جاء الحوار الذي أجراه الزميل مدير التحرير مع منظر ابن لادن الشيخ موسى القرني ليضعنا في دائرة الحقائق، بعد أن عشنا ردحاً من الزمن نجول في حلقة مفرغة من الأوهام والبعد من المنطقية ورؤية الزوايا المتعددة بتجرد واضح تجاه الأوضاع في الساحة الأفغانية، خصوصاً ما كان يسمى بسنوات الجهاد الأفغاني. اعترافات القرني أوضحت بجلاء حقيقة ابن لادن ومنظمة الجهاد المصرية وتأثيرها في فكر وقيادات القاعدة، ليس هذا المهم، لكن الأهم كيف كان تعاطينا مع تلك الحقبة الزمنية؟ وكيف جاء تعاملنا في ذلك الوقت الذي انصب الاهتمام فيه على جانب واحد، متناسين جوانب عدة؟ والمصيبة أننا سرنا وفق معطياتهم وقناعاتهم، وتخلينا عن البحث والتحري في هذا الموضوع، ووصلنا إلى ظلم أناس وتبرئة مذنبين، دفعنا إلى ذلك التعصب للرأي الواحد والتقوقع داخل دائرة واحدة. كشف القرني عن أن حقيقة أحمد مسعود الملقب ب"أسد بانشير" تم تغييبها وتم تقديمه للناس على أنه مارق عن الصف الإسلامي، وأنه لم يكن مجاهداً من طينة حكمتيار وسياف والآخرين، الذي نالوا حظاً وافراً بين صفوف علماء المسلمين، لكن الحقيقة التي أوضحها القرني أن "مسعود" ظلم كثيراً فهو المجاهد الحقيقي، ومورست ضده حملة تشويه الصورة، والأدهى أن الذي قام بهذه الحملة فضلاء وعلماء لم يستبينوا الحقيقة كاملة، بل أنهم مرروها إلى مرتاديهم بصورة قاتمة أيضاً، وهو ما نعاني منه كثيراً في حكمنا على الأوضاع الدائرة والتي نعيشها. استطيع القول إن مكاشفات القرني جاءت في وقتها، ويمكن أن نخرج بكثير من العبر والدروس، وأن نطبقها على واقعنا المعاصر، فالقول بأحادية الرأي ليست هي الحل الصحيح، وإنّ التزمت بالقول الواحد ربما يهوي بصاحبه، خصوصاً إذا أصر على رأيه متجاهلاً الآراء الأخرى حتى وإن كانت صحيحة. ليتنا نكون مثل القرني الذي لم يكتف بالسماع وحده بل أراد التثبت، وهو ما نسميه في العلم الحديث درس الظاهرة على أرض الواقع... الأمر حمل الكثير من المخاطر للقرني، لكنه لم يستطع تحمل سماع الرأي الواحد، وأصر على الوقوف على حقيقة أحمد مسعود، وعاد بشكل خالف فيه كل الآراء المتعصبة لحكمتيار والذين ساندوه في توجهاته. الشكر للشيخ القرني على طريقته العملية والعلمية التي جعلتنا نتوارى خجلاً من طريقتنا التي تقوم على التقليد والسماع فقط من دون تثبت. بعد هذه الاعترافات أو لنقل وضع النقاط على الحروف التي بينها القرني، هل سيظهر علينا من يعترف بخطئه، ويقول إن حملة التشهير التي مارسها ضد أحد قادة المجاهدين الأفغان وهو أحمد مسعود كانت في غير محلها... من يجرؤ على الكلام والاعتراف؟! [email protected]