يعرف الجميع أنه من الصعب تعويض غياب النجم المميز خصوصاً إذا كان بحجم البطل الأولمبي العالمي هادي صوعان، الذي كتب اسمه بمداد من ذهب بإحرازه برونزية أولمبياد سيدني. لكن الخوف السعودي من فقدان بريق نجومية صوعان وعدم المقدرة على تعويضه تبدد نهائياً مع بروز عدد من النجوم الشبان، إذ تمكن صاحب النظرة الثاقبة رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى من توجيه الأنظار إلى نجم شاب من إحدى قرى الأحساء، كان يبلغ حينها 19 عاماً، ليكتشف موهبته ويعمل على صقلها وتطويرها. كان هذا العداء هو إبراهيم الحميدي الذي شاهده الأمير نواف بن محمد في إحدى البطولات المحلية مشاركاً مع ناديه الصواب، لينقله من عالم الهواية إلى عالم الاحتراف، ليتمكن الحميدي وفي في غضون أشهر معدودة من تسجيل اسمه ضمن قائمة نجوم اللعبة، وليعيد الطمأنينة إلى عشاق"أم الألعاب"بمواصلة إنجازات هادي صوعان في لعبة سباق ال 400 متر حواجز. الحميدي شق طريقه إلى عالم النجومية بسرعة الصاروخ، وكما يركض ويتجاوز الحواجز في مضمار الملاعب كان يركض في عالم النجومية، فلم تمض سوى أشهر منذ توجهت له الأنظار حتى استعان به اتحاد اللعبة للمشاركة ضمن فريق 400 متر تتابع عام 2002 في دورة ألعاب بوسان، ولم يترك الحميدي الفرصة تمر من دون أن يكون له حضور لافت، إذ أسهم في تحقيق برونزية ذلك السباق، ولأنه كان صغيراً في السن ولم يكن يمتلك الخبرة الفنية الكافية، فضَّل الجهاز الفني آنذاك عدم المجازفة به في سباق 400 متر حواجز، الذي ذهبت ذهبيته لزميله هادي صوعان. وبعد أشهر قليلة فقط، بدأ الحميدي ينثر الذهب مع كل بطولة يشارك فيها، وكانت بدايته في مدينة كروسيتو الإيطالية التي احتضنت عام 2003 بطولة العالم للشباب، التي حقق فيها الحميدي أول إنجاز عالمي في رصيده، حين حقق المركز الثالث، لتنتشر أشعة شمس جديدة للنجوم السعوديين في لعبة 400 متر حواجز، وهي اللعبة التي ستظل عالقة في أذهان السعوديين كونها أول لعبة تحقق ميدالية أولمبية. ولأن الزمن يمضي، كان لابد أن يتواجه الحميدي مع مثله الأعلى هادي صوعان، وكانت تلك المواجهة على أرض سعودية في بطولة التضامن الإسلامي عام 2005، وعلى رغم أن كل الترشيحات كانت تصب في مصلحة صوعان كونه البطل الأولمبي واللاعب الخبير، إلا أن كل تلك الترشيحات ذهبت أدراج الرياح مع وصول الحميدي إلى خط النهاية متوجاً نفسه كبطل قادم في هذه اللعبة. وفي تلك اللحظات التي كان الحميدي يتلقى فيها التهاني من الجميع قال صوعان:"الآن فقط سأشعر بالراحة على إنجازي بفضل هذه الوجه الجديد إبراهيم الحميدي"، وهي المقولة التي رسمت ابتسامة السعادة والارتياح على محيا اللاعب الشاب. والغريب أن بدايات الحميدي كانت في ميادين كرة السلة، ولعل طول قامته هو ما شجعه على ذلك، وفي هذا يقول:"كنت أعرف جيداً أنني لن أكون مبدعاً في كرة القدم، فاتجهت لكرة السلة في نادي الصواب بهدف إشباع رغبتي، إلا أن ذلك الأمر لم يدم سوى أياماً، حتى شاهدني مدرب ألعاب القوى في النادي يوسف الشايب، وطلب مني التحول إلى ألعاب القوى، وقدَّم لي إغراءات كبيرة، منها تأكيده لي أنه بإمكاني الوصول إلى النجومية في فترة بسيطة، وهو الأمر الذي أشعل في مشاعري رغبة التحدي". ويتابع:"كنت أتابع عبر التلفزيون منافسات ألعاب القوى العالمية، وكنت أحلم بالساعة التي أشارك فيها مع الأبطال العالميين في المضمار، والحمد لله تحقق ذلك الحلم سريعاً عبر اختياري لتمثيل السعودية في أحد المحافل الدولية، ومن هناك بدأتُ مشوار النجومية، فحققت الكثير من الألقاب والإنجازات، ما جعلني أبحث عن المزيد". ويؤمِّل الحميدي على أن يشهد عام 2008 تحقيقه إنجاز أستاذه في هذا الميدان هادي صوعان ويقول:"هناك حلم سأحوله إلى واقع في أولمبياد بكين عام 2008، وذلك عندما أشارك في السباق الخالد لدى السعوديين وهو 400 متر حواجز، لأحقق ما حققه أستاذي هادي صوعان، وثقتي في نفسي كبيرة، ودعم الأمير نواف بن محمد يجعلني متفائلاً أن هذا الحلم سيتحول إلى حقيقة"