لقد دأب خادم الحرمين الشريفين بمساندة ولي عهده، على بذل ما في وسعهما للرقي بهذا البلد الحبيب، وراحة مواطنيه في شتى المجالات، بكل هدوء وسكينة ومن دون ضجة إعلامية، لأنهما يعلمان تماماً أن ما يقومان به هو واجب وطني ومسؤولية ثقيلة أناطها بهما الشعب. ولكن الملاحظ أن بعض الوزراء عندما يريد زيارة منطقة من مناطق المملكة لافتتاح مشروع يخص وزارته، أو زيارة تفقدية واجبة عليه، نجد أن هناك هالة إعلامية كبيرة، بل إعلانية ودعائية، لمقدمه الميمون. فعندما تتصفح الصحف المحلية تجد معظمها من دون استثناء تتبارى في مدحه بإعلانات الترحيب بمقدمه، وصوره هنا وهناك مزينة على جانبيها بصور كبار المرحبين من أهل الدار التي سيشملها"معاليه"بعطفه، وكلٌ بحسب تخصصه ومجال ارتباطه بهذه الوزارة أو تلك، ومدى وقع هذا الإعلان الذي تفوح من بين طياته رائحة النفاق، عسى أن يحفظ معاليه الجميل لمن كال المديح له! يا سادتي الوزراء والمرحّبين بهم... إن ولاة الأمر لا يحبّذون هذه الأساليب، والبلد ليس في حاجة لمثل هذه الأساليب المملوءة بالنفاق والتملق، ألم يقسم الوزراء أمام خادم الحرمين الشريفين على أن يؤدوا الأمانة الملقاة على عواتقهم لما فيه خير البلاد والعباد؟ أليس هذا واجبهم الشرعي؟ أم أن هناك فقرة لا نعلمها في القسم تجيز لهم هذا الاحتفاء"التطبيلي"؟ ثم هل يعتقد أي وزير عندما يزور أية منطقة لأداء واجب من واجباته المفروضة عليه، أن ما يقوم به هو تكرم وتفضل منه على أبناء هذه المنطقة أو تلك، لكي تفرد له الصفحات بالترحيب وقصائد المدح، ونشر نبذة عن حسناته، ولماذا لا يتنبه مديرو القطاعات التابعة لوزارته التي يريد زيارتها إلى عدم الضغط على أصحاب الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع الوزارة، وعدم إجبارهم على الإعلان نهائياً؟ ألا يعلم أصحاب المعالي كم هي المبالغ التي تُهدر على هذه الإعلانات التي تحمل بين طياتها أنواع النفاق والتملق؟! أليس من الواجب بدلاً من إهدار تلك الأموال الطائلة بأن تُجمع وتُوضع في صندوق خيري يُصرف منه على المحتاجين من أبناء البلد؟ أدعو إلى وضع حد لهذه الظاهرة. لسنا في حاجة للتطبيل وتلميع صور الوزراء، حتى لا يظن هؤلاء الوزراء أن مثل هذه الأمور تصب في مصلحتهم، أو ترفع من قدرهم عند ولي الأمر، وربما كان العكس هو الصحيح. كفانا"هيلمة"وبهرجة لا لزوم لهما، إن الذي يستحق أن يُحمد ويُشكر هو ما يقوم به من عمل نافع ومثمر لبلده وأبناء بلده بعيداً عن الأضواء، وليس بالصور والتصريحات. آمل أن يقع مقالي هذا برداً وسلاماً على أصحاب المعالي وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.