أكدت الفنانة التشكيلية غادة الحسن أن الفن التشكيلي السعودي وصل إلى مستويات عالمية منافسة، « ويحظى بالكثير من التقدير والإشادة في الخارج»، مستدركة أن ذلك لم يجعله محل حفاوة في المملكة، إذ «لا يزال مظلوماً في الداخل، شأنه شأن جميع الفنون لدينا. ولا نزال نفتقر لوجود المقومات الأساسية لنمو هذا الفن في بيئة صحية». وقالت الحسن ل«الحياة» إن الفن التشكيلي «كجميع المجالات الإبداعية، إن لم تعطه لا يعطيك، وإن لم تكن في حالة بحث دؤوب وعمل مستمر فإنك ستتوقف في النقطة ذاتها التي وصلت إليها لتكون بداية النهاية»، لافتة إلى أن هناك «مصاعب - بلا ريب - يواجهها الفنان التشكيلي عموماً من كلا الجنسين كي يثبت ذاته ويرتقي بعمله، ولكن هناك صعوبات خاصة بالمرأة وحدها، في مجتمع لازال ينظر إليها ككائن ناقص غير قائم بذاته ويتعامل معها على هذا الأساس». غادة الحسن، افتتحت مرسماً خاصاً لتعليم الفنون التشكيلية للأطفال، شاركت في المعارض التشكيلية الفردية والجماعية داخل وخارج المملكة وتشارك في معرض بعنوان: «لا تدخلوا من باب واحد» بمشاركة فنانين من السعودية والكويت والسودان و عُمان، وسيقام هذا المعرض الذي ترعاه وزارة الثقافة والإعلام وافتتح في مدينة جدة يوم الأربعاء الماضي. ورداً على سؤال حول ما يتردد من مجاملات ينلنها الفنانات باعتبارهن نساء، وإذا ما كان ذلك يسبب لها إزعاجاً، أوضحت: «هو الواقع المرّ لسوء الحظ، فكثير من المجاملات تحيط بفئة من الفنانات قليلات الموهبة أو الخبرة في الفن، واللاتي لا يعتمدن على فنهن بقدر كونهن إناثاً ليحظينّ بالفرص على حساب الآخرين، الذين يعملون بجدية وصبر على تجاربهم الفنية. هو ليس مزعجاً وحسب، بل ومحبط في أحيان كثيرة، وأنت ترى الفن ينحدر لهذا المستوى». وحول ما تقوم به جمعية التشكيليين، قالت: «لعبت الجماعات الفنية في المملكة دوراً فاعلاً في تطوير الحركة التشكيلية ولا تزال تحمل على عاتقها همّ الفنان التشكيلي، ومحاولة إبراز ما لديه وتقديمه بأفضل صورة من خلال أنشطتها والتي تقوم على جهود تطوعية في الغالب مع إمكانات مادية محدودة». وأشارت إلى أن اللجنة التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون «لها عدد من النشاطات الفنية التي تقيمها بين وقت وآخر، ولكنها لازالت قاصرة لتلبي طموح وحاجات الفنانين». وحول ما إذا كانت ترى أن ثمة قصوراً فيما يخص التعليم تجاه الفن التشكيلي تحديداً، قالت: «الفن كمادة من مواد التعليم لا يزال يعاني قصوراً واسعاً له نتائجه ال«مدمرة» وهذه ليست مبالغة، فعشرات المواهب وئدت في مهدها بسبب عدم وجود المعلم المؤهل لتصبح مادة (الفنية) مجرد حصة نشاطيّة قابلة للتسليف والإلغاء. معلم الفنون يلعب دوراً حساساً وخطراً، فعلى يديه قد يخرّج فناناً تشكيلياً للبلد، أو يقتل موهبته!». تعود الحسن قليلاً إلى الوراء لتقول، حول سؤالنا لها عن البدايات الأولى، «سؤالٌ ينبش عميقاً في الذاكرة، ينبش عن مشاعر الفخر الأولى، عن السعادة وأنا أستمع للمديح والإطراء وأنا أقف أمام لوحتي الصغيرة التي نفذتها بقلم الرصاص، والذي تعلمتُ تقنياته وقتها على يد المعلمة (أميمة) في الصف الثالث متوسط. أما مشاركتي الأولى الفعلية كفنانة تشكيلية فقد أعقبتها بسنوات، تحديداً في عام 2002 مع جماعة الفن بالقطيف التي كانت انطلاقتي الفنية من خلال معارضها السنوية، قدمتُ لوحتي الأولى بعنوان «جلسة ضحى»، وكانت تمثل مشهداً تراثياً نسائياً قديماً»، مضيفة أن الفنان «يولد فناناً، فمنذ تشكّله الأول والفن مودع في خلاياه ليمارسه بشكل غريزي من دون أن يمتلك أسباباً تمنطقه، إنه قدر وليس خيار، قدر بأن تشخبط حيطان منزلك القديم بقطعة فحم، كأنك أحد رساميّ الكهوف، لتكتشف معها كيفية الرسم بالفحم ولم تتجاوز السادسة من عمرك، فتشعر بسعادة لذيذة كلما مررت بها كواحدة من أعظم انجازاتك، وكانت تلك البداية». وحول غياب العلاقة بين المعارض التشكيلية، من جهة، وبين الناس الذين يفترض أن تكون هذه المعارض موجهة لهم، من جهة أخرى، إذ إن الفنانين هم من يحضرون معارض بعضهم، لفتت إلى أن الأمر لا يتساوى في كل مدن السعودية، وهناك اختلاف واضح، «ففي منطقة كالقطيف يعشق أهلها الآداب والفنون بكل أنواعها أجد إقبالاً كبيراً من الجمهور على معارضنا التشكيلية، أضف إلى ذلك بأن أغلبية الأنشطة والبرامج والمهرجانات لابد لها من تخصيص ركن للفنون، سواء أكان ذلك معرضاً تشكيلياً أو ورشة فنية مباشرة يتفاعل معها الجمهور بشكل إيجابي». وفي ما يخص الاهتمام بعقد دورات في الفن والرسم للأطفال وللكبار، قالت: «بدأتُ في تعليم الفنون منذ عام 2004 في دورات مختلفة للأطفال والموهوبات في لجنة التنمية الاجتماعية بالقطيف، وعدد من المراكز الأخرى. نجاح هذه الدورات ونتائجها الملموسة كانت حافزاً لافتتاح مرسم خاص بي لتعليم الفنون و كان ذلك في الصيف الماضي، إذ بدأته مع الأطفال وفكرة التعليم المرح و التركيز على إتقان استخدام الخامات المتنوعة بشكل سليم يتناسب مع مرحلة الطفل العمرية، كما خصصت فصولاً أخرى للموهوبات تتراوح الدراسة فيها ما بين تنمية الموهبة والتخصص، في محاولة – متواضعة - لتغطية عدم وجود الأكاديميات المتخصصة في الفنون، وللأخذ بيد الموهوبات نحو عالم الفن الذي يعشقنه.