مع نهاية كل عام دراسي يتخرج عشرات الآلاف من الشهادة الثانوية، ولا يحظى الا القليل منهم بمقعد الدراسة الجامعية او الالتحاق بالوظيفة في مؤسسة او شركة, مما يجعل ارقام القاعدين في منازلهم في ارتفاع ينتظرون الفرج الذي اضحى سرابا, واخلاطا من الاحلام.. هي الكوابيس بعينها، فيما سحب الكآبة ودخان اليأس وكتل المرارة تسد الأفق امام انظارهم, وهم يراقبون الحياة تجري وينسكب ماؤها خارج ايديهم, بلا وظيفة.. بلا أمل. صورة قاتمة تتكرر كل عام. صورة قاتمة تتكدس كل عام. وضعية بائسة تتكرس مع جحافل خريجي الثانوية الذين انطفأت لمعة الفرح في اعينهم. وكأن شهادة الثانوية بمثابة اشهار علني للتوقف عن الحلم بمواصلة الطريق, واستئناف مسيرة التعلم او صنع الحياة الخاصة من خلال العمل, ورغم ان الناقوس يدق كل عام, ويجلجل صداه في اروقة الجهات الرسمية والعليمين بالتخطيط و(التضبيط) لأمور المستقبل, غير ان شيئا لا يحدث لمواجهة هذه الأزمة المتصاعدة على نحو كارثي, يهدد بتحويل جزء كبير من المجتمع الى سديم من العاطلين يجوبون شارع البطالة ليل نهار. والله ان المرء ليشعر بالخجل الشديد وبالغضب الحامض وهو يقرأ قبل عام لمسئول في تعليمنا العالي. ان هذا العام سيشهد استيعابا لخريجي الثانوية. ولا نعلم ماذا نفعل بهذا التصريح الذي يكذبه الواقع العياني بالابواب الموصدة والشرفات المغلقة. انتهت صلاحية التصريح بفساد مادته التي لوحت بالأمل, واختفت مختنقة بالدرجات الموزونة والمعدلات التراكمية (المزيونة) واختبارات القدرات المدفوعة الثمن بلا طائل واختبارات القبول. وكأن خريج الثانوية في سباق ماراثون مليء بالعقبات التي يبذرها منظمو السباق حتى لا يجتازه احد!! لن يكون من المعقول ان نفترض ان شريحة الامتياز في طبقتها العالية هي المهيمنة بين طلابنا وطالباتنا, وعلى هذا الفرض يتحدد المصير والمستقبل, لسنا مجتمعا من العباقرة, وليست جامعاتنا مخصوصة بتدريس العباقرة وحدهم!! ان الخلاصة النهائية التي نشهدها تؤسس لليأس وانعدام القيمة والتقدير الذاتي, الأمر الذي سوف نطالع اثره ليس في البطالة وحدها, ولكن ما سوف ينجم عن هذه البطالة التي تتسرب في اوصال المجتمع امراضا, نسأل الله السلامة منها.