تميز معرض"حنين الحروف"للمصري محمد إدريس، الذي افتتحه الدكتور محمد الرصيص الأسبوع الماضي، في قاعة لحظ للفنون التشكيلية، بمزجه بين التجريد والتجريب و"الحروفية". يتناقض التجريد والحروفية ظاهراً، ويتوافقان في العمق. فالتجريد يعمد إلى جعل اللوحة عالماً هلامياً لا يمكن تحديد أطره وأبعاده، بينما الحروفية تبقي اللوحة في إطار يمكن إدراك أبعاده، فيما يتضح توافقهما في أن الحروفية تشكل ثنائية متكاملة مع التجريد، في عدم مباشرتها واتساع الخيال فيها، الأمر الذي ينطبق على التجريد بحدة أكثر. يشير محمد إدريس إلى أن معرضه الذي يضم 53 لوحة، ويختتم مساء الثلثاء المقبل، يحمل رسالة فنية تتمازج فيها المدارس الثلاث، لتشكل فضاءً جديداً في عالم الفن الواسع. كما يرى أن لوحاته التي استخدم فيها خامات وألواناً عدة، تنوعت بين الألوان الزيتية والمائية إلى جانب الخشب، مضيفاً أن مادة الإستيل وبقعة السيدي التي يستخدمها للمرة الأولى، وتمثل تجربة جديدة في الأعمال الفنية، يرى أنها أضفت على اللوحات القاتمة تنوعاً لونياً، يمثل ألوان الطيف في بقعة واحدة، ما يخلق جواً من التباين اللافت في اللوحة، مضيفاً أنه استخدم طلاء السيارات، كتجربة لونية جديدة، نظراً إلى توفيره سمكاً لونياً ولمعاناً، لا يتوفر في الخامات اللونية الأخرى. يعبر إدريس عن فكرة معرضه في شكل مباشر، حينما يقول"إن الحرف في لوحاتي التجريدية التجريبية، يمثل وضع العالم الإسلامي والعربي، الذي يحاول الرجوع إلى ذاته وحضاراته في القرن ال 21، ولذلك فإنك ترى أن الحروف تضيع حيناً في أوساط اللوحة، فيما تظهر مرة أخرى في لوحات أخرى في شكل غير واضح، وتظهر جلية في أعمال أخرى". وعلى رغم صغر المكان، وعدم توزيع الإضاءة بالشكل المطلوب، إلى جانب غياب بعض المعايير الفنية في اختيار الإطارات، فإن نجاح محمد إدريس في إقامة معرض شخصي، وسط جمهور لا يحتفل كثيراً بالأعمال الفنية التي يعدها جديدة على مجتمعه، خطوة تحسب لمصلحة الفنانين الحروفيين قبل الفنانين التجريديين. وبالتأكيد فإن المعرض نجح في استقطاب عدد من الزوار الذين يتذوقون الفن للمرة الأولى، الأمر الذي لم تنجح فيه معظم محاولات جمعيات الثقافة والفنون، التي باتت تمثل عائقاً أمام بعض الفنانين في عرض إبداعاتهم في بعض الأحيان.