بحث قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قصر الدرعية في العاصمة الرياض أمس، قضية أمن الخليج في مواجهة الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى النظر في التطورات الدولية وتأثيرها سلباً وإيجاباً في تقدم الدول الست نحو هدفها الكبير، المتمثل في"الوحدة الخليجية"، مروراً بالتكامل في جميع المجالات. وطالب قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في ختام قمتهم التشاورية الثامنة التي عقدت في الرياض امس، ايران بالالتزام بتعهداتها الدولية بخصوص ملفها النووي. وقال وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد، في مؤتمر صحافي عقد في الرياض عقب انتهاء اعمال القمة:"نحن نبذل قصارى جهدنا لتمتين العلاقات مع ايران، وهي قبل ذلك جارة اسلامية، وعلينا ان نتجاوز المنغصات معها لتحسين مناخ علاقاتنا مع طهران"، وزاد:"وملف ايران النووي ليس مقلقاً للمنطقة فحسب، بل للعالم بأسره، ومطلوب من ايران التزامات حيال المجتمع الدولي". ورحب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقادة دول الخليج، الذين وصلوا الرياض تباعاً لعقد القمة التشاورية الثامنة، فيما كان الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد افتتح الجلسة متمنياً النجاح لأعمالها، قبل أن تختتم مساءً. وبحسب نظام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن القمة التشاورية لا جدول أعمال لها ولا بيان ختامياً، وتقتصر فقط على تقويم القادة لمسيرة عمل أجهزة دولهم الرسمية خلال الأشهر الستة الماضية. وعلمت"الحياة"أن موضوع الأمن الخليجي عاد بقوة إلى طاولة القمة، وسط ظروف إقليمية ودولية متوترة في شكل غير مسبوق، وهو الأمر الذي ترافق أيضاً مع عودة"الطفرة الاقتصادية"الثانية لدول الخليج، المتحققة من محافظة أسعار النفط على معدلات مرتفعة منذ أكثر من عامين. وأوضح وزير الخارجية الإماراتي ان القادة الخليجيين كلفوا وزراء الخارجية بمناقشة تفعيل إنشاء مركز مكافحة الإرهاب في البحرين، خلال اجتماعهم المقبل في أبو ظبي. وأجمع كل من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، والرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد، ونائب رئيس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد، على أهمية قمة أمس، مشيرين إلى انعقادها في ظروف بالغة الدقة والحساسية لمستقبل دولهم واستقرارها في جميع المجالات. كما أجمعوا على أهمية الدور السعودي بقيادة الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز، إقليمياً وإسلامياً ودولياً، مقدمين آيات الشكر لهما. وشهد قصر الدرعية المخصص لاستضافة قمم قادة دول الخليج لقاءات عدة بين رؤساء الوفود وأعضائها، قبل أن تبدأ أعمال اللقاء الذي استغرق أكثر من ساعة بقليل. وأعرب الشيخ صباح الأحمد في تصريح صحافي عقب وصوله الرياض، عن اعتقاده بأن لقاء القمة التشاورية يأتي"في ظروف بالغة الدقة، وفي ظل تطورات سريعة ومتلاحقة". وهنا رأى أمير الكويت أنه"يضفي على لقائنا الأخوي المبارك أهمية مضاعفة، ويحتم علينا جميعاً مواصلة العمل الدؤوب لتفعيل عملنا الخليجي المشترك، ودفع مسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو آفاق أرحب، لتحقيق المزيد من الرقي والازدهار لأبناء دول المجلس". متمنياً التوفيق للقاء القمة"لتعزيز أواصر التعاون وتوطيد العلاقات الأخوية الراسخة بين دول المجلس، لخدمة قضايا أمتنا العربية الإسلامية". في حين رأى الشيخ خليفة بن زايد أن"لقاءنا اليوم في هذه القمة سيتيح لنا بحث مجمل المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية، وتنسيق مواقف ورؤى دول المجلس تجاهها، بما يصون مصالح دولنا وشعوبنا". وأشار الشيخ خليفة إلى مصادفة لقاء القمة مع ذكرى مرور 25 عاماً على تأسيس مجلس التعاون، بالقول:"وهي مناسبة لنجدد تصميمنا على ترسيخ تكاتفنا وعزمنا المشترك، على حشد كل طاقات دول المجلس وإمكانات أبنائه، لدفع وتفعيل آليات مسيرة العمل الخليجي المشترك على جميع المستويات، لتحقيق المزيد من المنجزات التي تلبي تطلعات وطموحات شعوبنا في الاستقرار والازدهار، ولتزيد من صلابة البيت الخليجي في مواجهة التحديات التي يشهدها عالمنا اليوم". من جانبه، أكد الملك حمد بن عيسى أنه"مثلما يكون اللقاء مهماً وضرورياً لمواجهة المتغيرات الجديدة على الساحتين الإقليمية والدولية، فإن التطورات الراهنة تستلزم منا الارتقاء بمستوى العمل في المجلس وفق استراتيجية ورؤية واضحة، تؤكد وتعزز روح العمل الجماعي، وتواكب متطلبات المستقبل". ورأى أن التجربة"أثبتت انه لا بديل ولا غنى عن دعم وتعزيز تعاوننا المشترك". مشيراً إلى أن ذلك"يتطلب منا المضي قدماً في مسيرتنا نحو آفاق أرحب في التعاون المشترك". واعتبر الملك حمد"أننا في البحرين وإيماناً منا بمسيرة مجلس التعاون وتطورها، فإننا نؤكد ضرورة فتح المجال لإيجاد الوسائل السريعة والعملية لمزيد من التكامل في مختلف المجالات، دعماً لمفهوم المواطنة الخليجية كهدف نسعى إليه جميعاً". مؤكداً أن"الاقتصاد هو خيارنا الأفضل والأكثر ملاءمة لتوثيق عرى الروابط في ما بين شعوبنا كافة". وأشار ممثل السلطان قابوس في لقاء قمة الرياض فهد بن محمود آل سعيد، إلى ما تحقق للتعاون الاقتصادي الخليجي من تطور ملحوظ خلال الفترة الماضية من عمر المجلس"إلا انه وفي ضوء تلك المستجدات التي تطرأ على الساحة الدولية، وما يشهده العالم من طفرة كبيرة في مجال التقدم العلمي، فإن من الأهمية بمكان الاستمرار في تفعيل مجالات العمل الاقتصادي، والاتفاقات المشتركة للمجلس على ارض الواقع، وبما ينسجم ومتطلبات كل مرحلة من مراحل المسيرة الخليجية". بحسب تصريحه الصحافي. وقال:"انه من هذا المنطلق، فإن تقويم ما تحقق من منجزات للمجلس، وتشخيص للتحديات وسبل التعاطي معها، سيساعد على دفع تلك المسيرة إلى الأمام، وتحقيق أهدافها المرجوة في التكامل المنشود". وكان وزير خارجية الإمارات أكد ان التدخلات الايرانية في العراق ليست مؤكدة، وقال:"لدينا معلومات صحافية في الغالب حول هذه التدخلات"، وزاد:"التدخلات الايرانية في العراق ربما للتوفيق في وجهات النظر بين الفرقاء العراقيين". ولفت وزير خارجية الإمارات إلى ان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد تقدم بورقة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية، وقال:"إن هذه الورقة لاقت ترحيب القادة، وأوصوا بدرسها لتقدم ضمن جدول أعمال القمة الخليجية المقبلة في الرياض". وإشار إلى ان القادة ناقشوا خلال اجتماعهم المستجدات في المنطقة، وضرورة دعم ومساندة اليمن للانضمام إلى مجلس التعاون.