الكاريكاتور عالم من المتاعب، ما يجعل كثيراً من الفنانين التشكيليين يتحاشون الولوج فيه، ويحتاج إلى حاسة انتقادية قوية، وهو الأمر الذي جعل المرأة، تحديداً، بعيدة عن هذا النوع من الفنون، إذ يأتي موقفها منه أكثر تخوفاً، نظراً إلى طبيعة الكاريكاتور التي تقوم على النقد في تناول المواضيع وتلمس رد فعل المجتمع السلبية تجاه الظواهر الاجتماعية. ولكن التشكيلية هناء حجار، التي تنشر أعمالها في جريدة"عرب نيوز"، قررت أن تكسر القاعدة المحلية، وتقيم علاقة تناغم وانسجام مع فن الكاريكاتور، فسلكت منذ ما يزيد على السنوات العشر هذا الطريق، وعايشت بعمق بعض التجارب العربية، كما درست في معاهد فنية في مصر. هنا حوار قصير مع حجار حول الكاريكاتور. على رغم ما في فن الكاريكاتور من صعوبات، كيف دخلت عالمه؟ - قبل أن أمارس التشكيل، كنت ارسم الكاريكاتور في سن مبكرة، فكنت أحول أي قضيه أو موقف أشاهده إلى رسم خفيف الظل، وكنت ألاقي التشجيع من الجميع، بعد ذلك بدأت اتجه إلى التجريد، ولكن لا يزال في داخلي وبين أوراقي مشاغبات الكاريكاتور، فوجدت أنني لا استطيع التوقف، وقررت الدخول إلى هذا العالم الجريء والممتع والجديد ايضاً، كون أنني امرأة، واعلم مدى حجم المنافسة القوية مع الرجل. ما الذي تجدينه مميزاً في فن الكاريكاتور؟ - الكاريكاتور فن راقٍ وسلس، ينصف المجتمع من أي تسلط، ويصحح العديد من الأخطاء، فهو يجمع بين عفوية الأداء وبساطته في كونه رسماً، وبين عمق الوعي والشمول في مضمونه. هل يوجد ما يمكن اعتباره كاريكاتوراً ناعماً يخص النساء، وآخر خشناً له علاقة بالرجال؟ - الكاريكاتور لا يعتمد على خشونة أو نعومة، بل هو في الأساس فكرة، إذ يكون الكاريكاتور قائماً على قوة هذه الفكرة وطريقة إيصالها للمتلقي، وبدخول المرأة إلى عالم الكاريكاتور تكون حاملة في جعبتها أفكاراً ومفاهيم جديدة، تثري هذا الفن المميز. أي المواضيع تتناولين؟ - لا احصر نفسي في قالب محدد، بل أطلق العنان لأفكاري، وأتفاعل مع مجتمعي في إيجاد النقد البناء والهادف، فلقد ابتكرت شخصية جديدة، أطلقت عليها اسم كدبونة طفلة في عمر السنوات الخمس، ومن خلالها أعالج عدداً من الأمور، فهي تتكلم ببراءة طفلة، تخاطب من خلالها عقول الكبار، ولحفظ حقوق الابتكار قمت بتسجيله دولياً. وهل هناك علاقة بين"كدبونة"الناقدة الصغيرة التي سجلت باسمك رسمياً، وبين سلطانة الخنيفر؟ -"كدبونة"شخصية من وحي خيالي، فبالطبع ليس هناك علاقة بين كدبونة وسلطانة، لأنني حتى الآن لم أتعرف عليها، وأتمنى أن أشاهدها، لأن بعضاً من مشاهدي كدبونة قالوا مثل هذا. ما السبب في ندرة التشكيليات اللاتي يمارسن فن الكاريكاتور، هل لتفادي التصادم مع الآخرين عند النقد أم ماذا؟ - ليس بالضرورة أن يكون هناك تصادم، لأن هذه حرية رأي، ورسام الكاريكاتور عندما ينتقد فهو ينتقد بهدف الإصلاح وليس لقدح الآخرين، ثم إن ندرة الفنانات هو بشكل عام ليس في المملكة فقط ، بل في غالبية بلدان العالم العربي، ولا اعلم ما السبب، قد يكون احتكار الرجل لهذا الفن منذ زمن هو السبب، والأكثرية يعتبرونه قلقاً وتأهباً أو أن فن الكاريكاتور ارتبط بشكل واضح بالسياسة، وأتوقع أن المرأة بطبيعتها لا تميل إلى السياسة. ولكن إن شاء الله سنثبت العكس ونحقق الأفضلية، لأن المرأة مبدعة وقادرة على إظهار إبداعها في تناول القضايا وكيفية طرحها. نجح الرجل في رسم الكاريكاتور عند تناوله للمرأة كمسرفة ومحبة للتسوق ومهملة لزوجها فهل ستنجح المرأة عند تناولها للرجل؟ - بالتأكيد ستنجح، فيمكنها ان ترسم الرجل في شكل كوميدي، تصور من خلاله أشكال معاناة المرأة منه، وأيضاً القضايا الاجتماعية التي يكون سببها الرجل بشكل عام، وهي قضايا مليئة بالمفاجآت التي يجب أن نتناولها، ونسعى إلى تصحيحها وإيجاد الحلول لها. هل يستدعي رسم الكاريكاتور على صفحات الجرائد متابعة ميدانية للكثير من المواقف، أم أن المواقف تأتي عفوية لديك؟ - المتابعة مهمة ورئيسة لرسام الكاريكاتور، لأن الكاريكاتور يحكي الحدث اليومي. والرسام يجمع شخصيتين، المحرر للموضوع والمصور في الوقت نفسه، فلابد من المتابعة المستمرة، خصوصاً سياسيا wkوبالتأكيد لا يخلو رسام كاريكاتور من التقاط للمواقف العفوية، التي لها طابع ووقع مختلف. هناك الكثير من الصحف تقدم الكاريكاتور كمادة يومية، فهل هو عنصر جذب للقارئ أم هو اعتراف بأهمية هذا الفن؟ - الكاريكاتور في الجرائد ماده أساسية، لأنه فن سلس وراقٍ يصل إلى عقول وقلوب الناس، ويحكي معاناتهم ويصحح أخطاء متعددة في المجتمع. المعروف ان كل الناس تشاهد أكثر مما تقرأ، فالكاريكاتور يصل بسرعة إلى عقل المتلقي، ويترجم بلوحة واحدة ما قد يكتب في مقالة فيها 1000 كلمة. من الفنانون السعوديون والعرب الذين يحظون بمتابعتك؟ وما العمل الذي تتمنين أن يكون لك؟ - الأسماء كثيرة، وفنانو الكاريكاتور أنا اعتبرهم أساتذة بالنسبة لي، ولا أحب أن أحدد اسماً معيناً، وأكثر ما يجذبني فنان الكاريكاتور الذي يستخدم يده في الرسم من دون اللجوء للوسائل الحاسوبية الحديثة. وكل فنان في النهاية له بصمته وينقل جمال روحه إلى أعماله.