فعاليات الأسبوع الثقافي السرياني الرابع الذي أقيم في مدينة أربيل العاصمة السياسية لإقليم كردستان العراق، بدت مختلفة هذا العام، لجهة الحضور والعروض، التي تنوعت بين أفلام وثائقية ومسرحيات وعروض للأزياء. وتعكس الأفلام الوثائقية صورة الواقع المسيحي في البلاد بعد بدء الحرب على العراق عام 2003. وركّزت قصة أحدها على انفجار تعرض له باص كان يقلّ طلبة مسيحيين في محافظة نينوى العام الماضي، وأسفر عن مقتل ثلاثة طلاب وإصابة مئة آخرين. لم تتوجه فعاليات المهرجان الى أذواق الكبار فحسب، إذ قُدّمت في المهرجان مسرحية للأطفال استقطبت المئات منهم. كما تضمن عروضاً للأزياء الفولكلورية الشعبية السريانية، تمثّل تراث مختلف القرى والمناطق التي يقطنها المسيحيون في العراق، إلى جانب تقديم الأطباق الشعبية والأغاني التراثية. وأثار إعجاب الجمهور الذي فاق عدده ألف شخص، عرض حيّ بكامل الأزياء التقليدية لمراسم زواج، وأحيط «العروسان» بمجموعة من الشبان والشابات وسط زغاريد ورقص على أنغام الطبل والزرنا (آلات موسيقية قديمة). وفي جانب آخر من المهرجان، كان معرض للصور الفوتوغرافية يعود تاريخها إلى أكثر من خمسين سنة، فضلاً عن عروض لألعاب شعبية، أعقبتها وجبة مفتوحة للجمهور من الأكلات والحلويات المتوارثة منذ أجيال ولا يزال بعضها حاضراً على موائد المسيحيين في العراق. أحلام وانتقادات هذه الأجواء الدافئة عكست ارتياحاً وبهجة لدى الحاضرين، خصوصاً كبار السن، الذين ذكروا أن إحياء تلك التقاليد أعادهم بالذاكرة إلى أيام لطالما اعتبروها جميلة، لبساطتها. وقال يوسف بطرس (50 سنة) إن «فعاليات المهرجان أدخلتني في أجواء أيام الطفولة ولم أكن أتوقع أن أراها ثانية حتى في الأحلام»، فيما وصف الشاب غدير قرداغ (27 سنة) المهرجان بأنه «أطلعنا كشباب على حياة لم ندركها تماماً، عاشها أجدادنا وسمعنا عنها بالتواتر». وأقيم معرض للفن التشكيلي، وأمسية شعرية شارك فيها 15 شاعراً وشاعرة قدموا قصائد بأربع لغات هي السريانية والكردية والعربية والتركمانية، على أنغام الموسيقى الكلاسيكية، إضافة إلى معرض للرسوم الكاريكاتورية والخط السرياني والتصوير الفوتوغرافي بمشاركة ستة فنانين. غير أن رضا غالبية الحاضرين لم ينأ بالمهرجان عن بعض الانتقادات، إذ قال الزائر باسم جرجيس (55 سنة) إن «الفعاليات لا بأس بها، لكن التراث والثقافة لا يقتصران على الملابس والأكل، فكان يتوجب عقد ندوات حول تاريخ السريان في العراق الذي يمتد آلاف السنين في مختلف المجالات». وساهم في فعاليات الأسبوع السرياني نحو 30 جمعية وفرقة فنية ومركزاً ثقافياً وأدبياً، من أكثر من 20 قرية وبلدة سريانية، فيما تجاوز عدد الأدباء والفنانين المشاركين فيه 300 مشارك.