، فقد انقضى ثلثاه الأول والثاني، والثلث الأخير أوشك على الانتهاء، ما أسرع أيامك يا رمضان، تمر مر السحاب، فلا نكاد نشعر فيها بشيء، فلا تعب ولا عطش ولا جوع، على رغم ارتفاع حرارة الجو هذه الأيام فلا نحس بها بفضل ما أنعم الله به علينا من وسائل حديثة تخفف عنا آثار هذه الحرارة المرتفعة. فهل عشنا في أيامه التي انقضت كما يجب أن يكون، هل وقفنا وقفة تأمل وراجعنا أعمالنا خلالها، وقمنا بعملية محاسبة لنعرف هل خسرنا أم ربحنا؟ فمحاسبة النفس من أسس تعاليمنا الإسلامية، فهي التي تضع أعمالنا في الميزان، فمؤشره إما لنا أو علينا، وإذا كنا قد قصرنا فلنبادر إلى تجاوز التقصير، فلا يزال في رمضان بقية مباركة يمكن أن نستغلها بكل ما هو نافع من أعمال صالحة، فبابها واسع وسهلة المنال، وأسهلها أن نحافظ على صومنا من الرفث واللهو واللغو... وما يفسده حسياً ومعنوياً. يظن البعض أن قرب انتهاء رمضان يجعله ينقص من الطاعات، إذ إن كل ما قام به في أيامه الخالية ترجح كفة حسناته، وهذا مفهوم خاطئ، فالإنسان المسلم تزداد طاعاته ويقبل على الله في كل أيام رمضان المبارك، فهي محطات جديرة بالاغتنام، لعله تصيبه نفحة من نفحاته الربانية فينال السعادة والرحمة والغفران والثواب المضاعف، وقد أمرنا الله بالمسارعة في عمل الخيرات، فاليوم اجتهاد وعمل، وغداً حساب ولا عمل، فلنتسابق إلى ذلك ما استطعنا لنثقل ميزاننا بها، خصوصاً في رمضان، فالأجر مضاعف، ويكفي أن الصوم هو لله وحده، وهو الذي يجازي به، نسأله تعالى أن يتقبل طاعتنا ويبلغنا العشر الأواخر لندرك ليلة خير من ألف شهر. - الرياض