عند دخولي بوابة كليتي التابعة لجامعة الملك سعود، بعد أن ألغيت المحاضرات الصباحية بسبب مؤتمر كان مُقاماً في أحد المراكز الثقافية، ألقيت التحية على إحدى المشرفات على خروج الطالبات، إذ بأول استجواب توجهه لي:"وش عندك؟"إلا أني رددت عليها بسؤال: ماذا تتوقعين من مجيئي للجامعة في مثل هذه الساعة؟ وقد رسمت على وجهي ابتسامة استهزاء أو"استهبال"، لعلها تستدرك وتصوغ سؤالها بأسلوب لبق. ولكن اضطررت لإبراز"بطاقة الخروج"المزودة بجدولي الدراسي والموقعة من ولي الأمر والمرشدة الأكاديمية وسكرتارية القسم، ومختومة من قسم شؤون الطالبات. لن أتطرق إلى سلبيات القانون الذي وضعته الجامعة من أجل"حماية الطالبة"، ألا وهو عدم خروج الطالبات قبل الساعة 12 ظهراً، حتى وإن انتهى اليوم الدراسي، وفي المقابل منع دخول الطالبات بعد الساعة 12. إنني أعلم أن المشرفات على خروج الطالبات يطبقن القوانين المقررة على الطالبات، وأنا لا أعترض على التطبيق، ولكن يجب استخدام الأساليب التي تحترم الطالبات من دون تحسيسهن أو الإساءة إليهن. وهذا لا يبرر صدور تصرفات غير لائقة من بعض الطالبات سيراً على مبدأ"الشر يعم والخير يخص"فالتعميم غير مقبول، يجب أن يُحترم الشخص ويُكرم باستخدام العبارات التي تليق به كإنسان، كما أنه أحياناً توجه بعض الكلمات التي تتعدى الخطوط الحمراء، وعقد مقارنة بين أخلاقيات"المتزوجات وغير المتزوجات". ولكن ليس كل المشرفات يتصفن بهذه الأخلاق، فالكثير منهن يتحلين بالأخلاقيات المحترمة التي يجب توافرها في مشرفات يعملن داخل صرح أكاديمي كجامعة الملك سعود، ويتعاملن مع طالبات متعلمات. إن الظن السيء بالناس والتلفظ بألفاظ خارجة، مع الأسف، ليست مقصورة على المشرفات بل منتشرة عند الكثير من الناس، ما جعل جانباً من الحياة قبيحاً ومظلماً، ولا أعلم ما السبب... هل ينطبق عليهن المثل الذي يقول كلٌ يرى الناس بعين طبعه؟ أو أنهن يشعرن بقوة وثقة أكبر بعد تغطية جوانب الخلل والنقص في شخصياتهن باستخدام الأسلوب الفظ؟ أعتقد أنه قد تكون هذه من بين الأسباب الرئيسة في عدم صفاء النفوس والتفكير السلبي دائماً، وبالتأكيد هذا ليس مبرراً إنما مجرد محاولة لتفسير هذه التصرفات غير المقبولة. الملامة الأخرى تقع على بعض الطالبات اللاتي لا يضعن حداً للمشرفات اللاتي يتجاوزن حدودهن لكي يتوقفن عن هذا الهراء، فليس معنى سكوت الطالبات عن ذلك هو الرضا أو عدم الاكتراث بما يوجه لهن من اتهامات مباشرة أو غير مباشرة، خصوصاً أن هؤلاء المشرفات لا يملكن أدنى فكرة عن شخصيات هؤلاء الطالبات وماذا يدور في حياتهن، وما أفكارهن واهتماماتهن وطموحهن؟ لو أن كل طالبة عبّرت عن استيائها من هذه المعاملة ورفضها القاطع أن يتحدث إليها أحد بهذه الصورة، فلا شك أنها ستفرض احترامها، وطبعاً هذا جزء من الحل، ولكن الحل الرئيس هو أن تُصفي الناس نفوسها وتُعِودها على الظن الحسن بالآخرين، وعدم التفوه بأي عبارات جارحة، وليضعن في حسبانهن أن الخير لا يزال موجوداً وبكثرة وليركزن على الجانب الإيجابي. وبالنسبة للطالبات اللاتي يُحسب عليهن بعض التصرفات غير المقبولة، فهذا ليس مبرراً أبداً أن يعاملن بغير احترام، فهذا ليس من شيمنا، نحن المسلمين، لأننا كُرِمنا بهذا الدين، فلنتحلَ إذاً بأخلاقياته ووصاياه. مي رافع الزهير - الرياض