ضياء خوجة، شاعر يحترم فنه كثيراً، يبتعد بقصيدته عن مزايدات الشعراء، وعن حلبة الصراع بين الفنانين الذين يرفض أن يدفع لأي واحد منهم لكي يغني نصه الشعري، يسعى من أجل أن يسهم مع الشعراء المميزين في تأسيس معايير ثقافية في المجتمع الفني السعودي. "الحياة"التقته فكان هذا الحوار. ما هذا العشق لمدينة جدة ؟ - جدةمسقط رأسي وملهمتي الأولى، إذ فتحت عيني على غروبها، وتشكلت أبجديتي على شواطئها، وتناثرت الكلمات عبر الأثير على شفاه موجها، معجونة بزبد البحر ليزيدها جمالاً ورقة. بعد انقطاع طويل عن الأمسيات الشعرية صرحت بأن الأمسية الأخيرة شكلت منعطفًا جديدًا في حياتك الشعرية؟ - بعد أكثر من عشر سنوات من التعاون الغنائي، وصلت إلى مرحلة شعرت خلالها بالقلق من الفنانين الشباب، للأسف، بعدما أصبحوا يبحثون عن بعض الشعراء المعروف عنهم بأصحاب"النص المدفوع"أمثال سعود الشربتلي ومنصور الشادي والناصر وآخرين، فهم لا يبحثون عن النص الجيد بقدر ما يبحثون عن الشيك قبل النص للتنفيذ. هل هذا يعني انقلاباً في ما هو متعارف عليه بين الشاعر والفنان؟ - أجل، المال أصبح أهم من النص الجيد، من أجل تنفيذ العمل بشكل سريع، فجاءت الأمسية الشعرية لإعادة القاعدة الجماهيرية التي بنيتها من خلال الفنانين الكبار، أمثال طلال مداح، رحمه الله، وراشد الماجد، ومحمد عمر، وعلي عبد الكريم، وغيرهم. في رأيك ما السبب الذي يدفع الشاعر لأن يدفع للفنان ؟ - لأن الشعر الغنائي أصبح وجاهة اجتماعية، خصوصًا إذا تكلمنا عن الفنانين النجوم، وكأنهم يقولون مهما تكن القاعدة الجماهيرية للشاعر عريضة، فقاعدتنا الجماهيرية أكبر وأعرض، هذا منظورهم، لذا يجب علينا أن ندفع الضريبة لهم. كشاعر، كيف تنظر إلى الحركة الشعرية في السعودية خصوصاً وفي الخليج عموماً؟ - عدد الشعراء والشاعرات في السعودية في تزايد مستمر، ومعظمهم من أصحاب الكلمة الهادفة، وهناك جيل جديد لا بأس به. أين هم من الساحة الفنية؟ - لم يجدوا طريقهم للإعلام، لأن العلاقات الإعلامية تلعب دوراً كبيراً، ناهيك عن الحال المادية للشاعر أو الشاعرة لإصدار ديوان مطبوع لترسيخ الاسم بشكل قوي على الساحة، فإن لم يتوافر هذا ولا ذاك فمن أين للاسم بالظهور! لديك شركة للصوتيات والمرئيات، هل يمكن أن تتبنى من خلالها بعض المواهب؟ - شركتي عمل تجاري بحت لأستفيد من تسجيل أعمالي الخاصة، بمعنى أنني أصور جميع قصائدي كاملة حتى لا تبقى محصورة على مستوى الصوت فقط. كم قصيدة عندك؟ - ما يعادل 150 قصيدة غنائية أحضرها لتصوير كليب جيد. هل ستستعين بموديل للكليب؟ - إذا احتاج الأمر في بعض القصائد، لكن بما يتناسب مع المستوى الجيد والممتاز لعاداتنا وتقاليدنا، بعيدًا عن الإسفاف. خضت تجارب عدة مع الشعراء، كيف ترى هذه التجارب؟ - أكبر تعاونين وسعا قاعدتي الجماهيرية، هما التعاون مع الراحل طلال مداح حين غنى"حلم أيامي"، وعمل وطني مع راشد الماجد. "حلم أيامي"مليئة باليأس، أليس كذلك؟ - إلى حد ما يأس الحبيب من حبيبته الحاضرة الغائبة. والعمل مع راشد؟ - يختلف كلياً، كونه عملاً وطنيًا اسمه"بلادي"، مع العلم أن التعاون تم من دون أن نلتقي شخصياً، إذ كان الملحن محمد شفيق هو الواسطة في الموضوع، ونزل العمل في الحملة الوطنية للتضامن ضد الإرهاب، وحقق نجاحًا كبيرًا أمام 40 عملاً وطنياً نزل معه، إذ كان يُنشد مع طابور الصباح المدرسي في معظم المدارس. كيف ترى احتكار بعض الشعراء لفنانين بعينهم؟ - في رأيب أن المسألة لا تخدم الشاعر، وهذا يؤثر عليه عندما يحاول التعاون مع فنانين آخرين. * يتردد أن كثيراً من الشعراء يتملكه الخوف بعد"الأماكن"للشاعر منصور الشادي، التي لحنها ناصر الصالح وغناها محمد عبده؟ -"الأماكن"أصبحت عقدة للشعراء والملحنين والفنانين، لأنها أغنية اكتملت فيها كل مقومات النجاح. على رغم من أنها لم تُصور؟ - هذا ما أثبته فنان العرب لجميع الفنانين، بأن العمل الجيد والمتكامل يمكن تقديمه في حفلة راقية من دون إسفاف ليتربع على العرش الغنائي، ف"الأماكن"مشتاقة للجميع لتستوطن في المشاعر والأحاسيس، ويرددها العالم العربي بأسره، ولأكثر من عام على التوالي.