إن المتتبع لواقع التحكيم في المملكة يجد أن الاعتراض في نظام التحكيم السعودي، أقرب ما يكون إلى الاستئناف، أي بعبارة أخرى ودرجة أخرى من درجات التقاضي، وهذا لا يتفق مع فكرة وجود التحكيم وهي أن يتصف بالسرعة والسرية في حل المنازعات، فعلى سبيل المثال يمكن الاعتراض ضد قرار التحكيم إذا كان النزاع تجارياً أمام الدائرة التجارية المختصة في ديوان المظالم، ثم أيضاً يمكن الاعتراض ضد حكم الدائرة أمام دائرة التدقيق المختصة في الديوان، وبذلك أصبح اللجوء إلى القضاء ابتداء أفضل من التحكيم لأن اللجوء إلى القضاء يجعل طرفي القضية أمام درجتين من درجات التقاضي ليصبح القرار نهائياً... أما التحكيم بوضعه الحالي فهوعلى ثلاث درجات: الأولى: أمام المحكم أو هيئة التحكيم. الثانية: أمام الدائرة التجارية المختصة. الثالثة: أمام دائرة التدقيق المختصة. ونتيجة اللجوء إلى التحكيم هي تعطيل الوصول إلى الهدف من التقاضي وهو سرعة بت المنازعات التجارية، لذا فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر، خصوصاً أن معالجة مثل هذه الأمور لها علاقة وثيقة بالاستثمار، والتنمية وسبل جذب الاستثمارات الأجنبية. وعليه تنبغي إعادة النظر في المواد الواردة في نظام التحكيم السعودي التي تناولت دور القضاء بالنسبة لحكم المحكمين، ليتوافق مع الهدف من التحكيم والأنظمة المقارنة ولتفعيل دور التحكيم في المملكة بدلاً من اللجوء إلى التحكيم خارج المملكة، وذلك بأن يكون دور المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع التأكد من مدى توافق حكم المحكمين مع الشرع والنظام من دون أن يكون لها النظر في وقائع وموضوع النزاع.