سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
آل الشيخ: فضائل ومكرمات عظيمة في الليالي الأخيرة أكدوا على أهمية اغتنامها... عدد من الدعاة والعلماء:
السديس: على المفرط إدراك نفسه في بقية شهر رمضان
العشر الأواخر أوقات ثمينة في حياة الصائم
دعا جمع من العلماء والدعاة عامة المسلمين إلى اغتنام العشر الأواخر من رمضان التي اقبلت بعد مضي ثلثي الشهر وقالوا عن هذه الأيام إنها أوقات ثمينة ولها فضائل عظيمة وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر مشيرين إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في احيائها وشد المئزر وايقاظ الأهل. بداية وجه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الأمة إلى اغتنام أيام وليالي شهر رمضان خاصة هذه الأيام العشر الأخيرة فيه والتي اقبلت على المسلمين بخيرها وفضلها. وقال سماحته عن هذا الشهر إنه شهر عظيم عظم الله شأنه ورفع ذكره وأعلى قدره، شهر تكرم الله به علينا ألا وهو صيام شهر رمضان المبارك فعلى المسلم أن يظفر به وبما فيه من فضائل ومكرمات خاصة لياليه الأخيرة التي كان فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت شد مئزره وبدأ في إيقاظ أهله وحث صحابته على اغتنامها وأخذ في الاعتكاف والانقطاع في المسجد عن أمور الدنيا حتى تنقضي أيامها. لقد خص الله هذه الأمة في هذا الشهر بالأجر العظيم والثواب الجزيل ومضاعفة الحسنات ما لم يكن لأمة قبلنا. وقال سماحته: لقد أوجد الله في هذه الأيام أسباب الخير الموفورة وأسباب الشر المقيدة فلير كل منا ربه من نفسه خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله وغفرانه والعتق من نيرانه. مواطن الرحمات بينما قال معالي الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى وإمام وخطيب المسجد الحرام إن أيام الشهر تتقلص، ولياليه الشريفة تتقضَّى، تتقلص تتقضى شاهدة بما عملنا، وحافظة لما أودعنا، هي لأعمالنا خزائن محصنة، ومستودعات محفوظة، ندعو يوم القيامة: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ينادي ربنا: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه). هذا هو شهرنا، وهذه هي نهاياته، كم من مستقبل له لم يستكمله... وكم من مؤمل بعود إليه لم يدركه... هلا تأملنا الأجل ومسيره، وهلا تبينا خداع الأمل وغروره. وقال معاليه: إن كان في النفوس زاجر، وإن كان في القلوب واعظ، فقد بقيت من أيامه بقيةٌ. بقية وأي بقية، إنها عشره الأخيرة. بقية كان يحتفي بها نبيكم محمد أيما احتفاء. في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شمر وجد وشد المئزر. هجر فراشه، أيقظ أهله، يطرق الباب على فاطمة وعلي رضي الله عنهما قائلاً: (ألا تقومان فتصليان) يطرق الباب وهو يتلو: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) ، ويتجه إلى حجرات نسائه آمرا: (أيقظوا صواحب الحجر فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة). (ألم يكن النبي إذا بقي من رمضان عشرة أيام لا يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه). أو قال مخاطبا المسلمين: قدموا لأنفسكم وجدوا وتضرعوا. تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: يا رسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها ؟ قال قولي: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني). الدعاء فعليكم بالدعاء . فلنعج في شهرنا هذا بالدعاء. فقد قال ربكم عز شأنه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون). أتعلمون من هم هؤلاء العباد؟ الخلائق كلهم عباد الله. ولكن هؤلاء عباد مخصوصون إنهم عباد الدعاء، عباد الإجابة، إنهم السائلون المتضرعون سائلون مع عظم رجاء ومتضرعون في رغبة وإلحاح: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ. إن للدعاء شأنا عجيبا، وأثرا عظيما في حسن العاقبة، وصلاح الحال والمآل والتوفيق في الأعمال والبركة في الأرزاق. إن نزع حلاوة المناجاة من القلب أشد ألوان العقوبات والحرمان. ألم يستعذ النبي من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعاء لا يسمع؟. إن أهل الدعاء الموفقين حين يعُجُّون إلى ربهم بالدعاء، يعلمون أن جميع