رغم نضارة عمره، وحداثة جيله، إلا أن خبراته تعددت، وملكاته تنوعت، زاوج بين الصحافة والهندسة، وراوح بين التقديم والإعداد، وجمع بين التأسيس والإنتاج، ونوع بين التغريدات والمداخلات، فلمع نجمه بوظائف جمة، وشغل مراكز مهمة، كان من أبرزها تأسيسه لوحدات إعلام جديد في جهات حكومية وأهلية ، وعرف بعمله في الصحافة الإلكترونية، وإعداده وتقديمه لعدة برامج تلفزيونية ،، وبرز منتجاً لأفلام وثائقية قصيرة. مراسل الجزيرة ، السعودي عاصم الغامدي ضيفاً على الوئام :
حدثنا عن تجاربك الصحافية.. ومن أين بدأت نقطة الانطلاقة؟ البداية كانت أثناء دراستي بجامعة البترول، حيث قمت بتأسيس نادي الإعلام، إضافة إلى عملي في قسم العلاقات العامة والإعلام في الجامعة مشرفاً على الصفحات الطلابية في صحيفة الجامعة، وكان لي عدة تجارب في التعاون مع عدد من الصحف المحلية شملت: صحيفة "اليوم"، ثم انتقلت بعدها للعمل مع صحيفة "سبق" صحفياً متعاوناً في المنطقة الشرقية، ثم مراسلاً للصحيفة في جدة. أما على صعيد الصحافة التلفزيونية، فقد عملت معداً، ومقدم برامج في عدد من التلفزيونات المحلية، حتى جاء انتقالي لقناة "الجزيرة" مراسلاً لها في السعودية منذ نوفمبر 2011م.
من صحافي محلي هادئ إلى مذيع في قناة "الصخب".. من أين لك هذا؟ هذا من فضل ربي أولاً، وأؤمن – دوماً – أن الإعداد الجيد، وعدم استعجال الظهور، له دور في الصعود السريع، والثابت في الوقت نفسه.
لماذا الجزيرة وليس العربية؟ "الجزيرة" ليست مجرد قناة تلفزيونية، بل هي موسسة وشبكة إعلامية دولية، أثبتت نفسها إعلامياً وبحثياً وتدريبياً؛ لذا فإن حجز مقعد بين نجوم الجزيرة، ورسم مسار صحفي عبر قنواتها يعد إنجازاً، أما لماذا "الجزيرة" بالذات فالمهنية كانت هي أساس الاختيار، وهو ما تتفوق فيه "الجزيرة" بما نالته من سمعة عابرة للقارات.
هل لتعاطفك مع الإسلاميين دور في انضمامك للجزيرة؟ انضمامي جاء بعد سلسلة من الاختبارات التحريرية، والمقابلات الشخصية التي تمحص من خلالها "الجزيرة" الصحفيين المتقدمين، وفق معايير انتهجتها منذ تأسيسها عام 1996م، ووصلت بها من مجرد قناة تغطي الشأن العربي إلى اسم له وزن ثقيل في الإعلام الدولي.
