هالني ما حصل في الأيام الأخيرة وأحبط من عزيمتي وجعلني أعيش في قوقعة من الألم والإحباط... لقد أعطيت كل ما عندي، هذا ما كنت أحسبه، وتفانيت في عملي راجية وجه الله، لا أنكر أن جميعنا يبحث عن رضا رؤسائه في العمل، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن! لقد جاء تقويمي الوظيفي، على عكس ما كنت وما كان الجميع يتوقعه، وتساءلت هل ظلمت، أم أن هذا فعلاً ما استحقه؟ فكان رأي الجميع من حولي بأنه تقويم غير عادل وجائر، إذ أنني لم أحصل على ما استحقه، مع أن بعض الزملاء الذين يعلم الله حالهم، حصلوا على ما حصلت عليه.أظلمت الدنيا في عيني... بكيت وبكيت وبكيت... لم أعلم ماذا أفعل، فلقد كانت مرارة الظلم أسوأ شعور مررت به... وقعت في حيرة من أمري، هل استمر على ما أنا عليه أم أتراجع وأقلد زملائي الذين لم يجهدوا أنفسهم، وحصلوا على ما حصلت عليه؟ مع علمي في قرارة نفسي أنني لست هكذا، ولا أستطيع أن أكون كذلك، ولكنها المرارة والغصة... أحسست أن في قلبي ناراً لو ترك لها العنان، لأشعلت الدنيا بأسرها، إلا أنني جلست مع نفسي لحظات وحاولت أن استجمع قواي، وقلت لنفسي، هذا ليس بجديد على جميع من يعملون في العالم الثالث! إذ أن غالبية الرؤساء، إلا من رحم ربي، يعطي مثل هذا التقويم لموظفيه، إلا من لديه من يدعمه ويسنده الواسطة، التي أحلّت ما لا يحل وأجازت ما لا يجوز. لن استطرد في هذا الموضوع، ولكن مع كل هذه الظلمة، لاح لي بصيص أمل ونور حين كنت أقلب أوراق التقويم لأرمي ورقة ذلك اليوم البائس من حياتي، فإذا بي أرى مكتوباً على ظهرها: علام الهم... وجاء فيها: مر إبراهيم بن أدهم على رجل وجهه ينطق بالهم والحزن، فقال له: إني سأسألك عن ثلاثة فأجبني... فقال الرجل: نعم. فقال إبراهيم: أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ فقال الرجل: لا. قال إبراهيم: أينقص من رزقك شيء قدره الله؟ فقال الرجل: لا. فقال إبراهيم أفينقص من أجلك لحظة كتبها الله؟ فقال الرجل: لا. فقال إبراهيم: فعلام الهم؟ فعلاً، علام الهم؟ هنا وكلت أمري إلى الله، وقلت لنفسي: هذا ما قدره الله لي وعليّ الرضا والتسليم. زينات أحمد - السعودية