الأبواب قد توصد في وجوههم إلا بابا واحدا هو باب السماء. باب مفتوح لا يغلق أبدا، فتحه من لا يرد داعيا ولا يخيب راجيا. فهو غياث المستغيثين، وناصر المستنصرين، ومجيب الداعين. وتابع ابن حميد: يجتمع في هذه الأيام أوقات فاضلة وأحوال شريفة. العشر الأخيرة، جوف الليل من رمضان، والأسحار من رمضان، دبر الأذان والمكتوبات، أحوال السجود، وتلاوة القرآن، مجامع المسلمين في مجالس الخير والذكر، كلها تجتمع في أيامكم هذه. فأين المتنافسون؟. ويجمل الدعاء وتتوافر أسباب الخير ويعظم الرجاء حين يقترن الاعتكاف، فقد اعتكف رسول الله هذه الأيام حتى توفاه الله. الاعتكاف وعرج ابن حميد على فضل الاعتكاف فقال: المعتكف ذكر الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجات الحبيب متعته، والدعاء والتضرع لذته. إذ أوى الناس إلى بيوتهم وأهليهم، ورجعوا إلى أموالهم وأولادهم لازم هذا المعتكف بيت ربه وحبس من أجله نفسه، ويقف عند أعتابه يرجو رحمته ويخشى عذابه، لا يطلق لسانه في لغو ولا يفتح عينه لفحش ولا تتصنت أذنه لبذاءٍ. سلم من الغيبة والنميمة جانب التنابز بالألقاب، والقدح في الأعراض، ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة، استغنى عن الناس وانقطع عن الأطماع، علم واستيقن أن رضا الناس غاية لا تدرك. في درس الاعتكاف انصرف المتعبد إلى التفكير في زاد الرحيل وأسباب السلامة، السلامة من فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول المخالطة. في مدرسة الاعتكاف يتبين للعابد أن الوقت أغلى من الذهب فلا يبذله في غير حق، ولا يشتري به ما ليس بحمد، يحفظه عن مجامع سيئة، بضاعتها أقوال لا خير في سماعها، ويتباعد به عن لقاء وجوه لا يسر لقاؤها. وأضاف: أوقات فاضلة تشغل بالدعاء والاعتكاف، وتستغل فيها فرص الخير وإن من أعظم ما يرجى فيها ويتحرى ليلة القدر: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ليلة القدر ليلة خير من ألف شهر، خفي تعينها اختبارا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه. إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ولا يهلك على الله إلا هالك. أوقال: إن أيامنا هذه أعظم الأيام فضلا وأكثرها أجرا، تصفو فيها لذيذ المناجاة، وتسكب فيها غزير العبرات، كم لله فيها من عتيق من النار؟؟ وكم فيها من منقطع قد وصلته توبته؟؟. المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حرم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتت فرص الشهر، وفرط في فضل العشر، وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبون من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرف عينه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة. ويحه ثم ويحه أدرك الشهر ألم يحظ بمغفرة؟؟ ألم ينل رحمة؟؟ يا بؤسه ألم تقل له عثرة؟ ساءت خليقته وأحاطت به خطيئته، قطع شهره في البطالة وكأنه لم يبق للصلاح عنده موضع، ولا لحب الخير في قلبه منزع. طال رقاده حين قام الناس؟؟ هذا والله غاية الإفلاس والإبلاس؟؟ عصى رب العالمين، واتبع غير سبيل المؤمنين؟؟ أمر بالصلاة فضيعها، ووجبت عليه الزكاة فانتقصها ومنعها؟؟ دعته دواعي الخير فأعرض عنها، مسؤولياته قصر فيها، وقصر في من تحت يديه من بنين وبنات يفرط في مسئولياته وقد علم أن من سنة نبيكم أنه يوقظ أهله. أما هذا فقد اشتغل بالملهيات وقطع أوقاته في الجلبة في الأسواق والتعرض للفتن. شد المئزر من جهته تناول إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن السديس فضل العشر الأواخر من رمضان فقال فضيلته: علينا التقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح فيما بقي من أيام وليالي هذا الشهر الكريم، فها هو الشهر قد مضى نصفه وكثيرٌ من الناس مُكِبٌّ على شهواته وغفلاته، فليحاسب كلٌ منا نفسه، ماذا قدم من عملٍ صالح؛ فيستمر عليه، وماذا فرط فيما مضى، فيتدارك ما بقي من أيام وليالي في هذا الشهر المبارك. ومن يدري أيتم هذا الشهر أم يكون من عداد الموتى؟ . وتابع الشيخ السديس يقول:على كل مسلم أن يعرض نفسه لمواطن مغفرة الله عز وجل، فإننا في عشر المغفرة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليعلم كل مسلم أننا نستقبل العشر الأواخر من هذا الشهر العظيم، عشر العتق من النيران، فليستعد لها بالعمل الصالح، أسوةً بنبيكم صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها) وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظَ أهله). فلنستعد جميعا فإن من اغتنم هذه الأوقات قبل فواتها لعله يحظى بمغفرة الرحمن، والعتق من النيران، والشقي من استمر في غيه وجهله، وضلاله؛ فضيع الأوقات واتبع الشهوات، فيندم حيث لا ينفع الندم. فضائل ومكرمات بينما قال د. عبدالعزيز الفوزان إذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره فقد بقي فيه أجلّه وأخيره.. لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابه منه، ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظم هذه العشر ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لايكاد يقدر عليه يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فما أحرانا نحن المذنبين المفرطين أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم فنعرف لهذه الأيام فضلها ونجتهد فيها لعل الله أن يدركنا برحمته ويسفعنا بنفحة من نفحاته تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله روى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لايجتهد في غيره). وفي الصحيحين عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة وصوم ونوم فإذا كان العشر شمر وشدّ المئزر. فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان من شدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات وينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام وتخفف من الاشتغال بالدنيا وتجتهد فيها بأنواع العبادة في صلاة وقراءة وذكر وصدقة وصلة للرحم وإحسان إلى الناس فإنها والله أيام معدودة ما أسرع أن تنقضي وتطوى صحفها ويختم على عملك فيها وأنت والله لاتدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى أم يحول بينك وبينها الموت بل لاتدري هل تكمل هذه العشر وتوقف لإتمام هذا الشهر فالله الله في الاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها ولياليها وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على ايقاظ أهلك وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة ومشاركة المسلمين في تعظيمهم والاجتهاد فيها بأنواع الطاعات والعبادة ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله وايقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر بل كان يوقظهم في سائر السنة. ولكن ايقاظهم في هذه العشر كان أكثر واوكد: قال سفيان الثوري أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن اطاقوا ذلك. ونبه الفوزان لمن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة أن نجد كثيراً من المسلمين تمر بهم هذه الليالي المباركة وهم عنها في غفلة معرضون فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لاينفعهم فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب. وفيما لافائدة فيه أو في فائدة محدودة لايمكن أن تحصلها في وقت آخر ليست هذه الفضيلة والمزية وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام انطرح على فراشه وغط في نوم عميق وفوت على نفسه خيراً كثيراً لعله لايدرك في عام آخر.. ومن خصائص هذه العشر ما ذكرته عائشة من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي ليله ويشد مئزره أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة وكان النبي عليه السلام يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر قال الإمام النخعي (العمل فيه خير من العمل في ألف شهر سواها). وقد حسب بعض العلماء ألف شهر فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة و4 أشهر فمن وفقه للقيام هذه الليلة واحياها بأنواع العبادة فكأنه يظل ويفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة فيالها من عطاء جزيل وأجر وفير جليل فمن حرمه فقد حرم الخير كله. وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي عليه السلام (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) وفي الأوتار منها أحرى وأرجى.