يسجل المتابع للخطاب الملكي الصادر عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى أبناء شعبه في جميع المناطق التي حظيت بزيارته، أن العبارات الواردة في كلماته مفعمة بحب القائد لشعبه، وحرصه على توفير الحياة الكريمة لكل مواطن، تختزن لغته في ثناياها تاريخ كل منطقة وقبيلة، ما يعني إدراك الملك عبدالله بن عبدالعزيز العميق لواقع وطنه، وفهمه لطبيعة إنسانه، وحفظه لمواقف الرجال المخلصين الذين أسهموا في وحدة الدولة وبنائها والحفاظ على منجزاتها. وليس من المبالغة في شيء حين نقول إن كل كلمة ملكية ألقيت في منطقة من المناطق التي تشرفت باستقبال مليكها كانت تستثير مشاعر الأهالي، وتستمطر أعينهم، وتلهب أكفهم بالتصفيق لكونها نبعت من قلب كبير لتحتفي بها أفئدة تكبر بالمزيد من رعاية الوطن لها واهتمامها بها مبادلة الحب بحب والتواصل بولاء غير مصطنع. وتجلت هذه المعاني في كلمة الملك عبدالله في الحفلة الشعبية التي أقامها أهالي منطقة عسير، حين قال:"يسعدني أن أكون في عسير الغالية التي تمثل مجموعة من المعاني في ذهن كل مواطن، فهي الإباء الذي يتجلى في شموخ جبالها كما يتجلى في شيم رجالها الشجعان الذين وقفوا وقفة عز وشرف مع مؤسس بلادنا الملك المؤسس عبدالعزيز، يرحمه الله، منذ انطلاق حركته التاريخية لتوحيد المملكة تحت راية التوحيد. وعلينا أن ندرك جميعاً أن بناء الأمم لا يقف عند مرحلة دون أخرى، فماضينا وحاضرنا هو الأساس القوي بإذن الله لمستقبلنا، والأمم لا تقف عند حدود يومها متباهية، بل تنظر للمستقبل بعين المبصر الواثق بربه، باحثة عن مكان الصدارة في زمن لا مكان فيه للضعفاء". ولعل زيارة خادم الحرمين جمعت بين الأثر المعنوي المتمثل في حبور الشعب بوجود قائده على مقربة منه، والأثر المادي المحسوس من خلال تدشين مشاريع تجاوزت كلفتها عشرة بلايين ريال، وتنوعت ما بين المشاريع الخدمية والتعليمية. منها مشاريع لتعليم البنات بكلفة 300 مليون ريال، تضم مبنى لإدارة التربية والتعليم للبنات و12 مجمعاً مدرسياً و33 مدرسة، ومشاريع صحية بكلفة بليون ريال، تمثلت وزارة الصحة في إنشاء 120 مركزاً صحياً، وتحديث مستشفى أبها العام لتصل طاقته الاستيعابية لمئتي سرير، وتنفيذ مستشفى للولادة والأطفال في خميس مشيط بسعة مئتي سرير، ومستشفى الصحة النفسية وعلاج الإدمان بسعة مئتي سرير، ومستشفى تنومة العام بسعة 50 سريراً، وإقامة مركزين للسموم وأمراض السكر، والبدء في المرحلة الأولى من مدينة عسير الطبية. ومن ضمن المشاريع التي أطلقها ووضع حجر الأساس لها خادم الحرمين الشريفين، أمس، مشاريع وزارة المياه والكهرباء التي تبلغ تكلفتها الإجمالية ثلاثة بلايين ريال. ولن ينسى أهالي منطقة الباحة تلك الكلمات الصادقة التي عطر بها خادم الحرمين الملك عبدالله أجواءهم في شهر جمادى الآخرة الماضي، حين أعلن بكل وضوح أنه ليس في قاموسه تجزئة للوطن، أو تقسيم إلى مركز وهامش، أو قلب وأطراف، مؤكداً أنه لا يقبل بمقولة مواطن منعم وآخر محروم، لأنه يرى أن كل منطقة تمثل برجالها مركزاً، وينظر إلى جميع أفراد شعبه نظرة واحدة لا تفريق معها ولا طبقية، مذكراً رجالات الباحة بدورهم الحضاري في تأسيس البنية التحتية للوطن، بدءاً من شركة أرامكو وليس انتهاء بالجبيل وينبع الصناعيتين، ودشن الملك عبدالله مشاريع تعليمية وصحية ومهنية وخدمية في الباحة بتكلفة عشرة بلايين ريال، وكان من أهم أحلام أبناء المنطقة وضعه حجر الأساس لجامعة الباحة واعتماد مبلغ نصف بليون لتنفيذ المرحلة الأولى منها، واعداً أهالي المنطقة بمشروع تحلية للمياه في موازنة خير مقبلة.