حض خطباء المناطق في المملكة، مواطنيهم على رد المظالم والتوبة وبذل المعروف، إنْ هم أرادوا أن يستجيب الله دعاءهم بإنزال الغيث، الذي حُبس عن معظم مناطق البلاد أشهراً عدة. وفيما ركز الأئمة على تحذير المصلين من أن الرب - عز وجل - يبتلي عباده بالجفاف والكوارث، بغية أن يلتجأوا إليه ويسألوه، لا تزال ظاهرة العزوف عن حضور صلاة"الاستسقاء"، تشهد توسعاً في أنحاء شتى من البلاد، فيما عدا الحرمين الشريفين، اللذين يكتظان بالزوار على مدى ساعات الليل والنهار. راجع ص2 ودفعت الظاهرة دعاة وعلماء إلى التحذير من مغبة ذلك، وأنه ربما يعكس ضعف إيمان وقسوة في القلوب، إلى جانب قلة التوعية، التي طالب المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وسائل الإعلام بالنهوض بها، لما تمثله الشعيرة من أهمية كبيرة في إظهار الافتقار إلى الله. وأعرب وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري عن بالغ أسفه، لتجاوز ظاهرة التهاون في أداء"سنة الاستسقاء"الحد المعقول. وقال:"في الجامع الذي أديت فيه الصلاة لم يحضر سوى بضع عشرة شخصاً، على رغم تعميم الوزارة على مساجد الرياض كافة، أن تحث المصلين على الحضور قبل يوم الاستسقاء بأيام عدة، والترغيب في السنة المهجورة أثناء خطبة الجمعة التي تسبق الاستسقاء، لكن تلك الجهود جميعها لم تصل فيما يبدو إلى سويداء قلوب بعض من خيّم على عيونهم النعاس"! وحول إمكان إقامة الصلاة في أوقات تعج فيها الأسواق بالناس مثل فترة ما بعد صلاة العشاء أو قبيل الظهيرة، نفى السديري أن يكون ذلك مباحاً شرعاً، وقال إن"هناك حلولاً جُربت في عهد الملك خالد - يرحمه الله - مثل إعفاء الناس من الذهاب إلى الأعمال أو المدارس يوم صلاة الاستسقاء، إلا أنها أيضاً لم تنجح، إذ لوحظ أن من لم يخلد إلى النوم، حزم حقائبه وسافر، أو خرج للنزهة في إحدى البراري"! لكن أستاذ الشريعة في جامعة الإمام الشيخ سامي الماجد، رأى أنه من الناحية الشرعية"لا محظور في إقامة صلاة الاستسقاء خارج وقت النهي إذا ما أذنت بذلك الجهات المعنية، كما أن تكرار الاستسقاء مرات عدة في الشهر الواحد ربما أدى إلى نوع من الملل لدى بعض الناس، إضافة إلى أن معظم سكان المدينة لا يجدون - لعدم نزول المطر - أي أثر في حياتهم اليومية، ما يجعلهم بكل صراحة غير مبالين، بسبب غياب التوعية المتنوعة". وأشار إلى أن القرى والمدن الصغيرة التي يملك معظم سكانها بهائم ومزارع"شاهدت بنفسي كيف كان الرجال والنساء والصبيان جميعاً يخرجون بأعداد كبيرة إلى البرية بشمائل وأغطية في أجواء روحانية مؤثرة، لما يدركونه من خطورة شح الأمطار على بلدتهم، ولذلك من المهم جداً حتى يحرص الناس في المدن الكبرى على حضور الاستسقاء أن تنظم برامج توعية، تبين لهم بموضوعية، أهمية حضور الصلاة، وخطر تخلفهم عنها، اجتماعياً واقتصادياً ودينياً". وكان عدد من أئمة الجوامع في الرياض بين من اتصلت بهم"الحياة"أكدوا أنهم اختاروا الاكتفاء بالإعلان عن إقامة الاستسقاء في أقرب جامع كبير وأغلقوا جوامعهم، لأنهم صلوا"الاستسقاء"مرات عدة فلم يجدوا خلفهم إلا خمسة أشخاص أو أقل!