أعتقد أنه يجب علينا بنظرة استراتيجية متأنية قراءة ما جاء في خطاب مرشد"الثورة الإسلامية"الإيرانية آية الله خامنئي في عيد الفطر المبارك، بخصوص المناورات العسكرية البحرية التي كانت قررت أن تجريها الدول التي تنتمي إلى"المبادرة الأمنية لمنع انتشار الأسلحة النووية"، وقامت بها الأسبوع الماضي بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية، وضمت 25 دولة، من ضمنها البحرين وقطر والكويت والعراق، وموقف إيران منها، إذ قال ضمن الخطبة، إن المنطقة فتحت صفحة جديدة من تاريخها بفضل ما سمّاه"النصر الذي حققه"حزب الله"اللبناني على إسرائيل في الحرب الأخيرة". وهو إشارة إلى أن النصر الذي حققه الحزب هو دعوة لكل مجموعة خارجة عن إرادة الدول والشعوب، لأن تقود المنطقة إلى حروب وويلات جديدة. هل هذه هي الصفحة الجديدة التي تريد إيران أن تدخلها بلدان المنطقة عبر تحريك الأحزاب أو الميليشيات للتحرك من دون الاعتراف بإرادة الحكومات والشعوب، مثلما تفعل بتغذية المليشيات التابعة لها في العراق؟ أليس من الأسلم أن تفتح إيران صفحة جديدة تبدأ بإعادة الجزر الإماراتية لأصحابها، وتتعاون مع دول الجوار، لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتبعد عنها شبح الحروب والنزاعات المتكررة والملازمة لها، والتي تُعتبر إيران شريكاً فيها بسبب سياساتها؟ لا شك أن السياسة الإيرانية في المنطقة هي مصدر خطر لجميع دول المنطقة الساعية للاستقرار والتنمية وتحقيق السلام، إذ لا تزال تحكم السياسة الإيرانية"الفكرة التآمرية"، على اعتبار نفسها دولة إسلامية مسالمة تعرف مصالح المنطقة، ومن يتدخل - غيرها - في شؤونها"صاحب مطامع وسيورثها لإسرائيل"، لتتوارث الأجيال سنين الويلات والاضطرابات واللااستقرار. إيران تذكي العاطفة الدينية والمذهبية مثلما تفعل الجماعات الأصولية"الراديكالية"في بعض بلدان المنطقة، وتحاول استغلال هذه العواطف لإيجاد حال تمدد شيعي، هي المستفيد الأول منها، مثلما تعمل في البحرين عبر إنفاق الدولارات على الشيعة لشراء الأراضي، بغرض تمكينهم في المحرق والرقاع، كما أشار إليه عبدالرحمن النعيمي في صحيفة"الوقت"البحرينية بعنوان:"التجنيس وموقعه في الصراع السياسي"، أو في لبنان عبر"حزب الله"، أو عبر محاولة تحقيق مكاسب استيطانية في المحافظات العراقية الجنوبية. إيران اعترضت على المناورات واصفة إياها ب"الخطيرة"و"المثيرة للشك"، وقالت وزارة خارجيتها إن تلك المناورات لا تنسجم مع متطلبات أمن المنطقة واستقرارها، والحقيقة أن الذي لا ينسجم مع متطلبات المنطقة هي السياسة الإيرانية، التي ما زالت تمارسها لضرب استقرار المنطقة، لتحقيق مصالحها وأهدافها على حساب شعوب ودول أخرى، والسعي للحصول على الأسلحة النووية على حساب أمن المنطقة واستقرارها. إيران التي تُشكك في نوايا هذه المناورات، هي نفسها التي أجرت مناورات عسكرية في وقت سابق، بمشاركة مختلف وحدات قواتها المسلحة على طول شاطئ الخليج الجنوبي. وأعلنت عن نجاحها أخيراً في تجربة إطلاق صواريخ عدة خلال المرحلة الثانية من مناورات"الرسول الأعظم"بإطلاق دفعة من عشرات الصواريخ"البالستية"المطوّرة القادرة على حمل مئات الرؤوس الانشطارية، ومنها صواريخ"شهاب"و"ذو الفقار"و"سكود بي"و"فاتح - 110"و"زلزال". فلماذا تُشكك الآن في المناورات التي تُجرَى في الخليج؟ بمعنى رفضها قيام جاراتها من دول الخليج بمناورات عسكرية بمساعدة الولاياتالمتحدة، في الوقت الذي تعلن فيه عن إطلاق صواريخ جديدة وطوربيدات بسرعة 100متر في الثانية. أليس من المنطق أن تنظر إلى الآخرين بالمجهر نفسه الذي تسمح لنفسها بالمشاهدة من خلاله، باعتباره حقاً لهذه الدول تطوير قدرات وحداتها العسكرية، وتدريبها بمساعدة من ترى من الدول القادرة على عمليات التدريب والتأهيل العسكري؟ إذا كانت إيران، كما قال مرشد الثورة، تتطلع إلى فتح صفحة جديدة من التاريخ، فعليها أن تعيد الحقوق لأصحابها وتتخلى عن سياسة التدخل في شؤون الغير، وأن تستثمر صواريخها وطوربيداتها لتحقيق الأمن والاستقرار، بالتعاون مع دول المنطقة، وليس على حساب أمنها واستقرارها. وإذا كانت إيران تصرّ على أن مناوراتها العسكرية لا هدف لها، ومناورات غيرها تستهدفها... فيجب أن يقال:"على مين... على هامان يا فرعون؟"! [email protected]