عندما كان مراقبو السوق والمحللون الفنيون ينادون بضرورة الحذر من الارتفاع العشوائي لبعض الشركات في وقت سبق مسلسل الهبوط لم يجدوا من يأخذ هذه النداءات على محمل الجد ويقف عند هذا الوضع بوصفه مؤشراً ينبئ عن حال تصحيحية حادة أو انهيار متوقع. اليوم يقف هؤلاء المراقبون والمحللون موقفاً محايداً بعد أن صدقت تنبؤاتهم وشهدت السوق حركة هبوط حادة على مدى ثلاثة أسابيع وهم يرفعون سؤالاً مؤرقاً بأمل أن يجدوا إجابته في الأيام المقبلة:"هل استوعب المتداولون الدرس؟". تركي فدعق واحد من أوائل المراقبين لسوق الأسهم السعودية وأحد المحللين الفنيين كان من هؤلاء الذين تنبأوا بوقوع كارثة حال استمر ذلك الارتفاع غير المبرر لبعض شركات المضاربة، وهو يعود اليوم ليؤكد أهمية أن يستوعب المتعاملون مع السوق هذا الدرس القاسي، وأن يفرقوا بين الدخول للاستثمار والدخول للمضاربة. يقول فدعق:"من الأهمية بمكان أن يفهم المتداولون الأسرار المالية للاستثمار وخطورة المضاربة العشوائية ونتائجها السلبية على السوق في شكل عام". ويؤكد أن قرارات التجزئة تتواكب مع توجه هيئة سوق المال لتقسيم السوق، ما سيضفي نوعاً من الهيكلة السليمة على السوق بما يساعد في معالجة نواحي القصور وزيادة عمق وسيولة السوق مع تخفيض القيمة الاسمية للأوراق المالية التي يقابلها تضاعف كميات الأسهم في السوق، ومن ثم تضاعف عدد المتداولين، خصوصاً مع دخول المستثمر الأجنبي. أما المشرف العام على منتديات"تداول"المراقب الفني لسوق المال بندر الماضي فيؤكد أن السوق تعيش حال ارتداد واضحة أعقبت تدخل القيادة الحكيم، من أجل تعويض المتداولين خسائرهم، مشيراً إلى أن دخول المستثمر الأجنبي سيعزز السيولة وحركة التداول خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن قرار دخول الأجانب لا يقتصر على الأفراد، بل كل الشركات الأجنبية التي من المتوقع دخولها مع الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وفتح باب الاكتتاب في أسهمها. ويشدد الماضي على دور منتديات الإنترنت في نشر الوعي لدى المتداولين بخاصة أنهم مروا بتجربة مريرة خلال الفترة الماضية"عليهم توخي الحذر من الانقياد خلف شركات المضاربة التي لا تمتلك أصولاً عالية وقيمة دفترية تتناسب مع القيمة السوقية". على أي حال تبقى السوق السعودية تعيش أوضاعاً جيدة ومستقرة، خصوصاً أنها ترتبط بواحد من أقوى اقتصادات الشرق الأوسط.