يعتبر استقلال القضاء الركيزة الأساسية لعدم تغوّل أية سلطة أخرى عليه، وهو صمام الأمان للثقة بالقضاء وأحكامه، ولا شك في ان ما يتمتع به القضاء من الحصانة والاستقلال خصوصاً تجاه كل من السلطة التنفيذية والتشريعية، كفيل بتحقيق رقابة للإدارة وإخضاع الحكام جميعاً لأحكام القانون وتحديد سلطاتهم تحديداً فعالاً، وعلى العكس حين يفقد القضاء استقلاله ويكون رجاله من حيث اختيارهم أو ترقيتهم أو ممارسة اختصاصاتهم خاضعين للسلطة التنفيذية، فإن الرقابة القضائية لا يكون لها معنى، على الأقل بالنسبة إلى الحكام، ويصبح مبدأ خضوع الدولة للقانون وهماً لا وجود له. وتبدو مظاهر استقلال القضاء في أوجه عدة، تتمثل في الاستقلال عن السلطة التنفيذية كما جاء آنفاً، وكذلك الاستقلال عن السلطة التشريعية، الذي يعني عدم خضوع القاضي لغير القانون الذي حدد اختصاصه وولايته على الدعوى قبل وقوع الجريمة، وأن كل تدخل في اختصاص القاضي بمناسبة دعوى معينة يعتبر اعتداء على استقلاله وحياده. وكذلك الاستقلال الوظيفي للقضاء وهذا يعني ألا يؤثر تعيين القضاة في استقلالهم وأن يكون تعيين القاضي مشمولاً بضمانات محددة والاستقلال عن المتقاضين لضمان عدم المحاباة تجاه أي من الخصوم، وكذلك الاستقلال عن الرأي العام، كما أن استقلال القضاء ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ إن المادة العاشرة من هذا الإعلان نصت على أنه لكل إنسان الحق في المساواة التامة مع الآخرين في ان تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه. ومن الملاحظ أن الشروط التي تكرس الضمانات لاستقلال القاضي هي ضرورة توافر الشروط العلمية والفنية في القاضي، أي شرط الكفاءة للمنصب من كل الجوانب، وكذلك وجوب توفير الحياة الكريمة للقاضي من حيث خضوع القضاة في مناصبهم لنظام إداري ومالي يحفظ استقلالهم ويمتعهم بحياة كريمة يقاومون بها الضغوط التي قد تمارس عليهم ويحول دون وقوعهم أسرى لمصالحهم الشخصية. وأيضاً حصانة القاضي من العزل أي عدم قابلية القضاة للعزل ما لم يأت جرماً ويعني ذلك استقلال القاضي استقلالاً وظيفياً لا يخضع به إلا للقانون. من أبحاث مؤتمر القضاء والعدالة المحور الخامس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية