خيبة الأمل من خروج المنتخب السعودي من كأس العالم أثارت أفكاري. جعلتني أتساءل في الجوانب المؤثرة. كتب الكثير من النقاد والصحافيين عن هذه الجوانب. منها الثقافي والاجتماعي. لكن الجانب النفسي بالنسبة إلي هو العامل الأساسي، لأن جميع الجوانب تؤثر فيه. ما المنتخب السعودي؟ كيف يصف المنتخب ذاته؟ ما هي الأفكار التي تدور حوله؟ من يكون المنتخب السعودي؟ وكيف بنا أن نعرف الجواب؟ هل يعرف المرء من يكون؟ هل من الممكن أن يعيش الإنسان طوال عمره ولا يعرف من يكون؟ أو يعيش حياة شخصية أخرى من غير أن يعرف نفسه؟ ولم لا؟ كيف للإنسان أن يعرف من يكون؟ نحن جميعاً نعرف أن الدين يهذبنا ويخرج إنسانيتنا، والبيئة تشكلنا والمحيط الإنساني يحكمنا. لكن متى نعرف ما بداخلنا؟ متى نعرف رغباتنا الحقيقية؟ ما هو العنصر الذاتي الذي يحكم أفعالنا ويفسرها؟ ذكر فرويد في مدرسة التحليل النفسي أن النفس البشرية تصنف بثلاثة، الهو، الأنا والأنا الأعلى. الهو عبارة عن اللاوعي. الأنا هو الوعي التام ورد فعل العقل من محيطه، تفاعله مع العالم من حوله ومعرفة الشخص بأفكاره وآرائه. الأنا الأعلى هو الكمال في نظرة الإنسان ويعتبر المصرح وصاحب الأمر والخيار الشخصي للإنسان، بحيث يعرف الصواب من الخطأ. الأحلام، الأفكار والخيال تقع تحت الهو. الاستيعاب يقع تحت الأنا، والضمير يقع تحت الأنا الأعلى. الاتزان بين هذه العوامل الثلاثة يجعل الإنسان طبيعياً، ولكن الخلل يكمن عند الإفراط في اتباع أحد هذه العناصر. هناك رغبات داخلية في الإنسان، والأنا إما أن يستمع لها أو لا يبالي بها. كيف يمكن لهذه العوامل أن تؤثر في النفسية وحتى نفسية لاعبي كرة القدم؟ عقل الإنسان هو من أعظم النعم التي وهبنا إياها الله سبحانه وتعالى، والعقل معجزة غامضة لم يتمكن العلم من فهمه كلياً. وإلى يومنا هذا تدور التساؤلات عن الجزء الصامت للدماغ، واختلفت نظرية العلماء عليه. فرويد كان من أوائل علماء النفس الذين أشادوا بقوة اللاوعي، وهو ما سماه فرويد بالهو. وقال فرويد إن المحلل النفسي قادر على معرفة الأمور باللاوعي وتحليلها، وكيف تعكس على نفسية الإنسان وتصرفاته. اللاوعي عبارة عن الجزء الشخصي للمرء الذي يحدد الدافع الذي يساند الإنسان للقيام بأفعاله. يقوم الوعي بتخزين كل الأمور المزعجة أو المرغوبة في اللاوعي. فمثلاً كان الخوف يسيطر على اللاعبين قبل اللعب مع تونس، هذا الخوف يتمركز باللاوعي، ويجعل الإنسان يقوم بأمور يصعب عليه تفسيرها أحياناً، وفي رأيي أن الخوف دفعهم إلى محاولة الفوز. أما مع أوكرانيا، فنزلوا الملعب بثقة تامة، إذ كان الفريق الأوكراني مهزوماً قبلها. وبالغت الصحافة في الثناء على الفريق السعودي بعد لعبهم مع تونس. فللاستعداد والتهيؤ النفسي دور كبير في اللعب. إذا خشي الإنسان الهزيمة يبذل أقصى جهوده، ولكن الثقة بالفوز تجعل الإنسان لا يبذل كل جهده فبالتالي يهزم. ويجب على المرء ألا يقلل من قدرة خصمه أبداً مهما كانت الظروف، ولا يبالغ في قدرته على هزيمة الخصم. علينا دائماً ألا نتوقع ما سيحدث، كي لا نصدم. نحن لا نعرف ما يجري في اللاوعي لكنه من صنعنا، حيث هو مرآة عاكسة لأفكارنا مهما كانت بسيطة ورؤيتنا للعالم من حولنا. هو يحدد ونحن لا نعلم. التفاؤل والتشاؤم المفرطان يمكن أن يكونا نقمة أحياناً. يمكن أن يحدد الإنسان مصيره من مجرد فكرة شغلت رأسه لمدة ثانية، لذا يحبذ أن يعي الإنسان باللاوعي ويدرك ما هي نظرته للعالم من حوله، ليعرف ما يريد ولم يريده، ولكي يصف رغباته ومحاولاته لانجازها، وليكون من يكون. إلى أي مدى يمكن أن يعي اللاعبون السعوديون كل ذلك؟ والأهم إلى أي مدى يهتم أحد بتعليمهم كل ذلك؟