أكد محللون ماليون أهمية ضرورة تقديم مزيد من الإفصاحات لبث الطمأنة لدى المستثمرين في سوق الأسهم التي تشهد تذبذباً حاداً خلال الفترة الحالية، ووصلت إلى مستوى 9500 نقطة فاقدة أرباحها التي حققتها خلال الفترة الماضية، بسبب الأحداث التي تمر بها المنطقة وأهمها انخفاض أسعار النفط. وقال المحلل المالي طارق الماضي في حديثه إلى «الحياة» إن اعتماد الاقتصاد السعودي على سلعة النفط له تأثيرات مباشرة ورئيسة في سوق الأسهم، إذ يتأثر قطاع البتروكيماويات بقيادة «سابك» بانخفاض سعر النفط ومشتقاته، ومن ثم تتأثر بقية قطاعات السوق بتأثر «سابك». وعن تكرر سيناريو الهبوط المتكرر في السوق السعودية على رغم كل الإجراءات والأنظمة التي تتخذها هيئة السوق المالية، قال الماضي: «في سوق يسيطر على تعاملاتها الأفراد هناك قصور واضح في فهم الأنظمة وإدراكها ثم الاستفادة منها، أحد أهم أدوار الهيئة أن تثقف صغار المتداولين والوصول إليهم، ولكن ليس عن طريق الكتيبات الصغيرة، أو الندوات التي لا يحضرها إلا النخبة، يجب أن تصل إلى الأفراد عن طريق محافظهم ومصارفهم، فالحقوق والواجبات ضائعة، وبعضهم يصل إلى مراحل الخطر من دون أن يدرك ذلك بسبب غياب المعلومات». وأشار الماضي إلى وجود خلل في العلاقة بين هيئة السوق المالية والمتداولين، إذ يجهل صغار المتداولين دور الهيئة، والكبار منهم يخافون منها، فيما تظل الهيئة نفسها تحت وطأة الخوف من ردود الأفعال، مضيفاً: «عندما أوقفت الهيئة قبل أعوام قليلة تسعة مضاربين دفعة واحدة، هبطت السوق، وهاجم بعضهم الهيئة على إثر ذلك الهبوط، ولم يلم أحد أولئك المضاربين». وعن الفجوة التي خلقتها سيطرة الأفراد والمضاربة على السوق، في مقابل ضعف دور شركات الوساطة والاستثمار طويل الأجل على رغم لمس هذا الخلل منذ أعوام طويلة، قال الماضي: «لا نستطيع توجيه الأفراد للاستثمار طويل الأجل، وهم يشاهدون حجم المكاسب التي تحققها شركات المضاربة وحجم المكاسب التي تحققت خلال الشهريين الماضيين، في مقابل الخسائر التي تعرض لها المستثمرون حالياً». وأوضح الماضي أن إدارة هيئة السوق المالية السابقة أسهمت في المشكلات التي تتعرض لها السوق من خلال فكرتها ب«تعميق السوق» عبر طرح مزيد من الإدراجات، واستخدام أسلوب الكم على حساب الكيف، متسائلاً: «ماذا استفدنا من شركات تطرح 10 ملايين سهم إلا أن أسهمت بزيادة مشكلات السوق، مثل شركات التأمين حالياً التي خسرت غالبيتها أكثر من 50 في المئة من رساميلها. نحن بتلك الطريقة لم نعمق السوق بل ضربناها». وأشار إلى وجوب فرض «الهيئة» قرارات رادعة على جميع الشركات المخالفة، مبيناً أن دخول المستثمرين الأجانب سيكون ضعيفاً أمام قوائم مالية مهلهلة للشركات، مضيفاً: «للأسف التطوير بطيء جداً، وكل فترة يلحق بالركب عدد كبير من الضحايا والخاسرون في السوق». بدوره، قال الخبير الأسواق المالية خالد الجوهر إن وضع السوق السعودية ستظل وسط هذه التجاذبات طالما زالت الخطط الاستراتيجية، تصنع بالفكر نفسه، والمسيطر هم المضاربون قصيرو المدى، الذين تؤثر الأحداث المحيطة في قراراتهم أكثر مما يجب وأكثر من تأثير السوق نفسها. وأضاف الجوهر أن ما يتم الآن هو تأسيس لقاعدة جديدة على أساس متوسط أسعار للنفط في حدود 74 دولاراً، ولو نزل هذا المتوسط سنشاهد مزيداً من الانخفاضات الأخرى، ولو شاهدنا السوق حالياً بعيدة عن المؤثرات الخارجية لشاهدنا سهم البنك الأهلي يرتفع لأيام متتالية بالنسبة القصوى على رغم هبوط معظم الأسهم، لذلك لو ركز المتعاملون بالسوق على الفرص المتاحة هذه الأيام لوجدوا أنها ممتازة. وأكد أن تسمية السوق السعودية بسوق الأفراد صحيحة، إذا ما تم التعامل معها كمعلومة مجردة، إلا أنها تضم الجميع تحت هذا المصطلح، سواء أصحاب المحافظ الكبيرة بعشرات الملايين أم الصغيرة، مبيناً أن غالبية هؤلاء الأفراد يملكون محافظ كبيرة وعلى علم ودراية بالأنظمة، مطالباً هيئة سوق المال بالتدخل وفرض إجراءات أقوى لضبط عمليات التلاعب، مضيفاً: «أن يرتبط هبوط الأسهم بكل هبوط ولو بسيط للنفط، فهذه مشكلة». فدعق: الأحداث الحالية «عرضية».. والسوق ستعود إلى وضعها أبدى الخبير المالي تركي فدعق ثقته بعرضية الأحداث التي تمر بها السوق المالية وعودة السوق إلى وضعها الطبيعي، وقال: «انخفاض أسعار النفط انعكس على المشتقات النفطية الأخرى، التي انخفضت بنسبة 25 في المئة عن الأسعار المسجلة قبل 6 أشهر، وانعكست بدورها على قطاع البتروكيماويات الذي سجل انخفاضات بلغت 3 في المئة». وأضاف فدعق في حديثه إلى «الحياة» أن ما تمر به السوق في الوقت الراهن يعود للتأثر بأسباب فنية في المقام الأول تجاوباً مع انخفاض قطاع البتروكيماويات، مضيفاً: «يجب ألا نغفل أن إدراج البنك الأهلي ومع الطلب العالي عليه، وخصوصاً من الصناديق التي حرمت من الاكتتاب مع المؤشرات الجيدة لأداء البنك خلال الربع الثالث أثرت في سيولة السوق، إذ سيطرت على قرابة 15 في المئة من سيولة السوق». واعتبر فدعق أن ما تمر به السوق في الوقت الراهن تمر به غالبية الأسواق العالمية من تأثر بالعوامل النفسية أكثر من الأساسيات، مضيفاً: «في الأشهر الماضية شهدنا قفزات في الأسعار، وكان هذا لحالة نفسية معينة تواكبت مع خبر دخول المستثمرين الأجانب على رغم عدم وجود محفزات اقتصادية أخرى، لذلك أعتقد بأن السوق في مجملها ستعود للثبات، وسيبقى التأثير محدوداً في قطاع البتروكماويات».