سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدير عام "الأخبارية" يؤكد أنه يمارس رقابة صارمة على القناة هدفها حماية "هامش الحرية". التونسي ل "الحياة": لا مكان ل "البلداء" حولي ... والحاجة قائمة لمذيعات سعوديات
إنه أحد أكثر الصحافيين السعوديين إثارة للجدل. محمد التونسي... المدير العام لقناة"الإخبارية"، صحافي سعودي سجل تجربة مختلفة في الصحافة المقروءة، وجاء إلى التلفزيون ليدفع بجيل جديد في الصحافة التلفزيونية، مثلما فعل في الصحافة المقروءة. جاء الى الحوار الوطني الخامس نحن والآخر في أبها، مع بداية توليه مهام إدارة القناة، فكانت تجربة جديدة على الهواء، انطلقت فكرة حوار معه فصدها بعذر الانشغال. وبعد ملاحقات استمرت حتى الحوار الوطني السادس في الجوف التعليم... الواقع وسبل التطوير، خرج هذا الحوار، مرات في مكتبه ومرات أخرى عبر الهاتف، وجزء عبر أثير الانترنت. يجيب عن الأسئلة ثم يخرج مسرعاً نحو أمر طارئ، الشاشات تتوزع في مكتبه في كل زاوية، يراقب هذا وينتقد ذاك، ويوصي بحل مشكلة، اعتقدت انه"قلق"بينما يراه"عدواً لن يقترب منه". حاول أن يكون"ديبلوماسياً"أحياناً، وتلقائياً في أوقات كثيرة، إلا انه كان الصحافي أولاً وأخيراً، فإلى الحوار: تمر منذ نحو شهرين بظروف قاسية بسبب مرض زوجتك المذيعة ريما الشامخ... حدّثنا عن هذه التجربة، وما مستجدات حالها الصحية؟ - قسوة التجربة أضافت لرصيدي الكثير من الجسارة والقوة... ريما وأنا ندرك أن للحياة قيمة ما دام فينا عرق ينبض... أقوياء بالله أولاً، ثم بالإرادة في مواجهة الأزمات..."شدة وتزول"، وقد بدأت تزول تدريجاً بحمد الله ورضاه. حدثني عن رد الفعل الأول عندما تلقيت اتصالات القيادات العليا للبلاد تتصل بك للاطمئنان على صحة ريما، واحك لنا ما قالته عندما أبلغتها بذلك؟ - شكراً أبا متعب.. شكراً أبا خالد.. شكراً أبا سعود.. شكراً أبا فهد.. شكراً للنبلاء أعضاء الأسرة المالكة الكريمة، والوزراء والمسؤولين والمواطنين.. شكراً للوطن كل الوطن.. ذلك رد فعلي أنا وريما والأعزاء من حولنا.. إنه وطن الأوفياء. مكاسبي الانسانية أكثر دعنا نتجه إلى مشوارك... صحافي في"الجزيرة"ثم نائب لرئيس تحرير"الشرق الأوسط"، فرئيس تحرير ومؤسس ل"الاقتصادية"، وبعدها رئيس تحرير"إيلاف"الالكترونية، وأخيراً المدير العام لقناة"الإخبارية"، بعد هذه الدورة بماذا خرج التونسي إعلامياً وإنسانياً ومادياً؟ - إعلامياً كسبت، وإنسانياً كسبت أكثر، أما المادة فمصيرها النشر أو البث. حدثنا عن الفروق بين هذه التجارب المنوعة؟ - في"الجزيرة"انطلقت، وفي"الشرق الأوسط"اكتسبت مهارات القيادة وطبقتها، وفي"الاقتصادية"ركبت التحدي وكسبت، وفي"إيلاف"أطللت عبر نافذة جديدة في عالم المهنة وأضفت، وفي"الإخبارية"حقنت عروقي بتفاصيل صحافة التلفزيون من الوريد إلى الشاشة، وما زلت أستزيد مع كأس الحليب كل صباح. في أي منها وجدت نفسك أكثر؟ - موجود فيها جميعاً حتى بعد مغادرتي لها. علّق مراقبون وإعلاميون سعوديون على خطوة تعيينك مديراً عاماً لقناة"الإخبارية"بأنها"تصحيحية"، بعد أن شهدت كسوفاً جزئياً أعقب انطلاقة لافتة، هل تعتقد أنك رويت عطش المشاهد السعودي إخبارياً، وأسهمت في إرسال صورة جديدة عن الشارع السعودي إلى الخارج؟ - ليس تصحيحياً بقدر ما هو لتنفيذ ما يخص القناة من استراتيجية جديدة، صُممت في سياق التطوير المرحلي للإعلام المرئي في بلادي، وفق رؤى وأطر رسمها وزير الثقافة والإعلام إياد مدني، وما"الإخبارية"إلا واحدة من أربع شقيقات... الورقة المحلية في قناة مثل"الإخبارية"- في تقديري - رابحة، والرهان عليها قائم وباعتدال، وأمامنا الكثير باتجاه ما سميته إرواء عطش المشاهد. أقل من عام ونصف العام منذ توليت مسؤولية"الإخبارية"، وشكل شاشتها ومضمونها في تغير ملاحظ سريع ومختلف، فإلى أين أنت متجه؟ - تغيير؟ نعم هناك تغيير، ولا يمكن أن أتحدث عن ذلك من دون أن أنسبه إلى طرفين مهمين، أولهما: أننا نعمل تحت مظلة وزير مثقف، الصحافة والإعلام في دمه، ومن مميزات تلك المظلة أن صاحبها منحنا الحرية وفق استراتيجية وطنية واضحة، وضوابط لا يتهاون بشأنها، وثانيهما منسوبو القناة، أولئك الشباب جميعهم صغار في السن الذين التفوا حولي بثقة وإصرار وتوثُّب.. أعتز بهم. وبذلك استطعنا تطوير ما كان قائماً من البرامج، مع إدخال 21 برنامجاً جديداً، وخمسة أخرى جديدة في الطريق، فضلاً عن تطوير حاضر وآخر لاحق لنشرات الأخبار. والإضافة الأهم ضمن مشروع تطوير التلفزيون السعودي بقنواته الأربع... الحديث عنه سابق لأوانه على رغم أن التنفيذ قريب جداً. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله سيكون الأسبوع المقبل في شمال البلاد، وزار قبل ذلك مناطق أخرى، هل تعتقد أن"الإخبارية"ضيقت المساحة على الصحف في تغطيتها المتنوعة للحدث، إذ لم تستطع الصحف أن تنقل ما لم تنقله الكاميرا، وهل ترى أن الصحف كانت بحجم الحدث؟ - مهم ل?"الإخبارية"أن تجيد التعامل مع حدث كهذا يتصدر الشأن المحلي، الذي هو همّ القناة ومحور اهتمامها... هي لا تختلف عن الصحف من حيث الحضور، والمهم هنا هو الصناعة على مستوى الحدث خبراً وتقريراً وتحقيقاً... ومن هذا المنطلق نحرص على أن يكون حضورنا منتجاً صحافياً، الخبر هو هاجسنا، نصنعه أينما كنا ومتى كان في الأمر خبر... ولأن السرعة قدرنا كقناة تلفزيونية فلا نتردد في البث الفوري للحدث مصنوعاً مرتباً. وللصحف المطبوعة شأنها في تطوير الخبر ودعمه معلوماتياً، طالما أنها تنتظر 12 أو 24 ساعة لتصبح في متناول 60 ألفاً أو حتى ربع مليون قارئ، المهم عندنا هو خدمة الملايين ممن يشاهدوننا في ثانية أو دقيقة. كنا انتقائيين وسط الأحداث تسابقت القنوات الفضائية في نقل وتحليل أحداث عربية مهمة، برأيك لماذا غابت"الإخبارية"عن العراق على عكس السابق، إلى درجة أننا لم نشاهد تحليلاً لحادثة إعدام صدام، أو مراسلين ميدانيين في جنوبلبنان أثناء الحرب؟ - يبدو أنك كنت مشغولاً عن متابعة شاشة"الإخبارية"وقتها، وإلا لما سألت هذا السؤال... كنا في موقع الحدث وبجرعة مركزة، ولكن ليس بالدرجة التي تؤثر في اهتماماتنا الداخلية في ذلك الوقت بالذات,.. على رسلك، أضف أننا كنا انتقائيين وسط زحمة تسارع الأحداث داخلياً وخارجياً. هل هناك مكان ل?"لوبيات"في القناة التي تديرها؟ - لسنا في معترك انتخابي أو تآمري حتى نحتاج إلى ما سميته"لوبي"، ومن حسن حظ"الإخبارية"أن معظم العاملين فيها يعشقون الصناعة على رغم أن معظمهم يحتاجون إلى المزيد من التدريب والإعداد، إنهم يبدعون في الظرف الصعب. هل ترى أن الصحافيين السعوديين يتحدثون كثيراً ويكتبون قليلاً؟ - لا لتكميم الأفواه في هذا الزمن بالذات... يتحدثون قليلاً أو كثيراً... المهم أن يكتبوا بحرفية ومسؤولية. برأيك، كيف ستصبح قنوات التلفزيون الأربع والإذاعات بعد التحوُّل إلى مؤسسة عامة؟ - المطروح هو أن يتم التحوّل بإعداد متقن وبمنهجية، تلك أهم الاشتراطات، وهذا يجعلنا نطمئن إلى النتيجة. كثر الكلام بعد خروجك من"الاقتصادية"... ما الحقيقة؟ - محدثك في الأساس صحافي، ولأنني كذلك فلم يعد مناسباً لي البقاء في كرسي رئاسة تحرير مطبوعة واحدة أكثر من 11 عاماً. 11 عاماً في"الاقتصادية"بعد خروجك منها الكثير من الوجوه تغيرت، كيف تعاملت معها بعد جلوسك على كرسي"الإخبارية"؟ - المواقف هي التي ألتفت إليها، ولذا فالوجوه سواء احتفظت بملامحها أو تبدلت أمر لا يهمني، ثم إن قيادة"الإخبارية"بالنسبة إليّ ليست كرسياً بقدر ما هي محطة، لا بد من أن أغادرها يوماً ما. ما علاقتك بالقلق؟ - عدو لن أدعه يقترب مني. هل أنت فعلاً ديكتاتوري؟ - بل صارم مهنياً، لماذا تسمي الصرامة المهنية والانضباط الحرفي ديكتاتورية؟ لو قُدمت لك عروض من"الحرة"، أو"الجزيرة"، أو"المجد"... فكيف ستتعامل معها؟ - حر سواء رفضت"الحرة"أم قبلت"الجزيرة"بشروطي.. أما"المجد"فلجمهورها، وتظل"الإخبارية"الواحة الأنسب إلي في الوقت الحاضر.. إليّ بسؤالك التالي لطفاً. أفلتنا من"خبلهم"بسلام كنت ترفض دائماً أية رقابة على الصحافة... هل حجب خبر تعرّضك للاعتداء من متشددين وأنت في طريق عودتك من الحج كان بطلب منك، في وقت كنت أول من حذّر من التيار المتشدد منذ الثمانينات، ولديك تاريخ طويل من الخلاف معه؟ - على رسلك، فئة الاعتداء كانت من نوع آخر غير الذي ذهبت إليه في سؤالك... نعم طلبت عدم النشر من واقع الشفقة على المعتدين. المهم أنني وزملائي أفلتنا من"خبلهم"بسلام، والدعوى قائمة عبر القنوات الرسمية. أما من جهة التحذير من التيار المتشدد فذلك شأن وطني.. معتوه ذلك الذي يرفض الوسطية أو يحاول تقويضها. ماذا يعني لك 11 أيلول سبتمبر؟ - إدراك خطر كان على وشك الانتشار كانتشار النار في الهشيم، وبداية صحوة وحرب ضد فرق وجماعات الهمجية والتطرف. إنها مفصلية تاريخية في التحوّل الكوني لإدراك الخطر، صاحبتها تحولات في اتحاد العاقل والمعقول، والخطورة تكمن في من يستطيع قراءة تلك الواقعة.. من يمتلك الحصافة في تفكيك ما شاهدناه ونشاهده من حال متطرفة. حاولت أن تحتال على التاريخ بالعودة إلى أزمان جوارسيه... هل صحيح أن من يكتب عن سفلتة الشوارع ينجو من الرقابة ويكسب حصانة منقطعة النظير؟ - هذا سؤال أتى بعد زمنه، أما اليوم فالطريق مفتوح لمن أراد أن يصل إلى العمق ويكتب وينتقد، المهم الدقة والصدقية في ما تطرح. ولا حصانة لمن لا يجيد"الصنعة"ولا يلتزم بأصولها وأخلاقياتها. هل ترى أن الإعلام السعودي استطاع أن يصنع خطاباً تنويرياً مواجهاً للإرهاب موازياً للتحرك الأمني القوي؟ - الإعلام وحده، وإن فعل، إلى جانب التحرك الأمني القوي، لا يكفيان.. مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه يستلزمان في الأساس نسيجاً دقيقاً للأمن الفكري، المسؤولية فيه مشتركة بين أجهزة عدة، تحتاج إلى مراجعة جادة وشاملة لمناهج وأساليب عملها، وإذا تم ذلك بعناية فسوف يسهم مع الأمن والإعلام في التصدي للمشكلة. ومع تحقيق ذلك، يظل الأمن والإعلام في حاجة إلى المزيد من الانفتاح المعلوماتي على بعضهما، الأمر الذي سيسهم أكثر في صياغة خطاب قوي مؤثر. كيف ترى وضع الإعلام السعودي في الوقت الحالي؟ - في حراك يدعمه هامش حرية لم نعتد عليه من قبل، وهنا أنصح المتعودين على الإقصاء ومصادرة الرأي بأن يستثمروا هذا الهامش لمصلحة البلاد والعباد، ولهم في دعم المصلحة العامة مصلحة. خلال تجربتك في الصحافة المقروءة صنعت هامشاً للحرية غاب عن كثير من الصحف، والآن تكرر التجربة في"الإخبارية"، برأيك هل مساحة الحرية يحكمها رؤساء التحرير ومديرو القنوات، أم هو نظام واضح في وزارة الثقافة والإعلام؟ - مرحلة الإصلاح الحالية تتيح الفرصة لكل من أراد أن يتحرك بحرية، والحرية التي أقصدها لا بد من أن تكون من النوع المسؤول، وتظل نسبية في كل الظروف، المهم ليس أن تصنع هامشاً للحرية فحسب، بل أن تحافظ عليه وتحميه، وذلك يستلزم تطبيق المهنية بأصولها وشروطها وأخلاقياتها، والحذر في كل الأحوال واجب، ولولا المناخ الذي توافر تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام لما استطعت أن أجتهد، على أن الاجتهاد هنا مشروط بالانضباطية، ومرفوض إذا أخل بناحية الصدقية. الإعلان أولاً وليس القارىء! في ظل سعي المؤسسات الصحافية للتحول إلى منشآت أكثر ربحية، ودخولها سوق الأوراق المالية، هل غاب الجانب التحريري على حساب الإعلاني، وهل فعلاً استطاع صناع سوق الإعلان السيطرة على ما ينشر في الصحف، في وقت كنت فيه تعمل بمبدأ"القارئ أولاً"وخسرت الكثير من المعلنين؟ - كن يا زميلي أكثر وضوحاً وصرّح بالمؤسسة أو المؤسسات الصحافية المقصودة في سؤالك. عموماً، يجب ألا نخلط الأوراق بالتعميم، وليكن رأينا أو تقويمنا أو حكمنا مستنداً إلى المنهجية وباحثاً في التمييز بين مؤسسة وأخرى. الربحية مطلب اقتصادي مهم لأية مطبوعة حتى تستمر وتتطور، والإعلان وقود المطبوعة، لكن الوضع حتماً سينقلب على صاحبه حال التهاون في عزل مبدأ"القارئ أولاً"أو الإخلال بتوازن العلاقة باعتبارها تكاملية، والموازنة بينهما عملية حتمية. وأعرّج على ما ضمنته سؤالك بأنني كنت أعمل بمبدأ"القارئ أولاً"، نعم لمبدأ"القارئ أولاً"مع السعي للربحية في أية مطبوعة كما ذكرت آنفاً، وفي حال"الاقتصادية"وقت كنت رئيساً لتحريرها، أعتقد من الأنسب أن تتحقق من أسباب وملابسات لماذا كان"القارئ أولاً"وحده في ظل سياسة إعلانية معينة. لا تحاول جرّي إلى مقصد غير الذي ذهبت إليه، عدِّد الصحف السعودية ستجد أن نصفها أعلنت أنها ستُطرح للاكتتاب العام، وتُدرج في السوق؟ - ليتهم يدخلون سوق المال، وفي ذلك مؤشر إيجابي على التحوّل في مسار الاستثمار في الإعلام على مستوى المؤسسات، والأهلية لدخول سوق المال تعني أن هناك نضجاً في صناعة النشر على المستوى الاقتصادي، والمهني كذلك. كثر الحديث عن سيطرة صف قديم من الصحافيين على الإعلام السعودي وسط مطالبات برحيلهم، أنت قريب من هذا الوسط ولم تعلق في أية مناسبة على هذا الجانب، هل أنت جانح إلى السلم أم أنك مقتنع ببقائهم؟ - ما دامت مؤسساتهم - أقصد هنا الرابحة منها - راضية ببقائهم مرتضية له، وتعتقد بأنها مستفيدة، إذاً ما دخل القاضي ما دام صاحب الشأن والصوت في المؤسسة راضياً، وعلينا ألا ننكر أن بعضهم يتمتع برصيد من الخبرة في المهنة ويخدم المؤسسة في آن واحد. هيئة الصحافيين واختلاط الأدوار! يتلفت الصحافيون السعوديون حولهم ويسألون عن"هيئة الصحافيين السعوديين"فلا يجدونها، أنت كنت في الهيئة التأسيسية، فهل أنت راض عن الوضع الحالي؟ - مشكلتنا يا عزيزي أننا ننحرف في نظرتنا للهيئة عن طبيعة الأدوار الأساسية التي يفترض أن تمارسها، وحصرها في الدفاع عن صحافي استغنت المؤسسة عن خدماته، بينما يمكن أن تتولى ذلك جهات أخرى كمكاتب العمل. وحتى يستقيم التقويم أو النقد، علينا أولاً أن نعدّل منظارنا لطبيعة الهيئة والأدوار التي يُفترض أن تؤديها. وهل عمل الهيئة مقتصر على حل مشكلات الفصل التعسفي فقط، قل لي أي نشاط نظمته منذ إطلاقها حتى اليوم، وحديثي عن كل ما يتعلق بمؤسسة مجتمع مدني مثلها، فقط انظر إلى"جمعية الإعلام والاتصال"؟ - لنميز في طبيعة الأدوار بين"هيئة الصحافيين السعوديين"و"جمعية الإعلام والاتصال"، وإذا لم نفعل يمكننا أن نضم إليهما جمعية المهندسين السعوديين وجمعية الفخاريين السعوديين، بل أيضاً جمعية البيروقراطيين السعوديين. ما زلنا في حاجة إلى رؤى واضحة بشأن مؤسسات المجتمع المدني، وما دام الحديث يتعلق بهيئة الصحافيين السعوديين، أقول لك - وأنا أحد أعضاء لجنتها التأسيسية - عليها أن تلتفت أكثر لأدوارها الحقيقية. ألا ترى أن القائمين عليها مشغولون بصحفهم أكثر؟ - لو وُجدت الرؤية الواضحة لدينا - نحن المجتمع الإعلامي - لعمل الهيئة، لما كانت هناك حاجة إلى هذا السؤال. في هذا العام سيصدر عدد من الصحف اليومية المحلية، هل تتوقع لها النجاح أم تشفق عليها؟ - حماستي - كصحافي - تزيد يوماً بعد يوم باتجاه أن تدخل السوق صحف محلية جديدة، وفي الوقت نفسه أنظر إلى ذلك بحذر، وآمل ألا تطرق صحيفة جديدة الباب إلا بما يضمن لها المنافسة مهنياً واقتصادياً، ولو حدث فستضطر صحف قائمة إلى تطوير أوضاعها ومضامينها، وأخرى ستخرج من السوق. هل مناهج أقسام الإعلام تسببت في تخريج كوادر غير قادرة على التعامل مع المتغيرات الإعلامية حولها، وأنت صاحب تجربة وخريج إعلام؟ - أقسام الإعلام بتعددها وأوضاعها الحالية تحتاج إلى مراجعة صارمة وإعادة رسم أهدافها وتصميم مناهجها، بما ينسجم مع حاجة السوق ومتطلباتها، وإلا فسنشهد المزيد من الهدر في الجهد والوقت والمال، والمزيد من الخريجين الضحايا في سوق العمل. هل ترى أنك مقصر في الناحية الأكاديمية تجاه المجتمع الإعلامي السعودي، فأنت محاضر في الإعلام ولم تقدم خبرتك العملية لطلاب الإعلام إلا لفترة بسيطة فقط؟ - أتحاشى رفع علمين بيدي الاثنتين في آن واحد، خشية أن تتعب إحداهما فتسقط، ولكني أسهم من وقت لآخر حسبما تسمح به التزاماتي العملية ووقتي. نحن بحاجة إلى السعوديات كثرة المذيعات السعوديات ظاهرة صحية أم"سد للذرائع"؟ - أية كثرة وأية ظاهرة؟ الحاجة قائمة لمن يرغبن في الانخراط في ممارسة هذا العمل باستعداد وثقة، كما فعلت أخواتنا المذيعات السعوديات على رأس العمل في القناة بكفاءة. العنصر السعودي ما زال مغيباً في القنوات الفضائية على رغم رأس المال السعودي المستثمر فيها... إلام تعزو ذلك؟ - أرجو أن تسأل القائمين على القنوات الفضائية التي تقصد في سؤالك، ومن جهة"الإخبارية"فالعناصر السعودية فيها تشكل أكثر من تسعين في المئة من كامل الطاقم، المهم أن تنجح القناة في جانب التدريب ومقابلة متطلبات الصناعة في التهيئة والأداء. أسألك كمراقب وليس كمسؤول؟ - أقول لمن لديه الرغبة في استقطابهم، عشرات السعوديين على السطح لديهم الإمكانات الأولية للعمل الإعلامي، فقط يحتاجون إلى التدريب والتهيئة للممارسة المهنية باشتراطاتها... ما المستحيل إذاً؟ برأيك ما المطلوب من الصحافي في الفترة المقبلة في ظل الدور القيادي المتنامي للملكة في المنطقة، وتوقُّع استضافتها الكثير من المؤتمرات والقمم؟ - إعداد المهني الجيد، والتسلح باللغة الإنكليزية والمعلوماتية، والثقافة العامة، وإتقان التعامل مع الكومبيوتر استخداماً وبحثاً. هل ترى أن هناك مكاناً للصحافي غير المحترف؟ - إلى غير رجعة.. أتمنّى. لو قدّر لك أن تكون في موقع إعلامي حكومي رفيع، فهل ستمارس سلطة الرقابة على الصحافة، أم أن هناك رؤية أخرى ستحملها من واقع خبراتك السابقة؟ - المدير العام لقناة"الإخبارية"موقع إعلامي حكومي رفيع، بصرف النظر عمّن يشغله، أنا أو غيري... نعم أمارس رقابة صارمة لحماية هامش الحرية الموجود.. رقابة على نوعية الأداء في الحدود المهنية ليس إلا. عندما كنا في الحوار الوطني لاحظنا أن فريقك خلف الكاميرا وأمامها هم من الشباب، هل ترى أن ذلك صحيح إعلامياً في ظل غياب الخبرات التي يحتاجها الإعلامي الشاب لتنتقل إليه خبراتهم؟ - شبان وفتيات"الإخبارية"الذين تولوا مهمة تغطية الحوار الوطني في الجوف كفاءات تلفزيونية وصحافية جيدة،"الإخبارية"تعتز بهم، ولعلمك فإن معدل أعمار العاملين في القناة لا يتجاوز 24 عاماً. "خفافيش الظلام"، كما يحب أن يسميهم الدكتور غازي القصيبي، لاحقوك على صفحات الانترنت وقالوا فيك"ما لم يقله مالك في الخمر"، بل إن الأمر كان أكثر مرارة بالنسبة إلى المتابعين عندما تطاولوا عليك وعلى عائلتك في قمة أزمة مرض ريما، كيف لم نر أي ردود علنية منك، على رغم أن بعضاً من الكتاب كانوا يقومون بالرد نيابة عنك، لماذا لم تتحرك رسمياً لدى الجهات القضائية؟ ولماذا لم ترد عليهم ولو بمقال؟ - دعهم في غيّهم يعمهون، أعيش في النور، إذاً لست معتوهاً حتى أختار أوكار الظلام، حيث الخفافيش... الأسود منهم والمزرقّ حنقاً واختناقاً ولوثة. دعك منهم فليس لهم أي اعتبار في عالم الأسوياء، أو حتى أنصاف الأسوياء. محلياً.. لن ينافسنا أحد في ظل هذا السباق الفضائي المحموم والسعي لاقتسام كعكة المشاهدين أين"الإخبارية"؟ - في الشأن المحلي السعودي لم ولن ينافسها أحد. ما علاقة الإعلام بالفوضى؟ - عندما لا تكون هناك خطوط حمر في منطقة الرقابة الذاتية. كنت تؤنّب الصحافيين مهنياً، في الوقت الذي كنت كريماً معهم من نواح أخرى، هل هذا صحيح؟ - سمّه ما شئت... هو ليس تأنيباً، بل دفع نحو تطوير إمكاناتهم والتسلح المهني واستثمار الفرص والتميز. ولا مكان للبلداء في محيطي. هل هذا خلق جيلاً جديداً من الصحافيين السعوديين؟ - بالصبر والثبات والرغبة في الاكتساب والتطور مهنياً واستثمار الفرص المتاحة، يكونون هم الذين أسهموا في صنع أنفسهم، والحصيف يصنع من الفرص أكثر مما يجد. هل نستطيع أن نقول إن التونسي صنع مدرسة صحافية في السعودية؟ - بل صحافي يتعلم يومياً لتطوير رصيده المهني، ويحرص على الإسهام في دعم وتطوير قدرات أعضاء فريق العاملين في دائرته ورفع كفاءة الأداء لديهم، وبما يهيئ لهم مستقبلاً مهنياً جيداً. أخيراً... كيف تريد أن تنهي حياتك العملية؟ - بالرضا عن الذات وعن السيرة، فأنجح الناس ليسوا بالضرورة الذين يملكون أفضل الأشياء، إنهم فقط الذين يوظفون المتاح أفضل توظيف. 30 عاماً من الركض الصحافي ولد محمد فرج التونسي مرتين، فالرحم الأولى كانت المدينةالمنورة التي أنشأته وصدرته إلى العاصمة الرياض، ليخرج من الرحم الثانية صحافياً من صحيفة "الجزيرة" قبل نحو 30 عاماً. واصل التونسي ركضه "عكس التيار" في ذلك الوقت، منطلقاً إلى "الشرق الأوسط"، ليصعد حتى صار نائباً لرئيس التحرير إبان تولي عثمان العمير رئاسة تحريرها. دخل التونسي المرحلة التي وصفها المراقبون ب?"المفصلية" في حياته المهنية، بعد ولادة فكرة تدشين صحيفة تحمل توجهاً اقتصادياً، تخرج من "الشرق الأوسط"، وتُسمّى "الاقتصادية". انطلقت "الاقتصادية" متخصصة محضة في شؤون الاقتصاد ودهاليزه، وسريعاً غيّر التونسي استراتيجيته التي فُسرت بأنها تجاوب مع حاجة السوق في تلك الفترة، مستغلاً ارتباط الاقتصاد بكل تفاصيل الحياة السعودية في تلك الفترة، فذهب سريعاً إلى حياة الناس وحاجاتهم اليومية، ومشكلاتهم مع القطاعين الحكومي والخاص، حتى أصبحت "الاقتصادية" وعاء لهموم الشارع السعودي، مضيفاً بهاراته الصحافية الخاصة على الصفحة الأولى، مبتعداً عن الرسمية ومعتمداً على الصورة الكبيرة والعنوان "الفضفاض". وبعد أحد 11 عاماً من الركض المضني على صفحات "الاقتصادية"، خرج التونسي من الغرفة التي حملها من جدة إلى الرياض، متوقفاً في استراحة محارب، وسرعان ما عاد ليرافق صديقه عثمان العمير الذي صحبه في "الجزيرة" و?"الشرق الأوسط". التجربة الجديدة للتونسي كانت عبر صفحات الانترنت، متولياً رئاسة تحرير صحيفة "إيلاف" الالكترونية، إلا أن التجربة لم تكمل العام، بعد خروج فكرة صحيفة "المطاف" التي كان عليه تولي رئاسة تحريرها، وسرعان ما أحبطت الفكرة التي ترنحت لمدة عشرة أشهر. عصر التونسي خبرته الثلاثينية ليصبها في كأس "الإخبارية"، موزعاً رشفات على فريق عمله الذي ما زال متعطشاً. ويؤخذ على التونسي بخله الأكاديمي الذي يحمل بين أوراقه وفكره، وهو من خريجي الدفعات الباكرة من قسم الإعلام في جامعة الملك سعود، وحاصل على الماجستير في الصحافة من الولاياتالمتحدة الأميركية، التي عمل في أكبر صحفها متدرباً في الثمانينات. ويسجل له في هذا الجانب عمله معيداً ومحاضراً في جامعة الملك سعود، وتقديمه عدداً من المحاضرات في عدد من عواصم العالم العربي.