إذا كانت القصائد التي ألقاها الشاعر حسن السبع خلت من الفكاهة التي اعتاد أصدقاؤه عليها في مناسبات عدة، فإن المقدمة النثرية في الأمسية الشعرية، التي نظمها كل من حسين الجفال وفاضل العمران وقدم لها محمد الفوز، الأسبوع الماضي في الدمام، لم تخل من التهكم الساخر، وإن لم يقصد به أحداً بعينه من النقاد الذين"اعتاد بعض متذوقي الشعر أن يضعوا الشعراء في قنينات التصنيف، ويحكموا إغلاقها، فهذا شاعر عمودي أو تفعيلي وذاك شاعر نثري، هذا واقعي، وذاك سريالي، هذا ملتزم وذاك برناسي، هذا جاد وذلك ساخر". وتتجسد سخريته من هذه التصنيفات التي"تقترح عليك أن تتنفسَ بنصف رئة، وترى بثلث عين، وتسمعَ بربع أذن، وتنشد بخمس حنجرة"، في أن"الشاعر ليس أخصائياً في الأذن والأنف والحنجرة"، وإنما"الشاعر حكيم شامل لكل تضاريس الروح والجسد، حكيم يحلم في ترتيب البيت البشري وفق رؤيته الخاصة، ومجنون يهندس فوضى الذكاء، وحين يكون شاعراً في النص ومنطفئاً بارداً خارج النص، مجنوناً في النص ووقوراً خارج النص، جاز لنا أن نواجه تلك الازدواجيةَ العجيبةَ بالريبة". ويرى أن الشاعر"لا يدخل فردوس الشعر حتى يتماهى مع عبارته، ويدور معه النص حيثما دار". موضحاً في ما يتعلق بالالتزام أنه"لا يوجد شاعر غيرُ ملتزمٍ برؤية ما ورسالة ما"، وإن"اختلفت الرسائل وتتنوع القضايا"، إلا أنها"في ميزان الشعر كبيرة، من القُبلةِ إلى القنبلة، ومن قَطرةِ ندىً تائهةٍ كعلامة تعجب على زجاج نافذة إلى الطوفان المدمر، لهذا سيبقى ولاءُ الشاعر أبداً، لجماليات القصيدة وللحياة". ووجد أن"الالتزام الذي ينتف الأجنحة، و يكبِّل الخيال ويعطل الرؤية، ويشلُّ الإرادة، هو التزام رمادي عقيم". ولم تقتصر القصائد الملقاة على القديم منها وإنما ألقيت قصائد من ديوانه الجديد، الذي يعده للطباعة، وبين القصائد القصيرة"هوية"، و"مبتدأ"و"القفص"، و"مطر تتبرأ منه الغيوم"، و"نرفانا". وأوضح قبل أن يدخل في سلسلة قصائد جديدة أن"لدينا إشكالية دائمة في اللغة واللقاء والتواصل، وفي بعض الأحيان تتخلل نصوص هذه الإشكالية"، ومن القصائد التي حاول أن يفر بها من هذا المعني قصيدة"لغة"و"كلام"وغيرهما.