دأبت المملكة على إيلاء قضية صحة الإنسان في هذا الوطن أعلى درجات الاهتمام والعناية، وترافق مع كل جهد مهني وصحي بذلته الدولة لمصلحة ضمان سلامة أفراد المجتمع وتحقيق أمنهم الصحي، التزام سياسي صارم بضرورة بلوغ الخطط والطموحات المرسومة، لتحقيق شكل التطلعات الوطنية المشروعة، بل والملزمة لكل قيادة رشيدة تحظى باحترام شعبها وتقديره. واستناداً إلى هذه المقدمة تمكنت حكومتنا من تحقيق إنجاز صحي، هو بكل مقياس عالمي المستوى يتمثل في التنفيذ الحاسم والدقيق والمميز لبرنامج التحصين الموسع، واستخدام لقاحات الأطفال في كل مناطق السعودية، حتى أصبحت بلادنا بموجبه من أوائل بلاد إقليم شرق المتوسط والدول العربية تحقيقاً لأعلى معدلات التطعيم والتحصين الشامل ضد أمراض الطفولة الشائعة. ومنذ عام 1384ه 1964 بادرت بلادنا باتخاذ التدابير اللازمة، لتعزيز برامج لقاحات الأطفال، وإدخال عدد من اللقاحات الأخرى تشمل شلل الأطفال، والثلاثي البكتيري، والحصبة، وهو ما أسهم في خفض نسبة الإصابة بهذه الأمراض. بيد أن النقلة الكبرى التي شهدها هذا الأمر تحققت مع صدور الموافقة السامية الكريمة بعدم إصدار ومنح أي شهادة ميلاد لذوي أي مولود جديد، إلا بعد أن يتم إثبات اكتمال تلقيه التحصينات الأساسية، وأدى هذا الالتزام السياسي إلى ارتفاع صريح وكبير في نسبة التغطية للقاح الثلاثي البكتيري من 66 في المئة عام 1980 إلى 92 في المئة بحلول عام 1990. أما شلل الأطفال فتطور الأمر معه إلى مدى أوسع، وبحلول عام 1995 تمكنت وزارة الصحة من السيطرة على هذا المرض، بل وإعلان السعودية خالية تماماً منه. ومنذ ذلك التاريخ تمكنا - ولله الحمد- من السيطرة التامة على شلل الأطفال، وها نحن الآن بصدد السيطرة التامة على أمراض الحصبة، والحصبة الألمانية، والنكاف، فجميع هذه الأمراض تحظى بنسبة تزيد على 95 في المئة في المتوسط من التحصينات ضدها. إن الشهادة التي تقدمت بمنحها منظمة الصحة العالمية كأعلى هيئة دولية مرموقة في هذا المجال إلى السعودية بمناسبة خلوها من شلل الأطفال تأتي تتويجاً في واقع الأمر لمسيرة عمل مرتب وشاق استمر 40 عاماً لمحاصرة أمراض الطفولة والقضاء عليها... وهذه المدة تعتبر قياسية إذا ما قورنت بالفترة التي احتاجتها دول أخرى للوصول إلى النتيجة نفسها. وعلى رغم تواصل الجهود، لتعزيز سلامة أطفالنا الذين هم مشروع نهضتنا المرتجاة، إلا أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين سلطان بن عبدالعزيز ? يحفظهما الله ? لا تزال تعطي الأمر كامل عنايتها واهتمامها، وهو ما تمت ترجمته من خلال زيادة موازنة برنامج التحصين الموسع الذي تنفذه وزارة الصحة من 120 مليون ريال في عام 2006 إلى 180 مليون ريال في العام الحالي 2007. إن الإدارة الحازمة الحاضرة بقوة تعطي نتائج أفضل دائماً، وفي تجربة السعودية ضد شلل الأطفال الدليل الكافي.