أبقت وكالة "فيتش" على التصنيف الائتماني للسعودية عند (AA)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، الذي يعني جدارة ائتمانية عالية، ويُعد من أقوى التصنيفات الائتمانية عالميا، حيث يعني جودة عالية للديون طويلة الأجل. وأكدت "فيتش"، في تقرير حصلت "الاقتصادية" على نسخه منه أمس، حدوث تقدم في مسار معالجة أزمة البطالة ونقص المساكن بأسعار معقولة، وذكرت أن التوظيف ارتفع في القطاع الخاص في السعودية، إذ شكل المواطنون 15.3 في المائة من الوظائف في القطاع الخاص في نهاية عام 2014، وهو أعلى مستوى خلال عشر سنوات، كما اتخذت تدابير لتعزيز الحصول على العقارات السكنية والتمويل، لكن الأمر يستغرق وقتا. وكان تحليل "الاقتصادية" قد أظهر تراجع عدد العاطلين السعوديين عن العمل إلى 651.3 ألف، بنهاية النصف الثاني من عام 2014، مقارنة ب 657 ألفا بنهاية النصف الأول من العام نفسه، أي بفارق 5.74 ألف خلال ستة أشهر، بنسبة تراجع 0.9 في المائة، إذ تراجع عدد العاطلات الإناث ب 4.3 ألف بينما الذكور بنحو 1.4 ألف. وبحسب التحليل، تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى 11.7 في المائة بنهاية النصف الثاني 2014، مقارنة بمستوى 11.8 في المائة بنهاية النصف الأول من العام نفسه، و11.7 في المائة بنهاية النصف الثاني 2013. يشار إلى أن الأصول الاحتياطية للسعودية ارتفعت بنسبة 0.9 في المائة، بنهاية عام 2014، لتبلغ نحو 2.75 تريليون ريال، مقابل 2.72 تريليون ريال نهاية عام 2013. على الجانب الآخر، توقعت "فيتش" أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع فائض الحساب الجاري إلى 0.3 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وهو أدنى مستوى منذ عام 1999، وألا يحدث أي تغيير في ربط سعر صرف الريال بالدولار، على الرغم من أنه يقيد مرونة السياسة. تجدر الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية كان قد نما بنسبة 3.6 في المائة في عام 2014، مدفوعا بنمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 5.7 في المائة. وبحسب "فيتش"، بلغ متوسط نمو القطاع الخاص غير النفطي 7.2 في المائة في السنوات الخمس الماضية، من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي إلى نحو 2 في المائة في عام 2015 و2016 وذلك تماشيا مع انخفاض طفيف في إنتاج النفط، وانخفاض الإنفاق الرأسمالي الحكومي وعدم اليقين الناجمة عن انخفاض أسعار النفط. وقالت الوكالة إن انخفاض أسعار النفط جنبا إلى جنب مع عوامل أخرى، ستؤدي إلى عجز الموازنة ليكون في خانة العشرات في عام 2015، مقابل 1.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014، عندما تم رفع الإنفاق الحكومي، خاصة على المشاريع الرئيسة والمساعدات الخارجية، سعر التعادل النفطي إلى نحو 102 دولار للبرميل. يشار إلى أن السعودية قد أقرت نهاية العام الماضي، موازنة للعام الجاري 2015 بنفقات قدرها 860 مليار ريال، وإيرادات عند 715 مليار ريال، متوقعة عجزا ب 145 مليار ريال. وتعتبر السعودية أكبر مُصدر للنفط في العالم بنحو 7.6 مليون برميل يوميا، كما أن إنتاجها من النفط يقترب من عشرة ملايين برميل يوميا، وطاقتها الاستيعابية بحدود 12.5 مليون برميل نفط يوميا، فيما يشكل النفط نحو 90 في المائة من إيرادات السعودية. ونجحت السعودية في تكوين فوائض من ميزانياتها آخر عشر سنوات بنحو 8.1 تريليون ريال مستفيدة من ارتفاعات أسعار النفط الجيدة. يذكر أن الاقتصاد السعودي (الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة) كان قد نما بنسبة 3.6 في المائة في 2014. ويتوقع التقرير الصادر عن "فيتش"، أن تقليص وتيرة الزيادة في الإنفاق وخفض الإنفاق الرأسمالي وعدم وجود مدفوعات لمرة واحدة وارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى انخفاض العجز بالموازنة السعودية إلى 3.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016. وذكرت "فيتش" في تقريرها، أن الحكومة السعودية تدرس إصدار سندات الدين، إضافة إلى السحب من صافي الأصول الأجنبية السيادية لتمويل العجز في الموازنة، بينما توقع أن يبلغ الدين الحكومي العام بالسعودية 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016، مرتفعا من 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2014. يذكر أن الدين العام للسعودية كان قد انخفض إلى 44.26 مليار ريال نهاية 2014، تعادل 1.6 في المائة من الناتج المحلي، مقابل 60.1 مليار ريال عام 2013. وبحسب "فيتش"، يعتمد الاقتصاد السعودي اعتمادا كبيرا على النفط، الذي يشكل 90 في المائة من إيرادات المالية العامة، و80 في المائة من إيرادات الحساب الجاري و40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن إنفاق عائدات النفط هو المحرك الرئيس للاقتصاد غير النفطي. يذكر أن وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني كانت قد خفضت في العاشر من شباط (فبراير) الماضي، النظرة المستقبلية للسعودية من "مستقرة" إلى "سلبية" نتيجة لتراجعات أسعار النفط، لكنها أبقت التصنيف السيادي للدولة عند AA- على المدى الطويل وA-1+ على المدى القصير.