هذه القضية هو اعتبار المرأة تابعة إلى الرجل في جميع شؤون الحياة، وأنها غير قادرة على أن تكون شخصاً مستقلاً يتخذ القرارات الملائمة للمواقف الحياتية التي تمر بها. وتبرر هذا التيار رؤيته بمقولة شائعة جداً تغلغلت في الوعي الثقافي للمجتمع بأسره، وهي أن المجتمع السعودي له خصوصية تختلف عن كل المجتمعات الإنسانية.. لماذا؟ لم أجد الإجابة إلى الآن. 23 عاماً وما زال الأمر معلقاً، كم سيستمر في رأيك؟ - لا أتوقع أنه سيستمر كثيراً، وذلك بسبب ازدياد أعداد المطالبين والمطالبات، وزيادة أعداد المقالات والتحقيقات الصحافية الخاصة بهذا الموضوع في الصحافة المحلية. هل ترين أن مبادرة 26 أكتوبر فشلت؟ وهل كانت تحتاج لأمر ما لتنجح أكثر؟ - أعتقد أن مبادرة 26 أكتوبر لم تفشل ولكنها أجهضت، إذ تميزت تلك المبادرة بالتخطيط الجيد والإعلان المنظم. وأتصور أن من أبرز أهدافها هو إيصال رسالة إلى المسؤولين وصناع القرار في الدولة بأن الوقت حان لإعطاء المرأة الحق في المطالبة بأبسط حقوقها بأسلوب حضاري، وحتى لو أن المسيرات لم تخرج في اليوم المقرر بسبب التحذيرات التي صدرت عن وزارة الداخلية، فإن نجاح المبادرة يكمن في إيصال الرسالة. «اجتماع نسائي» هل أصبحت هذه العبارة تشكل خوفاً؟ - على رغم أن عبارة «اجتماع نسائي» قد تشكل تهديداً وخوفاً للتيار المتشدد في مجتمعنا، إلا أن هذه الاجتماعات في ازدياد وبأهداف متعددة، كلها تصب في المطالبة بتحسين أوضاع المرأة السعودية، وحصولها على حقوقها المشروعة والمتفق عليها في الدساتير والوثائق العالمية، وهذا يدل على أن حاجز الخوف انكسر لدى شريحة كبيرة من النساء السعوديات. صعوبات بعد 6 نوفمبر ما أصعب ما واجهتِه بعد 6 نوفمبر؟ - أصعب عقاب واجهته في 6 نوفمبر 1990 هو الفصل من العمل أولاً، والذي أثر سلباً في الوضع الاقتصادي للأسرة، وحملات التشهير الظالمة التي نظمت من تيارات ضد المشاركات في الحدث. هل ترين أن وزارة التربية والتعليم تعاملت معك بقسوة؟ - نعم كان التعامل قاسياً جداً، إذ تمثل في الفصل من العمل كما أشرت سابقاً، وحتى بعد صدور الأمر الملكي السامي بعودة المفصولات إلى أعمالهن. واجهت رفضاً وإهانة من الإدارة والزميلات داخل المدرسة، فمن ردود الأفعال القاسية التي بدرت من مديرة المدرسة التي كنت أعمل بها، أنها مرت بكل فصول الطالبات بالمدرسة وأخذت تشهر بي وتطلب منهن عدم التشبه بمعلمتهن «المارقة»! كيف كان رد فعل والدك الشاعر محمد العلي تجاه مشاركتك في 6 نوفمبر عام 90؟ - «لقد رفعتِ رأسي يا بنتي»، بهذه العبارة عبر لي عن تأييده ودعمه لمشاركتي في 6 نوفمبر. وهذا التأييد ليس بغريب عن مبادئ ورؤية الوالد، حفظه الله، والتي يعبر عنها في زاويته الأسبوعية منذ أكثر من 40 عاماً، فهو المعلم الأول الذي استمددت منه معنى الاستقلالية الفكرية، والحرية المسؤولة، واحترام الاختلاف. ومن هنا أبعث له شكري وحبي وتقديري واعتزازي بمسيرته الفكرية، ولكونه أبي. واجهت مجموعة 6 نوفمبر تداعيات لا تمت للدين أو الأخلاق بصلة وشوهت بأبشع الصور، هل تجدين تغيراً الآن في نظرة المجتمع نحوها؟ أم ما زالت المفاهيم والعقليات نفسها؟ - أشرت سابقاً إلى تطور الوعي لدى المرأة السعودية، وإيمانها بصيرورة التطور الاجتماعي الذي أدى إلى تغير نظرة المجتمع ككل إلى مجموعة 6 نوفمبر والمجموعات الأخرى المشابهة لها حالياً، ففي عام 1990 كان الرفض للمطالبة بحق قيادة السيارة من مجموعة 6 نوفمبر شديداً من معظم فئات المجتمع ككل، النساء والرجال. بينما نجد القبول بفكرة حق القيادة حالياً كبيراً، ومن شرائح متعددة في المجتمع، نساءً ورجالاً، وبمختلف الفئات العمرية ومستويات التعليم، بدليل المشاركات الإيجابية الهائلة في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. الموقف الرسمي الحكومي، هل تجدين فيه بوادر إيجابية على رغم التحذيرات التي ظهرت؟ - على رغم ضبابية الموقف الحكومي الرسمي تجاه المطالبات المتكررة بحق المرأة في قيادة السيارة، إلا أنني أجد فيه بوادر إيجابية بسبب أن التحذيرات والعقوبات المحتملة لمن تقوم بقيادة السيارة في 26 أكتوبر لم يعلن عنها رسمياً عبر القنوات المتعارف عليها. سقوط الخوف قادت بعض السيدات خلال الفترة الماضية وصورن مقاطع لقيادتهن، في رأيك هل سقط الخوف الكامن لدى النساء؟ - أسعدتني كثيراً المقاطع التي انتشرت بين فئات المجتمع لنساء يقدن السيارة، خصوصاً السيدات اللاتي كان أولادهن أو آباؤهن يجلسون بجانبهن ويصوروهن. فهذه المشاهد تعكس سقوط الخوف الكامن لدى النساء – والرجال المؤيدين لحق القيادة - من جهة، وتعكس أيضاً طريقة حضارية جداً في المطالبة بحق مشروع من جهة أخرى. حصلت الحملة على تأييد كبير تجاوز 16 ألف مؤيد ومؤيدة، ألا يمكن اعتبار هذا العدد يمثل المجتمع الذي تنتظر الدولة جاهزيته؟ - بالتأكيد هذا العدد يمثل مدى جاهزية المجتمع، خصوصاً لو أخذنا في الاعتبار أن المجتمع السعودي غير معتاد على استطلاعات الرأي، ناهيك عن المشاركة فيها – الاستطلاعات غير الرسمية بالذات - وبالتالي من الممكن أن يكون عدد المؤيدين أضعاف هذا العدد. وهنا تظهر لدينا ضرورة إجراء استطلاع رأي حكومي رسمي حول حق المرأة في قيادة السيارة، تشترك فيه جميع الفئات الاجتماعية، بمن فيهم أبناؤنا وبناتنا المبتعثون للدراسة في الخارج، وفي حال أظهر الاستطلاع أن المؤيدات والمؤيدين أقلية في المجتمع، فهذا لا يعني أن نتجاهل هذه الأقلية ومطالباتها، ألم تسن القوانين والدساتير الحقوقية في العالم من أجل حماية حقوق الأقلية؟ كيف ترين حراك النساء الاجتماعي في الوطن؟ - في ظل عدم وجود عدد كاف من المؤسسات والقنوات الرسمية للعمل الاجتماعي والحقوقي، أرى مبادرات وحراكاً نسائياً نشيطاً وفاعل، وهذا يبعث على الاعتزاز والتفاؤل بقوة ووعي بنات وطني. يرى البعض أن المرأة في حاجة إلى تحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، بحجة أنها أهم من مطلب القيادة، أليست القضايا مترابطة؟ - نعم بالتأكيد القضايا مترابطة. فمطلب السماح للمرأة بقيادة السيارة لا يتعارض إطلاقاً مع المطالب الأخرى المتعلقة بضرورة سن قانون للأحوال الشخصية يحمي المرأة من التعرض إلى العنف أو الابتزاز، أو إعطاء أطفالها الجنسية السعودية في حال لو كانت متزوجة من غير سعودي، أو المساواة في فرص العمل والدراسة الجامعية بجميع التخصصات.. إلخ. وهناك مطالب أخرى كثيرة وردت في الوثائق العالمية لحقوق الإنسان التي وقعت المملكة عليها ما زلنا بانتظار تجسيدها وتطبيقها في إجراءات وقوانين عملية. حققت النساء السعوديات مستويات عالية في جودة التعليم والعمل وفي الحفاظ على قيمة الأسرة، هل ترين أن النظرة إليها ما زالت قاصرة؟ - على رغم الإنجازات الهائلة التي حققتها المرأة السعودية على المستوى الأكاديمي – المجلات العلمية مليئة بأسماء باحثات ومبدعات سعوديات حققن إنجازات مهمة على مستوى العالم في مجالات علمية وفنية متعددة - وعلى مستوى العمل من خلال تبوؤ مراكز عالية ومهمة في الدولة – مثل تمثيل المرأة في مجلس الشورى - إلا أن النظرة القانونية للمرأة ما زالت قاصرة. أما بالنسبة للنظرة الاجتماعية، فأعتقد أنها تطورت في شكل ملحوظ في فترة زمنية قصيرة، نتيجة لإصرار النساء السعوديات على إثبات أنفسهن في المجالات المذكورة أعلاه. وما زلت آمل أن تتخذ المرأة المكانة التي تستحقها كشريك فاعل في صنع القرارات ورسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية. خطط التنمية تظلم المرأة خلال الأعوام الماضية مرت على البلاد خطط تنموية، لم يتم التطرق فيها إلى وسائل نقل لحل مشكلة المواصلات وتنقل النساء، هل المرأة بعيدة عن خطط الدولة التنموية؟ - أعتقد أن خطط التنمية التي مرت على البلاد كانت قاصرة في الكثير من المجالات، بدليل ضعف المخرجات على المستوى الأكاديمي والاجتماعي والخدماتي. فمشكلة المواصلات عامة، وتشكل معاناة لسائر شرائح المجتمع، خصوصاً النساء اللاتي حرمن من حق قيادة السيارة، ولم توفر لهن أي بدائل. وهذا فتح المجال لاستغلال هذا الوضع من بعض الأفراد – الرجال - فحققوا أرباحاً هائلة جراء إنشاء مشاريع خاصة تهدف إلى توفير مواصلات للنساء العاملات، ولكن بمستوى متدن في الجودة –وبالتحديد المعلمات اللاتي يعملن في مناطق بعيدة عن أماكن سكنهن - والصحف مليئة بأخبار الحوادث التي تعرضت لها النساء بسبب استخدامهن لهذه الطريقة. ما زالت الوصاية الذكورية على حقوق المرأة تمارس في هذا الشأن وفي كل شأن خاص بها، هل ما زال صوت المرأة ضعيفاً؟ - لا يمكن وصف صوت المرأة بالقوة أو الضعف في رحلة نضالها للتخلص من الوصايا الذكورية من دون التطرق إلى الناحية القانونية، فالمطالبات كثيرة، إلا أن عدم وجود قنوات رسمية أو منظمات مجتمع مدني يجعل هذه المطالبات تبدو وكأنها ضعيفة. فإذا أردنا لأي صوت أو مطلب الوصول إلى أصحاب القرار، فلا بد من أن نوفر لصاحبه القناة المناسبة من جهة، ونعطيه درجة من الأمان والثقة بأنه لن يعاقب نتيجة لمطالبته بحقه من جهة أخرى. قنوات التواصل الاجتماعي، هل منحت السعوديين الشعور بقناة مدنية للحوار؟ - بالتأكيد، فهذه القنوات تلعب دور منظمات المجتمع المدني في أبسط صوره، والتي نحن في أمس الحاجة إلى إنشائها أسوة بجميع المجتمعات الأخرى. الحوار الوطني الحوار الوطني لا يزال مستمراً، هل حقق في رأيك إيجابية ما، خصوصاً حين نراقب مستوى الحوار في «تويتر»؟ - في اعتقادي لكل تجربة اجتماعية جوانب إيجابية. والإيجابية في تجربة الحوار الوطني هي طرح المفهوم لعامة الناس إعلامياً، حتى لو لم يحقق جميع أهدافه. فالمجتمع السعودي تحكمه العلاقات القبلية، وهو في أمس الحاجة إلى الارتقاء من الانتماء إلى القبيلة وإلى الانتماء إلى الوطن، واحترام التنوع العقائدي والمناطقي الموجود فيه. وهذا لن يتحقق بالحوار الوطني فقط، بل يجب أن يتم من خلال مناهج التعليم، والبرامج الإعلامية، وسن قوانين تحمي حقوق جميع كل الفئات، الأقلية والأكثرية. «التجربة الشوروية» النسائية في المملكة ما زالت في بداياتها.. كيف تتلمسين الأداء النوعي للشورويات؟ وكيف تقومين تجربتهن؟ - عندما تم الإعلان عن رفع نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشورى، واعتبار عضويتها رسمية أسوة بزميلها الرجل، سعدت كثيراً واعتبرت هذا التعيين مؤشراً على التطور الاجتماعي الذي يمر به مجتمعنا. وبالنسبة لتقويم التجربة، فأعتقد أنه من الباكر إعطاء تقديرات حقيقية لمدى فاعليتها، فالدورة الزمنية المقررة لمجلس الشورى أربعة أعوام، وما زلنا في بداية العام الأول، لذا ولكي نكون منصفين لا بد من الانتظار حتى نهاية الدورة الحالية، ومن ثم نصدر حكماً أو نقوم التجربة. وآمل أن تسهم عضوات المجلس في معالجة المشكلات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الحقيقية في مجتمعنا، خصوصاً قيادة المرأة السيارة، ولا يقتصر دورهن على تغيير عطلة نهاية الأسبوع. تخوض السعوديات قريباً مشروع الترشح والانتخاب للمجالس البلدية المحلية، ما توقعاتك لهذه التجربة في ظل عدم وجود جهات متخصصة تعمل على تهيئة المرأة لهذا الأمر؟ - بالطبع أية مشاركة للمرأة في قطاعات الدولة الخاصة بتحسين الخدمات وحل مشكلات المواطنين هي ضرورة يفرضها تطور الوعي الاجتماعي، إلا أن تجربة المجالس البلدية المحلية السابقة والتي كانت تضم رجالاً فقط لم تكن ناجحة من وجهة نظري في ظل غياب الصلاحيات، وعدم التنسيق بين الجهات والقطاعات المختلفة في الدولة. فما زالت المشكلات التي يعاني منها المواطنون على مستوى البيئات المحلية قائمة، ولم يكن للمجالس البلدية دور فاعل في حلها. وقد يكون السبب وراء ذلك هو ما أشرت إليه في سؤالك عن أهمية وجود جهات متخصصة لتهيئة وتدريب أعضاء وعضوات – مستقبلاً – المجالس البلدية على استراتيجيات العمل في تلك المجالس، والطرق والإجراءات العملية لتحقيق أهدافها. ومن هنا لا أتوقع أن يؤدي انضمام النساء إلى المجالس البلدية إلى تغيير ملحوظ، ولدي مخاوف في هذا الشأن من أن يعزى عدم فاعلية التجربة إلى النساء، وليس إلى غياب التنظيم والتخطيط. في نظرك أي من القضايا المجتمعية يجب أن توليها المرأة اهتمامها في المجالس البلدية؟ - أعتقد أن من أهم القضايا التي يجب التركيز عليها في المجالس البلدية هي تحسين الخدمات والمشاريع الصحية والثقافية في الأحياء. فعلى سبيل المثال ما زلت أحلم بوجود مركز يضم مكتبة ومقهى وأنشطة ثقافية ورياضية متنوعة من مسرح، وقراءة القصص والراويات، وفنون تشكيلية، ودورات تدريبية تعليمية وترفيهية وحديقة مجهزة للأطفال في كل حي. أيضاً التركيز على المشاريع والخدمات التي تدمج سكان الحي جميعاً في الحفاظ على نظافة الحي، وتشجيره والارتقاء بالمستويات المعيشية فيه. شؤون وقضايا المرأة لدينا، لماذا هي مبعثرة بين الوزارات والهيئات؟ - أتصور أن قضايا المرأة والطفل أيضاً مبعثرة بين الوزارات والهيئات، وهذا بسبب عدم وجود مؤسسة رسمية تمثل هذه الفئات، وتسعى لحل مشكلاتها. هل سمعت أن هناك مجلساً أعلى لشؤون المرأة سينشأ في السعودية؟ - لا لم أسمع. «يا ريت».