السيرة الذاتية للضيف : عاصم الغامدي مراسل قناة الجزيرة في السعودية، ثالث سعودي يظهر على شاشتها، تخرج مهندساً صناعياً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، التي ترّأس تجمع طلابها الإلكتروني. وهو أحد الناشطين السعوديين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قام بإنتاج عدد من الأفلام القصيرة على الإنترنت، أشهرها "أوباما أطلق حميدان على يوتيوب"، وحاز مؤخراً الجائزة الوطنية للإعلاميين في نسختها الأولى ، وصنف في المرتبة ال67 ضمن أكثر 100 شخصية عربية حضوراً في "تويتر" عام 2010، حسب تصنيف مجلة "فوربس". أغلب السعوديين لا يعرف عن مكتب الجزيرة وموقعه ومديره ومنسوبيه أي معلومة.. هل لنا أن نعرف؟ تعمل الجزيرة الإخبارية في السعودية منذ عام 2011م، عبر شركة إنتاج إعلامي تزودها بالخدمات الإنتاجية، واللوجستية من مصورين، وفنيين، وإستديوهات، وعربات بث.. في كل من مدينتي: الرياض، وجدة، ونحن الآن بصدد تأسيس مكتبيْ تمثيل خاصيْن بشبكة الجزيرة في كل من: جدة، والرياض، وذلك بعد حصولنا – مؤخراً – على رخصة مكتب تمثيل من هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وهي الجهة المشرفة على مكتب الجزيرة بالسعودية. أما بالنسبة لمنسوبي المكتب، فأزعم أن "الجزيرة" استطاعت اقتناص أسماء قوية جداً في عالم الصحافة السعودية، ابتداء من الأستاذ القدير ماجد الحجيلان، القادم من "الإخبارية" السعودية، وهو من كان يدير عمل "الجزيرة" في السعودية، قبل أن يغادرنا منذ أكثر من عام، ثم الأستاذ عبدالمحصي الشيخ، وهو المنتج في المنطقة الغربية، وشغل سابقاً منصب مدير تحرير صحيفة "الحياة" في المنطقة ذاتها، وكذلك الأستاذ علي باوزير، منتج مكتب الرياض، وهو اسم معروف لدى معظم الوكالات العالمية، وله خبرة إنتاجية عريضة، وانتهاء بالزميل المراسل عبدالمحسن القباني الذي انضم إلينا – مؤخراً – قادماً من "سكاي نيوز عربية" التي قام بتأسيس مكتبها في الرياض.
علي الظفيري، عاصم الغامدي، عبدالمحسن القباني، عبدالعزيز الحيص، وآخرون.. هل هي انتقائية من الجزيرة لكوادر سعودية "مفصلة بالمقاس" أم هروب الكوادر المشاغبة للفضاء الأرحب؟ أعتقد أنها بالفعل انتقائية من "الجزيرة" لكوادر مفصلة بالمقاس على إعلام يعرض الرأي، والرأي الآخر، إعلام لا يخبئ الحقائق، إعلام يتيح الفرصة لجميع التوجهات، فتجد على شاشته القومي العروبي، والإسلامي، والليبرالي، والتقليدي، والثوري، والفلولي، ودائماً تجد على برامجه، ونشراته، أكثر من رأي، ووجهات نظر متضادة.
كيف تتعامل إدارة "الجزيرة" مع موظفيها السعوديين.. هل يحظون بدلال خاص كما يتردد؟ أنا مثلك أسمع عن هذا الدلال كثيراً، لكني لا أراه.
يقال إن: "عاصم" أصبح مطلوباً في كل الجهات بعد أن حمل مايك الجزيرة؟ أرجو ألا تكون الجهات الأمنية من بينها .
حصلت على الجائزة الوطنية ؛ لمجرد أمان جانب قناة "الجزيرة" وليس لفارق صنعته هكذا قالوا.. فهل صدقوا؟ حقيقةً لا أعتقد أن جائزة تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام، ويحضر حفل توزيع جوائزها معالي وزير الثقافة والإعلام، إضافة إلى رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، تقوم بالمخاطرة بسمعتها، وضيوفها، وسمعة القامات التحكيمية المشاركة، وفي نسختها الأولى؛ من أجل مجاملة جهة، أو أمان جانب قناة!
تتجنب في تقاريرك الحديث عن القضايا المحلية "الساخنة" التي كانت "الجزيرة" تعرضها سابقاً.. هل هو "تكتيك" لغض الطرف وتخدير الرقيب.. أم تغير في سياسة القناة تجاه المملكة؟ وماذا تسمى تقارير محاكمات معتقلي الرأي في السعودية، ومعاناة "البدون"، وتحديات الإسكان في ظل تمدد الشبوك، وغيرها من الملفات التي نحرص على تغطيتها، وفي الوقت الذي تقول فيه: إننا نتجنب القضايا الساخنة يتهمنا بعضهم الآخر بتجنب إنجازات الوطن، وأرى أننا بوجود هذين الاتهامين نسير في الاتجاه الصحيح.
