أكد المرشد الطلابي في وزارة التربية والتعليم اختصاصي التوجيه والعلاج النفسي الدكتور عبدالله سابق الغامدي، أن التعليم في السعودية أصبح حقل تجارب، معتبراً قرارات الوزارة"كارثة لمستقبل التعليم في السعودية"واعتبر أن القرارات الأخيرة "قرارات فردية جاءت من دون دراسة"، وقال الغامدي في الندوة التي عقدت في مكتب الصحيفة في جدة:"إن قرار إلغاء المركزية في الاختبارات النهائية للمرحلة الثانوية، يقلل من أهمية الشهادة الثانوية، وكان من الأولى أخذ آراء العاملين في الميدان التربوي قبل صدور القرار". وتساءل الغامدي عما إذا كان قرار الإلغاء عرض على اللجنة العليا لسياسية التعليم في السعودية، ومجلس الشورى قبل صدوره، مشدداً على ضرورة إعطاء مجلس الشورى ومنسوبي التعليم الذين هم في الميدان التربوي كمديري المدارس والمعلمين والمشرفين، فرصة للمشاركة ودراسة القرار قبل صدوره، الذي يتوقع أن يعود بأثر سلبي على نتائج الطلاب في جميع مناطق السعودية. ويقول الدكتور الغامدي:"إن من سلبيات القرار نفور الطلاب من المدارس الجادة والصادقة ولجوءهم إلى المدارس الحكومية أو الأهلية المتساهلة، إضافة إلى التفاوت في نوعية الأسئلة بين مدرسة وأخرى، ما يسبب نوعاً من الظلم والتمييز بين الطلاب أنفسهم". ويضيف:"من السلبيات تسابق كل مدرسة وإدارة تعليمية لكي تكون من المدارس المميزة من خلال نتائج طلابها التي ستظهر في وسائل الإعلام، وهذا ما يسبب الظلم للطالب الذي يدرس في مدرسة جادة وتعطي كل طالب حقه". وفضل أن تصدر الوزارة قراراً بأن تكون أسئلة الفصل الأول من الوزارة لا إلغاء القرار، معللاً ذلك بأنه دافع للطلاب إلى التنافس والاهتمام الجاد. وعاد ليقول كان أيضاً على الوزارة أن تناقش وتعالج بجدية مشكلات الغش والدرجات العالية في المدارس الأهلية، وهروب الطلاب من المدارس الحكومية إليها طمعاً في الدرجات الكاملة التي تعطى لهم من معلمي المدارس الأهلية من دون جهد مستحق، مستشهداً بنتائج الثانوية العامة في الأعوام السابقة التي كان فرسانها من طلاب المدارس الأهلية، بدلاً من إلغاء المركزية. من جانبهم، رفض عدد من طلاب المرحلة الثانوية إلغاء المركزية، لما فيها من الظلم على بعض الطلاب، وغياب العدل في وضع الأسئلة وتصحيحها، وطالب ضياء غنيم الذي يدرس في الصف الثالث الثانوي في القسم العلمي، أن تكون أسئلة الثالث الثانوي بفصليه الأول والثاني من الوزارة، واعتبرها اختباراً عادلاً لجميع الطلاب من دون استثناء، مشيراً إلى أن بعض المدارس تتساهل في منح الدرجات لطلابها، لكن زميله محمد الغانمي عارض فكرة أن تكون أسئلة الثالث الثانوي بفصليه الأول والثاني من الوزارة، رافضاً في الوقت نفسه الإلغاء التام للمركزية. واتفق جميع الطلاب الذين شاركوا في الندوة على أن الحسنة الوحيدة في إلغاء مركزية الأسئلة هي ذهاب الرهبة النفسية من تلك الأسئلة، كونها اتسمت بسمعة سيئة للطلاب المتخرجين في الأعوام السابقة وورثوا تلك السمعة منهم وبالتالي تؤثر فيهم حالياً. خبير يؤيد رفض الخبير في الجودة التعليمية يحيى الدرين رأي الغامدي والطلاب المشاركين في الندوة حول إلغاء مركزية اختبارات الثانوية العامة، وأشاد بالقرار الذي اعتبره "لم يأت من فراغ"، وأكد أن الوزارة كانت تدرس مشروع الإلغاء منذ أكثر من 5 سنوات. وأكد الدرين الذي يعمل مستشاراً في وزارة التربية، أن من أهم معوقات تطبيق الجودة في التعليم، وجود المركزية في وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارات المناطق والمدارس، مشيراً إلى أن الإلغاء سيقضي على الهدر المالي الذي تتكبده الوزارة جراء الإعداد لتلك الاختبارات، إلى جانب التقليل من موضوع الدروس الخصوصية المنتشرة في جميع مناطق السعودية منذ أعوام ماضية، وذلك بسبب أسئلة اختبارات الثانوية العامة. وقال الدرين:"إن شهادة الثانوية العامة في الوقت الحالي، أصبحت شهادة عادية"، وليست ذات قيمة عالية كما في السابق، فطالب الثانوية العامة يتخرج من المرحلة الثانوية ويخضع مرة أخرى لاختبار القدرات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المسيطر والمطلوب في الوقت الحاضر هو شهادة الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراه". وأكد الدرين أنه جاء الوقت الذي يجب أن تكون للمدرسة مؤسسة كاملة تهتم بوضع الأسئلة لطلابها وتضع المقاييس، كما يجب أن يعطى المعلمون والمعلمات الثقة للانطلاق من دون مركزية، مستشهداً بالدول المتقدمة في التعليم كاليابان وأميركا التي وصلت إلى أن المدرسة هي التي تعيّن المعلمين في مدارسها، إلى جانب وضع الأنشطة والمقاييس باعتبارها مؤسسة كاملة ومستقلة، ويقتصر دور وزارات التعليم في تلك الدول على الإشراف، رافضاً في الوقت نفسه أن تكون لإدارات التعليم في مناطق السعودية أي دور في وضع الأسئلة بل إسنادها للمدرسة نفسها كما صرح بها مسؤولو الوزارة. وعلق الدرين على أن السلبية في إلغاء مركزية اختبارات الثانوية العامة، تعود إلى كيفية تطبيق القرار بالطريقة الصحيحة، مؤكداً أن على منسوبي التعليم تطوير أنفسهم من خلال الدورات التي تضعها الوزارة في كيفية وضع الأسئلة، مع إلزام المشرفين ومديري المدارس والمعلمين بتلك الدورات لكي يتم تطبيقها جيداً. وألمح الدرين إلى أن إلغاء مركزية اختبارات الثانوية العامة جاء ليرتقي بالتعليم من خلال الابتعاد عن المشكلات التي يواجهها الطلاب والطالبات كل سنة بسبب الاختبارات وصعوبة الأسئلة والحالة النفسية التي تصيب الطالب والطالبة، ما يؤثر في مستقبلهم التعليمي وإسناد الثقة إلى المعلمين والمعلمات المدربين على وضع الأسئلة والابتعاد عن تلك المركزية التي جعلتنا نتأخر عن بقية دول العالم في مجال التعليم.