تعززت احتمالات رفع الإمارات صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي قيمة عملتها المرتبطة بالدولار في محاولة للسيطرة على نسبة التضخم، بعد أن توقعت غرفة الصناعة والتجارة في دبي أن يقوم المصرف المركزي الإماراتي قريباً برفع سعر الدرهم مقابل الدولار تماشياً مع عملات دول المجلس الأخرى. وقالت غرفة الصناعة والتجارة في دبي في تقرير وزعته أمس، إن الخطوة التي فيما يبدو أنها أصبحت قريبة التطبيق ستساهم إلى حد ما في تخفيف الضغوط التضخمية مع الإبقاء على الارتباط بالدولار كجزء لا يتجزأ من المعايير اللازمة للوحدة النقدية في عام 2010.وتعتزم دول الخليج العربية إطلاق عملة موحدة في عام 2010.وذكر التقرير أن اقتصاد دول الخليج متجانس إلى حد مقبول ولكن تفاوت معدل التضخم يضعف جهودها لتحقيق الوحدة الاقتصادية. وبعد تخلي الكويت دون بقية دول الخليج عن ربط عملتها بالدولار وإعلان عمان أنها لن تلتزم بالموعد المحدد للوحدة النقدية يتزايد الضغط على دول الخليج العربية لرفع قيمة عملاتها مقابل الدولار الضعيف من أجل تحقيق الوحدة الاقتصادية. وفي دراسة حديثة أعدتها إدارة البيانات والأبحاث في غرفة تجارة وصناعة دبي وحملت عنوان "الوحدة النقدية بين دول مجلس التعاون الخليجي"، قالت الغرفة إن اقتصادات دول الخليج تنمو بوتيرة مختلفة إذ يحقق البعض مثل الإمارات والبحرين تقدماً ملحوظاً في الخروج من دائرة الاعتماد على النفط والغاز بينما دول أخرى مثل السعودية وعمان تعتمد إلى حد كبير عليهما كمصدر رئيسي للدخل. وأبدت غرفة تجارة وصناعة دبي قلقاً بالغاً حيال التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي، وتأثيره المحتمل على قدرة تلك الدول على إنجاز مشروع العملة الخليجية الموحدة عام 2010، متوقعة أن تقوم الإمارات خلال فترة قريبة برفع سعر صرف الدرهم. وقالت الغرفة إن هناك تحديات أخرى ما تزال تنتظر العملة الموحدة، وفي مقدمتها ما قامت به الكويت لجهة فك ارتباط عملتها بالدولار، وذلك إلى جانب تغيير الهياكل الاقتصادية لدول المنطقة، مع التباين في سرعة تنويع الاقتصاد. ولفتت الغرفة إلى أن مشروع الوحدة النقدية بين الدول الخليجية "سوف يشمل تبني كافة دول المجلس عملة موحدة مقابل العملات العالمية، وتبني سياسات نقدية ومصرفية موحدة، والاحتفاظ باحتياطيات من العملات الأجنبية يديرها بنك مركزي واحد وتحقيق تقارب اقتصادي معقول". وذكرت الغرفة أن دول المجلس اتفقت العام 2004على تبني معايير التقارب الرسمية التي طبقها الاتحاد الأوروبي، غير أنها استطردت بالإشارة إلى أن الأبحاث "أثبتت أن هذه المعايير غير ملزمة تقريباً لدول المجلس وذلك تحديداً لضخامة عوائد النفط والارتباط بالدولار الأمريكي". وفيما استوفت دول الخليج معايير التقارب على مستويات الدّين العام وعجوزات الميزانية وأسعار الفائدة والاحتياطيات الأجنبية، فإنها فشلت في تحقيق المعايير المطلوبة بمعدلات التضخم عند مستوى اثنين في المائة في ظل تباين واسع بين السعودية والبحرين من جهة والإمارات وقطر من جهة أخرى، حيث سجل التضخم بقطر قرابة 14في المائة. وفي إشارة بالغة الدلالة، جاء في الدراسة: "لسوء الحظ، فإن التفاوت في معدلات التضخم بين أعضاء المجلس يعوق من التقارب الاقتصادي خاصة فيما يختص بأسعار الفائدة والصرف. بالإضافة إلى ذلك، فإن نجاح الوحدة النقدية الخليجية يواجه تهديداً من تغير هياكل اقتصاديات دول المجلس". كما لفتت الدراسة إلى أن هناك تفاوتاً في سرعة تنويع الاقتصاد، حيث حققت الإمارات والبحرين تقدماً ملحوظاً في تقليل نسبة النفط ضمن إجمالي صادراتهما وكمصدر للإيرادات الحكومية، فيما لا تزال السعودية وعمان تعتمدان كثيراً على الهيدروكربونات، مما قد يؤثر على "بلا شك" على بنية الاقتصاديات في المستقبل. وأبدت الغرفة قلقها لجهة وجود عوامل قد تقوض قيام بنك مركزي واحد، وفي مقدمتها قيام الكويت بفك ارتباطها بالدولار، "ووجود ضغوط داخلية وخارجية متزايدة على السلطات النقدية لتغيير سياستها الخاصة بالعملة نتيجة لانخفاض قيمة الدولار". وخلصت الدراسة إلى القول بأن ذلك "يشير إلى أن الإمارات سوف تتخلى عن ضبط سياساتها الخاصة بسعر الصرف لصالح استيفاء معايير الوحدة النقدية الخليجية. ولذلك من المتوقع أن يقوم المصرف المركزي الإماراتي في الغالب برفع سعر الدرهم مقابل الدولار تماشياً مع عملات دول المجلس الأخرى". واعتبرت أن ذلك سوف يساعد لحد كبير في خفض الضغوط التضخمية وفي ذات الوقت التمسك بسياسة الارتباط بالدولار المقررة كجزء مكمل لمعايير التقارب اللازمة لقيام الوحدة النقدية في 2010.وتعيش دول الخليج مجتمعة في الوقت الراهن، حالة من القلق حيال ربط اقتصاداتها التي تشهد تسارعا في النمو بالدولار الذي يواصل انخفاضه يوماً بعد آخر، في الوقت الذي ارتفعت فيه حدة المطالب بفك الارتباط مع الدولار مع تراجع القوة الشرائية للعملات المحلية وتواصل معدلات التضخم صعودها وهو ما يدفع في نهاية المطاف إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بالمنطقة. ولأكثر من مرة، شددت دول مجلس التعاون الخليجي على عدم وجود نوايا لديها لإعادة تقييم عملاتها المربوطة بالدولار، وأنها ملتزمة بأسعار صرف عملاتها خلال مرحلة الاستعداد للوحدة النقدية، حيث أكدت مؤسسة النقد العربي السعودي نهاية الأسبوع الماضي أنها لا تعتزم تغيير سياسة سعر الصرف أو فك الارتباط بالدولار.