هل تحظون بكامل الحرية في اختيار وتحرير المواد أم تأتيكم قائمة بالممنوعات والمباحات؟ كل عمل صحفي تكتمل أركانه هو مباح لدينا، وكل ما يسقط منه ركن من أركان المهنية، فهو في عقيدتنا الإعلامية محظور، وكأي عمل إعلامي هناك اجتماعات تحرير نحدد من خلالها أولويات العرض والبث، فالجزيرة كما تعلم ليست قناة معنية بالشأن السعودي فحسب، وبالنسبة للمواضيع فلم نتعود في الجزيرة على التعامل بطريقة الإملاءات، والقوائم، والفيصل دوماً هو جودة المادة، واكتمال عناصرها.
أزمة سحب السفراء.. كيف عشت لحظاتها؟ وهل تعرضت لمضايقات؟ المتابع لمسلسل العلاقات السعودية القطرية يدرك أن أزمة "سحب السفراء" لن تعدو كونها سحابة صيف، لكنها لم تكن مستغربة في ظل انعدام الشفافية الإعلامية الخليجية. وهذه الأزمة وغيرها هي أحد ضرائب التكتيم الإعلامي، وترك المشكلات الصغيرة لتتراكم حتى تتفاقم. أما عن المضايقات فمن حسنات هذه الأزمات أنها تكشف لنا عن حقائق كثيرين امتهنوا تخوين الأشخاص؛ بسبب اختلاف في الرأي، ظانين أنهم بهذا التخوين يكسبون رضا المسؤولين، وللعلم ففي اليوم الذي أُعلن فيه عن "سحب السفراء" بدأ العد التنازلي لعودتهم، فأهل الخليج لا يفجرون في الخصومة .
أثناء الأزمة طُلب من "الكتّاب" اعتزال صحف قطر.. لكن "عاصم" بقي مراسلاً للوسيلة الأكثر تأثيراً.. هل هي الواسطة أو الحظ أم لعبة الساسة؟ لا هذه، ولا تيك، ولا تلك.. بل أمر رابع لم تذكره في سؤالك.
عملت مراسلاً في الصحافة الإلكترونية، كيف تراها الآن.. وهل تعتقد أنها نافست وسائل الإعلام التقليدية؟ لغة الأرقام هي خير من يتحدث عن الصحافة الإلكترونية التي تسجل مشاهدات مليونية يومية في السعودية، ولا أرى أن الصحافة الإلكترونية نجحت فقط في منافسة الصحف الورقية، بل قامت بدور إيجابي بتحفيز الصحف التقليدية على الممارسة الإلكترونية، فأصبحنا نرى اليوم نسخ إلكترونية من الصحف الورقية تنافس الصحف الإلكترونية البحتة في سرعة بث الخبر، بل وتحولت المنافسة إلى جودة التحليل وطريقة عرضه، والجميل أن بعض الصحف الورقية كان لها السبق في دخول عالم التقرير الصحفي "اليوتيوبي"، فأصبح لديها قنوات خاصة لليوتيوب تعرض من خلالها تقارير ميدانية يومية.
أين يُصنع المراسل الناجح؟ الأزمات السياسية، والنكبات الاقتصادية، والكوارث البيئية تصنع أعتى المراسلين، وتتناسب أرزاق المراسلين طردياً مع أزمات الشعوب.
لماذا لا نرى المراسل السعودي يغطي أحداثاً خارج بلاده؟ حدث هذا الأمر، ويحدث، ولزميلي عبدالمحسن القباني تجربة صحفية في اليمن، أثناء عمله مع "سكاي نيوز عربية"، وشخصياً قمت بجولات إعلامية في اليمن، ومصر، والسويد، وفرنسا قبل انضمامي للجزيرة، وشاركت في عدة تغطيات صحفية في دول الخليج أثناء عملي مع "الجزيرة"، ومنها انتخابات مجلس الأمة في الكويت عامي 2012م و2013م، ومؤتمر أصدقاء سوريا، وغيرها. لكن ربما بسبب كبر مساحة المملكة، مع قلة المتوجهين من الصحفيين للعمل التلفزيوني، إضافة إلى كثرة الأحداث المحلية، كل هذه الأمور قللت من فرص الصحفي السعودي في الجولات الصحفية خارج وطنه.
