تتجه دول مجلس التعاون الخليجي إلى تأجيل إعلان وحدتها النقدية إلى ما بعد 2010 في الوقت الذي رآه مراقبون بأنه سقوط مؤكد في نفق المجهول. وأكد مصدر خليجي رفيع أن فكرة إنشاء اتحاد نقدي من خلال إصدار عمله خليجية موحدة في ما بين دول الخليج العربية، ما زالت موجودة. وأوضح المسؤول فضل عدم ذكر اسمه في حديث ل"الحياة"إمكان تعرض العملة الخليجية إلى عدد من المشكلات أو العوائق الإجرائية، مشدداً على أن فكرة إلغائها غير واردة إطلاقاً على المدى المنظور. وتوقع المصدر أن يقوم وزراء المال في دول الخليج في اجتماعهم المنعقد في تشرين الأول أكتوبر المقبل، برفع توصية إلى القادة، تضمن تأجيل الموعد النهائي لإطلاق العملة الخليجية الموحدة والاتحاد النقدي من 2010 إلى موعد آخر لم يحدده. وفي هذه الأثناء، تتجه معدلات التضخم الخليجية إلى التباين الحاد على خلفية اقتفاء بعض الدول الخليجية خفض الفائدة الأميركية الذي أقره مجلس الاحتياطي الفيديرالي البنك المركزي الأميركي بنصف نقطة مئوية ما سيسهم في رفع معدلات السيولة بها، ويزيد من تباين معدلات التضخم بين الدول على رغم اشتراط إطلاق العملة الخليجية ضمان اختلاف نسبة التضخم بهامش 2 في المئة أعلى أو أقل من أسعار الفائدة في بقيّة الدول، وألا تزيد أسعار الفائدة أو تقل عن 2 في المئة لدى ثلاث دول خليجية على الأقل. ويعتقد مراقبون بأن انخفاض قيمة الدولار وارتفاع الأسعار العالمية وزيادة الطلب المحلي أذكت التضخم لدى دول الخليج، ما دفع السعودية والبحرين وعمان إلى عدم الاقتداء بقرار مجلس الاحتياطي الفيديرالي. واقتفت الكويتوالإماراتوقطر الفائدة الأميركية، إذ عمدت الكويت التي وصل معدل التضخم بها إلى أعلى مستوياته في 12 سنة عند خمسة في المئة إلى خفض سعر إعادة الشراء بواقع 50 نقطة أساس إلى 4.75 في المئة، فيما تجاهلت الإمارات ارتفاع معدل التضخم الذي سجل أعلى مستوى منذ 19 عاماً عند 9.3 في المئة العام الماضي، وخفضت سعر الفائدة على شهادات الإيداع لأجل أسبوع واحد إلى 4.60 في المئة، وعلى شهادات الإيداع لأجل شهر إلى 4.70 في المئة بهدف الحفاظ على القيمة النسبية لعملتها، وقررت قطر التي تحاول الوصول إلى معدل عشرة في المئة في غضون عام من 12.8 في المئة خفض سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة 0.65 في المئة. وقال رئيس اللجنة المالية عضو مجلس الشورى الدكتور محمد إحسان أبو حليقة ل?"الحياة"أن العملة الخليجية سقطت في حكم المؤكد ولم تؤجل، وذلك منذ المرحلة التي قررت فيها الكويت فك ارتباط عملتها الدينار بالدولار الأميركي والاعتماد بدلاً عن ذلك بسلة عملات، إضافة إلى انسحاب عمان من الوحدة النقدية الخليجية. وأضاف أن دول مجلس التعاون الخليجي أدركت بعد مضي سنوات انتفاء التقارب النقدي والاقتصادي، في إشارة إلى التفاوت الحاصل في مستويات التضخم ودخل الفرد والأدوار المختلفة للقطاعين الحكومي والخاص والقطاعين المصرفي والمالي، وأخيراً طرق إدارة المعروض النقدي في ما بين دول الخليج. ولفت إلى أن العملة الخليجية دخلت في مرحلة اللاوحدة، مستغرباً إعداد دول المجلس مشروع اقتصادي خليجي"عبثي"قبل نجاح السوق الخليجية المشتركة، مطالباً في الوقت نفسه بوضع مشروع اقتصادي يمكن تنفيذه ومن المستحيل تأجيله. من جانبه، توقع المحلل الاقتصادي محمد العنقري دخول مرحلة الإطلاق للعملة الخليجية الموحدة نفق المجهول مع تباين معدلات التضخم والمعالجة النقدية بشكل كبير بين دول الخليج، مشيراً إلى أن القرارات الفردية للبنوك المركزية للدول الأعضاء ستزيد الفجوة في ما بينها، ما سيدخلها إلى دائرة ترتيب أوراقها من جديد في ما يخص الشروط التي اتفق على تحقيقها لإطلاق العملة الموحدة، باستثناء عمان التي ارتأت منذ البداية عدم قدرتها على تطبيق تلك الشروط، ما يعني المزيد من العقبات لتطبيق تلك الخطوة، ويبقى توحيد العملات أمر صعب دائماً. +