من الواجبات الثابتة والشرعية المتعلقة بأهم خلية في المجتمع وهي الأسرة، واجب النفقة الشرعية للزوجة على زوجها، ومرد هذا الواجب هو عقد الزواج الصحيح، وتكون النفقة واجبة متى ما تأكد أن الزوجة سلمت نفسها إلى الزوج بموجب ذلك العقد، حتى ولو كان تسليماً حكمياً، وتجب النفقة للزوجة حتى لو كانت غنية موسرة أو مختلفة في الدين مع الزوج، كما أن مرض الزوجة لا يمنع من استحقاقها النفقة. وعما تتضمنه النفقة الشرعية، نجد أن النفقة واجبة في الطعام والكساء والسكن والعلاج، ويتم تقدير نفقة الطعام بحسب حال الزوجين من اليسار أو الإعسار، ففي الحالة التي تكون فيها الحال ميسور فنفقة اليسار وفي الحال التي تكون فيها الحال معسرة فنفقة الإعسار، ولا يخاطب الزوج الفقير إلا بوسعه، ويكون الباقي ديناً عليه إلى حدوث يساره، وتجب كسوة المرأة من ضمن أعمال النفقة على زوجها، وذلك من حين العقد الصحيح، وتُفرض للزوجة كسوتان، إحداهما في الصيف والأخرى في الشتاء، وتعتبر في تقدير قيمة الكساء حال الزوج من حيث اليسار والإعسار، وعرف البلد كذلك، ويجب من ضمن النفقة على الزوج توفير السكن الملائم والمأمون للزوجة، بحيث يكون ذلك السكن منفصلاً إن كان الزوج موسراً أو يكون منزلاً تتوافر فيه المقتضيات والمرافق الشرعية، ويكون بين جيرة مأمونة، وإذا غاب الزوج وكان له مال حاضر فإن النفقة تفرض للزوجة من هذا المال. ومن حيث بقاء النفقة أو سقوطها فإن النفقة لا تسقط إلى بالأداء أو الإبراء، كما أن الزوج لا يمكنه الدفع بعدم الإنفاق مستنداً على مقاصة بين دين له على الزوجة وبين النفقة الواجبة عليه، إلا في حال أن يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية، وتعتبر النفقة الزوجية في مرتبة اختيار بحسب الأنظمة المختلفة التي عالجت موضوع النفقة، وذلك على جميع أموال الزوج، وعن مدى تأثر النفقة بالحال التي عليها الزوج فإن النفقة تجب على الزوج ولو كان فقيراً أو مريضاً أو عنيناً أو صغيراً لا يقدر على المباشرة للزوجة. وعددت الأنظمة المختلفة أحوال النفقة وأحكامها بحسب الأصول الشرعية، فمثلاً الزوجة مقيمة في بيت أبيها برضاء الزوج وعدم مطالبته بنفقتها فإنه تجب عليه النفقة، وإذا مرضت الزوجة مرضاً مانعاً من مباشرتها بعد الزفاف والانتقال لمنزل زوجها ثم انتقلت إليه وهي مريضة ولم تمنع نفسها بغير حق فلها النفقة، وأما إن كانت امتنعت بغير حق مع قدرتها على الانتقال بنحو ما ذكر فلا نفقة لها، وفي حال الزوج المحبوس فإن النفقة لا تسقط عنه ولو كان محبوساً بدين الزوجة عليه حتى وإن كان غير قادر على أدائه، وفي حال النشوز فإن حق الناشز وهي الزوجة التي خالفت زوجها وخرجت من منزل الزوجية بلا إذنه وبغير وجه شرعي فإن حقها في النفقة يسقط حتى عودتها، بل ان النفقة المتجمدة قبل النشوز تسقط بنشوز الزوجة، وتعتبر المرأة ناشزاً في حال ما إذا كان البيت الذي تقيم فيه هي وزوجها ملكاً لها ومنعته من الدخول عليها، وذلك ما لم تكن قد سألته الانتقال منه، ولم ينفذ طلبها بنقلها لمنزل آخر من عنده، وتسقط نفقة المستدانة بغير إذن الحاكم، وهي الزوجة التي تكون استدانت بغير إذن من القاضي بعد تظلمها وطلبها الاستدانة على الزوج. [email protected]