طالب خبراء ومحللون في سوق الأسهم السعودية بضرورة إعادة صياغة سوق المال، وتقسيم سوق الأسهم إلى اتجاهين تحدد عوامل التداول للأسهم في الشركات المدرجة على أن يتم توزيعها وفق محورين، الأول السوق الأولى بوصفها السوق القيادية الآمنة من المخاطر التي تنتج عنها أرباحا للأسهم المتداولة فيها، على أن تخصص للاستثمار، والمحور الثاني إنشاء سوق ثانوية تكون فيها نسبة التذبذب مفتوحة، وتندرج ضمن قوائمها أسهم المضاربة والتداول وتخصص للراغبين في الاستثمار قصير المدى، وتكون هذه السوق متاحة للمضاربة بحيث يتحمل المضارب ما يترتب على المضاربة عالية المخاطر من خسائر. وأكد الخبراء والمحللون في حديثهم ل «عكاظ» أن فكرة تقسيم السوق إلى اتجاهين للمضاربين، وللباحثين عن الاستثمار له ما يبرره، خاصة أن سوق الأسهم السعودية من أقوى الأسواق العربية، وتنعكس تأثيراتها على الأسواق في دول الخليج والمنطقة، عطفا على أن تقسيم أسواق الأسهم بين أسهم للاستثمار، وأسهم للمضاربة معمول بها في أسواق الأسهم الأوروبية والأمريكية على وجه التحديد ولها جوانب إيجابية كبيرة. وبين الخبراء «أن سوق الأسهم السعودية تأثرت كثيرا، نتيجة المضاربة السوقية التي تشهدها الأسهم عالية الخطورة، وتنعكس سلبا على تكبد المستثمرين خسائر كبيرة ومتتالية لوجود نسبة مضاربة عالية في السوق ساهمت في ارتفاع الأسهم وهبوطها بشكل سريع، وهو ما يهدد بخروج أموال الاستثمار من السوق هربا من المخاطرة وخوفا من الوقوع في خسائر مستقبلية». وأوضحوا أن ذلك يتضح جليا في السيولة السوقية للأسهم التي تترواح بين 5 إلى 7 مليارات ريال، بينما تصل السيولة الساخنة في حال وجود تداول إلى 11 مليار ريال، وهذا يعكس عدم وجود فكرة الاستثمار في سوق الأسهم السعودية والسبب في ذلك غياب توزيع السيولة في السوق. وحذروا في الوقت ذاته من أن استمرار تذبذب سوق الأسهم بين 3200 نقطة إلى 3700 نقطة خلال الخمس سنوات الماضية ينذر باستمرار السوق على حالته الراهنة وهذا يدعوا إلى ضرورة التحرك لبناء السوق السعودية وبناء سوق جديدة ترتكز على تقليل نسب المخاطرة وضمان استثمار آمن». الدكتور محمد الشهري نائب رئيس لجنة الأسهم والأوراق المالية في غرفة مكة سابقا أكد ل «عكاظ» أن بلوغ عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية 157 شركة مع مطلع العام 2013م، بعد أن كانت في حدود 60 شركة في العام 2004 م بزيادة 100 شركة، وقفزت السيولة النقدية، وهذا يؤكد قوة السوق السعودية التي تعد من أقوى الأسواق العربية، إذ تحوي السوق أكثر من 200 مليون سهم، وهذا بلا شك جذب الأنظار إليه كونها السوق الأضخم في المنطقة عطفا على أن بعض الأسواق الخليجية والعربية تواكب أنظمتها في السوق وفق أنظمة السوق السعودية، وتهتم كثيرا بافتتاح السوق السعودية وإغلاقها، كما أن هذه الأسواق تتأثر مباشرة فور حدوث أي تغيرات في سوق الأسهم بالمملكة سلبا كان أم إيجابا. وأضاف الدكتور الشهري «إن هذا لا يعنى أن تتوقف هيئة سوق المال عن تطوير السوق وتطبيق التنظيمات التي تضمن سلامة الاستثمار من المخاطر، خاصة وأن السوق لا زالت تعاني من المضاربات التي تشكل مخاطرة كبيرة على المتداولين، ويجب أولا تغيير الثقافة السائدة بالتعريف بين المضارب الذي يبحث عن المكاسب السريعة، وبين المستثمر الذي يبحث عن الاستثمار بعيد المدى، وإذا ما أردنا تحقيق ذلك فيجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وأن نستفيد من تطبيقات الأسواق الأوروبية والأمريكية بالتحديد من خلال تقسيم السوق إلى سوق أولى لأسهم الشركات الكبرى بحيث تكون هي السوق القيادية الآمنة وتخصص للاستثمار طويل الأجل ويترتب على ذلك منح أرباح على الأسهم للمستثمرين، وهذا سيحقق جذب المستثمر الأجنبي، في حين يتم تخصيص سوق ثانوية لأسهم المضاربات على أن تكون فيها نسبة التذبذب مفتوحة بحيث يفتح المجال أمام المضاربين للتداول والبيع والشراء، مع ضرورة أن يتم توعيتهم بنسب المخاطرة على أن يتحمل أي تبعات تترتب عليها مستقبلا». وأوضح الشهري «إن ما تعانيه سوق الأسهم حاليا يعود لهيمنة أسهم بعض الشركات على السوق، بل إن السوق أصبحت مرتبطة بالتأثيرات التي تحدث على أسهم 3 شركات على وجه التحديد، والتي ينعكس تأثيرها في الانخفاض والارتفاع على باقي الأسهم، ويستطيع المتتبع لحركة الأسهم أن يرصد الشركات بناء على تحرك المؤشر خلال فترة التداول، إضافة إلى تأثر الأسهم بعمليات المضاربة والبيع السريع والخروج الذكي». من جهته، أشار تركي حسين ناصر فدعق عضو لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة سابقا ومدير الأبحاث والمشورة في إحدى الشركات المتخصصة في السوق المالية والاستثمار «إن حدة تحركات بعض الأسهم ما بين الارتفاع والانخفاض وخصوصا في أيام الإدراج الأولى، آثارت اهتمام العديد من المستثمرين، لكن ذلك لن يثني هيئة سوق المال من الاستمرار في تطوير السوق التي تشهد تحولات هامة، وهي ما عكست انخفاض عدد الشكاوى الواردة إلى هيئة سوق المال السعودية، وهي الجهة المسؤولة عن تنظيم السوق المالية، الأمر الذي يعتبر شهادة على فاعليتها». وأضاف «من هنا، يجب أن تقوم الهيئة بالعمل على تطوير السوق والاستفادة من تجارب الدول الأخرى ودراسة أهمية إنشاء سوق للسلع والمعادن في المملكة لأن هذا سوف ينعكس على الاقتصاد المحلى بالإيجاب بطرق مباشرة وغير مباشرة، كما يتطلب من الهيئة منع المضاربات غير القانونية». وأردف بالقول «نأمل من هيئة السوق دراسة سبل التقارب والتكامل ما بين الأسواق المالية الخليجية لانعكاس ذلك على المستثمرين والشركات في السوق المالية الخليجية».