قدمت مؤسسة"فيتش ريتنجز"، إحدى الوكالات الدولية الخمس المعترف بها والاختصاصية في التصنيف الائتماني، دعماً كبيراً لموقف الشركات السعودية الراغبة في الاقتراض من سوق التمويل الدولي عبر إصدار السندات الخارجية. وأعطت"فيتش ريتنجز"للرياض ترتيباً يوصف بأنه"إيجابي متقدم"في ما يخص الديون السيادية الخارجية والمحلية، إذ حصلت على مرتبة +A، استناداً إلى تحسن الوضع المالي لأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بفضل ارتفاع أسعاره. تقرير"فيتش ريتنجز"الحديث، يدعم تقريراً سابقاً قدمته مؤسسة"ستاندار آند بورز"مطلع العام الحالي، ومنحت فيه مستوى A1 للتصنيف نفسه، كما منحت فيه السعودية ترتيب A فيما يخص التزامات الرياض للنقد الأجنبي. وتحظى تقارير التصنيفات الائتمانية، التي تصدرها الوكالات الخمس المعترف بها حالياً، وهي:"موديز"، و"ستاندار آند بورز"، و"فيتش ريتنجز"، و"دي. بي. آر. إس"، و"إيه. إم بيست"، باهتمام كبير من الحكومات، خصوصاً انها تعزز سمعتها الدولية في سوق التمويل الدولية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية في جميع الظروف. كما تصدر هذه المؤسسات تقارير أخرى لمصلحة المصارف والشركات الكبرى في هذه الدول، بما ينعكس إيجاباً على جاذبيتها لدى المقرضين والمتعاملين والموردين. وقال محلل التصنيفات السيادية في مؤسسة"فيتش ريتشارد فوكس"في بيان نقلته"رويترز"أمس:"إن رفع التصنيف السعودي يرجع إلى تحسن القوائم المالية الخارجية والمحلية واستمرار الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، والمتمثلة في تسارع وتيرة نمو القطاع الخاص وانخفاض المخاطر السياسية المحلية". وبحسب بيان"فيتش"، فإن التوقعات للتصنيف الجديد مستقرة، فالسعودية بلد ليس لديه ديون خارجية على القطاع العام، وأن فائضه المالي يستخدم حالياً لسداد الدين الحكومي المحلي. وقال البيان:"إن ارتفاع أسعار النفط لم يقلل من وتيرة الإصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي يهدف إلى معالجة الحاجة لتوفير وظائف للسعوديين في القطاع الخاص". وأضاف:"إن مسائل اجتماعية وسياسية ربما تقيد التصنيف، لكن هذه المخاطر تقلصت في العام الأخير، إضافة إلى تقلص مخاطر العمليات الإرهابية الداخلية في الأجل القصير بفضل الاستجابة الأمنية الفعالة وانحسار الدعم الداخلي". وفي شكل عام، تعتمد التصنيفات الائتمانية للدول على مؤشرات مهمة في مقدمها: الإيرادات وتدفقات النقد الأجنبي واحتياطياته، والتزامات الحكومات الخارجية في العقود، والمراكز المالية لمصارفها المركزية، ومؤشرات الاقتراض الحكومي الداخلي، ونسب نمو الاقتصاد المحلي والناتج المحلي الإجمالي، والمؤشرات النقدية، ومستويات السيولة الداخلية. وفي حال دولة مثل السعودية، فإن تقارير مؤسسات خارجية وفي مقدمها صندوق النقد الدولي، سبق لها أن قدمت تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الاقتصاد السعودي، على خلفية نمو إيراداته النفطية، وإصرار حكومة الرياض على المضي قدماً في تنفيذ برنامج إصلاحات جوهرية. وبحسب توقعات الصندوق، يتوقع أن ينمو الناتج المحلي السعودي بنحو 6 في المئة هذا العام بانخفاض طفيف عن النمو بنسبة 6.5 في المئة الذي حققه العام الماضي. وقال الصندوق في تقرير إن الناتج المحلي الإجمالي في السعودية ارتفع من 214.6 بليون دولار عام 2003 إلى 250.2 بليون دولار عام 2004، ثم إلى 307.8 بليون دولار عام 2005، ومن المتوقع أن يصل إلى 346.3 بليون عام 2006. ولفت التقرير النظر إلى أن الحكومة السعودية بدأت تعمل على تغيير طريقتها لإدارة الفوائض النفطية المتاحة الآن من خلال توظيفها في عدد من القطاعات الإنتاجية التي يمكن أن تشكل أساسًا قوياً لاقتصاداتها الوطنية يساعدها على تجنب أية أزمات محتملة في أسعار النفط في المستقبل، ومن هذه المجالات: الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، التي تصل قيمة الأموال المستثمرة فيها حاليًا إلى نحو تريليون دولار، والقطاع الصناعي عن طريق توجيه بعض الفوائض نحو الاستثمار الصناعي، وذلك لإنشاء قاعدة صناعية تشكل العمود الفقري لتنمية اقتصادية مستدامة، وشبكة أمان ضد الأزمات المحتملة، والقطاع العقاري خصوصًا الاستثمار في مباني الأسواق ذات المواصفات المتطورة والأسعار التنافسية، والقطاع السياحي عن طريق تطوير وإنشاء مدن سياحية تضم فنادق وأبنية ومكاتب وشققاً سكنية، بهدف تعزيز دور هذا القطاع كأحد المرتكزات الأساسية في سياسة تنويع مصادر الدخل القومي، والاستثمار في القطاع المالي والمصرفي، وإنشاء المشاريع اللازمة للارتقاء بصناعة النفط والغاز الطبيعي. ويعتمد غالبية النشاط الاقتصادي في السعودية على الإنفاق الحكومي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والذي يعتمد بدوره على الإيرادات النفطية التي لا تزال تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الإيرادات الحكومية.