بعد يوم مليء بالحيوية والنشاط واللعب قرب مسكنهما، الذي لا يبعد عن مكب النفايات أكثر من كيلومتر واحد جنوب مدينة الرياض، خلدت هدى 5 أعوام وأختها سوسن 3 أعوام إلى النوم في ساعة باكرة من المساء حتى تنعما بنوم هانئ قبل بزوغ الشمس التي توقظهما مجبرتين، كون منزلهما المتواضع الذي بني من الصفيح وبعض الأخشاب والكراتين لا يعرف المكيفات. طلبت سوسن من أمها ليل أول من أمس نوعاً من الحلوى لا يتجاوز سعره نصف الريال، فوعدتها الإتيان بها في صباح اليوم التالي، لكن سوسن وشقيقتها هدى لم تعيشا إلى الصباح لتتذوقا الحلوى، إذ حدث تماس كهربائي في المنزل في تلك الليلة، أدى إلى حريق تسبب في وفاتهما ونجاة الأب والأم فقط. وقال رب الأسرة عبدالله عيسى البلوشي 28 عاماً ل"الحياة":"حصل تماس في الكشاف الضوئي الوحيد في المنزل، الذي يعمل بمولد كهربائي لثلاثة منازل متجاورة، ما تسبب في حريق اندلع في البيت وساعدت في انتشاره سرعة الهواء". وأضاف:"كنت وزوجتي نائمين في الطابق الأعلى من بيتنا المؤلف من دورين من الخشب, فيما كان الأطفال في الطابق الأسفل، واستيقظت بعدما هوى بنا الدور العلوي إلى الأسفل بقوة، واشتعلت الأرض حولنا، ومن هول المفاجأة قفزت وزوجتي إلى خارج المنزل، وأصبت بحروق طفيفة في قدمي". وأضاف ودموعه تسابق كلماته"اعتقدت وزوجتي أن طفلتي هربتا بعد رؤيتهما النار، لكن بعد ساعة من محاولة إطفاء الحريق، نتيجة شح المياه، وجدت طفلتي متفحمتين داخل المنزل وبدت عظامهما". أما الزوجة التي كانت غير قادرة على الكلام فقالت:"أخذنا على أنفسنا عهداً بعدم إيقاد النار داخل المنزل الكرتوني لخوفنا من الحريق صيفاً وشتاء، لكن قدر الله سبق". فقد عبدالله كل ما يملك في المنزل من هويات وملابس، وامتد الحريق ليصل إلى السيارة التي لم يبق منها سوى أدوات إصلاح الإطارات. يذكر أن عبدالله يعمل سائقاً في النقل الجامعي براتب 1500 ريال.