هل نرى "عاصم" مراسلاً ميدانياً في أرض المعركة.. كما كان تيسير علوني وأحمد زيدان؟ ليس التحدي فقط هو الوجود في أرض نزاع، أو معارك، بل في العمل ذي النوعية الجيدة من أي أرض هو التحدي الحقيقي، وللمعلومية فالعمل الصحفي في السعودية تكتنفه الكثير من التحديات التي لا تبدو ظاهرة للجميع، إحدى وكالات الأنباء العالمية – على سبيل المثال – صنفت السعودية كمنطقة "متاعب"! فالتعامل مع بعض الأجهزة الرسمية التي – بكل أسف – تعرقل دائماً عمل الصحفيين التلفزيونيين؛ بحجة أن: "التصوير ممنوع"، إضافة إلى عدم تجاوب الكثير من صناع القرار، كل هذا وغيره، يقلل من الإنجاز، ويضعف جودة المادة المصورة، وهذا لا يعني أبداً أنك لن تجد "عاصم" يوماً ما في قلب معركة مراسلاً ناقلاً الحقيقة للمشاهدين.
في تويتر تغريدات "عاصم" تعبر عن توجهات الجزيرة في مصر.. هل الأمر عفوي أم إلزامي؟ في "تويتر" تغريداتي تمثلني شخصياً، ولا علاقة لها بأي جهة أخرى، وأكتب في حسابي في تويتر قبل انضامامي للجزيرة، وبالسقف ذاته الذي يعده بعضهم مرتفعاً، أما مصر، وما يجري فيها، فهي محل اهتمام كل مواطن عربي، فما بالك بصحفي من شأنه متابعة ما يجري حوله من أحداثه؛ ليربطها بالواقع الذي يعيشه.
هل تراك أصبحت ملكياً أكثر من سلطان القحطاني في الشأن المحلي؟ الزميل سلطان ذوقه "ملكي"، وأنا مجرد متابع لذوقه، ومعجب "أحياناً" بما يطرح، وذوقي في الشأن المحلي ليس ملكياً، إذا ارتأيت هذا التصنيف.
كيف ترى منافسة الجزيرة والعربية؟ "الجزيرة" شبكة ضخمة، تتحدث فيها عن قناة الجزيرة الإخبارية، والإنجليزية، وأمريكا، ومباشر، ومباشر مصر، والجزيرة نت، والوثائقية، ومركز أبحاث، ودراسات، وآخر للتدريب، والتطوير، وغير ذلك الكثير من الفروع، وأرى أننا نظلم قناة "العربية" إذا قارناها وحيدة بكل هذه الشبكة.
ما طبيعة علاقتك بمذيعي العربية السعوديين.. وهل يؤثر التنافس فيها؟ بعضهم بمجرد ذكر قناتي الجزيرة والعربية، يفترض وجود خصومة، وهذا مع الأسف؛ لأننا في بيئة لم نعتد فيها على الاختلاف، ونعتبر المعارضة والنقد خروجاً عن القانون. وإجابة عن السؤال فتربطني علاقات أكثر من رائعة مع العديد من الزملاء في "العربية"، إضافة إلى صداقات شخصية أعتز بها كثيراً مع العديد من أفراد طاقم القناة في دبي، والرياض، وجدة.
أكتب رسالة ل: قناة العربية ستأتيها لحظتها الفارقة. حرية الصحافة السعودية مؤجلة. مدينة إعلامية في المملكة سنسأل عنها بعد المدن الاقتصادية.
قل ما تشاء عن هذه الشخصيات: المذيع عبدالله المديفر انقلوا عن عاصم الغامدي أنه يقول: "المديفر" هو محامي الشعب. معالي الوزير عبدالعزيز خوجة يا سيدي، في القلب جرح مثقل.. بالحب يلمسه الحنين فيكسب. المذيع أحمد منصور أتعبت من بعدك.. وأخشى أن تُغلق الباب خلفك! رابط الخبر بصحيفة الوئام: عاصم الغامدي :الجزيرة انتقائية ومقارنتها بالعربية ظلم !