لا تُنكر جهود دولتنا الكريمة في سبيل تطوير التعليم، ممثلة في وزارة التعليم العالي، وما سعيها في سبيل تطوير التعليم الجامعي المتواصل إلا لاحتواء أكبر عدد من مخرجات التعليم العام، أو على سبيل التطوير الشامل في المقررات ووسائل التدريس، إنني أريد التحدث عن جزئية مهمة جداً وهي خريجو هذه الجامعات وحالهم بعد تخرجهم. الملاحظ أن نسبة كبيرة جداً منهم يحملون تقديرات محبطة لا تتعدى المقبول أو الجيد، وقليل من يتعدى هذا التقدير، وهو أمر يطرح أسئلة عدة مثل: هل هذه التقديرات تعكس فعلاً مستويات هؤلاء الخريجين؟ وإذا كانت كذلك ولن أشكك في نزاهة القائمين على هذه الجامعات فإن هناك خللاً عظيماً، وإلا فكيف يتخرج هذا الطالب من الثانوية العامة بتقدير عالٍ يؤهله لدخول الجامعة، ومن ثم يخفق في تجاوزها أو يتجاوزها بما دون المستوى المرضي، لا سيما أنه لم يلتحق بهذا التخصص إلا لرغبته الأكيدة في الدراسة والتفوق والرقي، وإن كنت أرى - من وجهة نظري - أن المعدل في الشهادة الثانوية أدق وأصدق لأسباب وجيهة، في مقدمها الأسئلة الموحدة لجميع الطلاب واللجان العامة التي تتولى عملية التصحيح ووضع الدرجات ورصدها، وكلها مراحل تتم بمنأى عن العواطف والعلاقات والنوازع الشخصية المؤثرة. مما سبق يتضح لنا ضرورة حماية حقوق الطلبة في المناقشة والمراجعة للدرجات الموضوعة لهم، وانتخاب جمعيات طلابية من طلبة الجامعات، وهي تجربة سلكتها كلية المعلمين في جدة من قبل، وكذلك إحدى جامعاتنا العريقة في السعودية تسير على المنظور نفسه. لقد طالعتنا صحافتنا منذ أيام عن عزم مجلس الشورى درس بعض المشكلات التي تواجه أساتذة الجامعات لدينا، ووضع الحلول لها، خصوصاً في ظل التسرب الكبير للأكاديميين في التعليم العالي، الأمر الذي نجم عنه نقص شديد في أعداد الأساتذة، وكذلك المعدلات السيئة التي يتخرج بها الطلاب منذ سنين مضت، وهي مأساة حقيقية، خصوصاً أن هؤلاء الخريجين إذا ذهبوا للخارج للدراسة فإنهم يتخرجون بتقديرات مشرفة، فكان يجب على مجلس الشورى الموقر أن يضمن دراسته تلك دراسة للمشكلات والعراقيل التي تواجه هؤلاء الطلبة. فكما أن لعضو هيئة التدريس مطالب، فللشباب أيضاً مطالب، وليت الأمر يقتصر على اشتراط التقديرات في الوظائف الأكاديمية فقط، بل إن الكثير من الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص يشترط توافر تقديرات مرتفعة، إضافة إلى الشروط الأخرى التعجيزية، خصوصاً أن الكثير من الخريجين السابقين هم من حملة التقديرات المتدنية، ولم يكن هذا الأمر عائقاً لهم عن خدمة وطنهم ودينهم بكفاءة واقتدار، خصوصاً أن عدم معالجة هذا الأمر يدق ناقوس الخطر في مستقبل التنمية والتطور، لا سيما أن هذا البلد يتطلب الكثير من التوسع في التوظيف والتأهيل، في ظل وجود عدد كبير من العمالة التي ربما لا تكون مؤهلة بالشكل الجيد، والبلد يعتمد على شبابه ويتأمل منهم الكثير. عمرو إبراهيم العمرو مستشار قانوني عضو الجمعية السعودية للإدارة