«كانت في بيتنا مرآة رديئة الصنع، تغير الملامح والطول، أبي الطويل والعريض يظهر قزماً وأمي القصيرة تبدو عملاقة وضخمة. كانت سعادتي الكبيرة أن أنظر في المرآة وأتابع التغيّرات التي تطرأ على ملامحي. لم أكن وقتها أعرف شيئاً عن فن الكاريكاتور، لكن عندما كبرت عرفت أن هذه المرآة كانت ملهمتي وأستاذي الأول في الفن». يعرض كتاب «تلميذ في مدرسة الكاريكاتور» للفنان سمير عبدالغني في هذا السياق، لفنانين لبارزين تتلمذ على أيديهم. يقول: «كنت أشتري الأعداد القديمة من مجلتَي «صباح الخير» و «روز اليوسف»، أفتش فيها عن هؤلاء الذين سحروني برسومهم... صاروخان الأرمني ورفقي التركي، سانتيس الإسباني، رخا عبدالسميع وزهدي العدوي وطوغان وجورج البهجوري وصلاح جاهين وحجازي وآخرون أهمهم مصطفى حسين». ثم يجيب على كثير مِن الأسئلة، ومنها: كيف يفكر رسام الكاريكاتور عندما يريد إنجاز عمل جيد؟ هل يقرأ كل شيء حول موضوع الرسم؟ هل يشاهد الرسوم التي صنعت من قبل في الموضوع ذاته؟ كيف يبدأ الرسم؟ وينقل عبدالغني عن الفنان عفت، وهو واحد من ألمع الرسامين في العالم العربي، سبع طرق لصناعة فكرة كاريكاتورية جيدة، أولاها الإضافة: وتعني مثلاً إضافة لافتة لأبي الهول الذي يبدو نائماً، مكتوب عليها «ممنوع الإزعاج»، ويمكن أن يحل طبيب طوارئ يغالب النعاس محل أبي الهول. الحركة، هي الطريقة الثانية، ويقصد بها حركة الجسم الظاهرة أمامنا أو المتوقعة داخل الرسوم، وهي التي تسبب الضحك أو تمنحنا قدرة على التفكير أو الإحساس بالبهجة عندما نشاهد مثلاً أسداً داخل قفص، بينما ذيله يظهر خارجه والمدرب داخل القفص يضع رأسه داخل فم الأسد. و «قلب الأشياء» هي طريقة ثالثة، ما يجعلنا نندهش ونضحك إذا أمسك الأسد السوط لمدربه، وإذا رسمنا رجلاً مذعوراً وزوجته تجلس إلى جواره تدخن النارجيلة، أو شاهدنا طائرة في موقف للسيارات. وهناك أيضاً «تكرار الفعل والصورة»، ومثال على ذلك: رجلٌ يمشي رافعاً مظلة وإلى جواره طفل وكلب صغير يحمل كل منهما مظلة أيضاً. وتأتي»المبالغة» في المرتبة الخامسة، فالكاريكاتور هو فن إثارة الدهشة، والمبالغة في الرسم هي التي تجعله قادراً على لفت النظر. على سبيل المثال، المبالغة في الفعل ورد الفعل، وكلما كانت كبيرة نجح الكاريكاتور في جذب الجمهور. ويحل «أثر الأشياء» في المرتبة السادسة، وهو ما ينطبع من الشيء على الشخصية، مثل أن يخلع رجل الإطفاء الخوذة ويجد أن رأسه تقولب وفق شكلها. أما آخر طريقة فهي «الملموس بدلاً من المجرد أو العكس»، وتعني أنه بدلاً من فأرة الكومبيوتر نضع فأراً حقيقياً، أو أن نرسم مذيعة تخرج من شاشة التلفزيون. وينصح عبدالغني بضرورة اتباع الطريقة السابعة، فهي العالم الذي يدور حوله فن الكاريكاتور، والمطلوب منك أن تراقب أعمال الفنانين ثم تسأل نفسك: من أي واحدة من الطرق السبع كانت الفكرة؟ وإذا وجدتَ أكثر من طريقة في كاريكاتور واحد فهذا يعني أنك أمام رسام بارع.