سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العنقري يتصدى للانتقادات... و"الطائفية"إلى الواجهة مرة أخرى . الأكاديميون لم يصدمهم "التصنيف العالمي" ... ويطالبون ب "الاستقلالية" وعودة ثقافة "الانتخاب"
بدا واضحاً من خلال جلسات اليوم الثاني للحوار الوطني في الجوف، أن الاكاديميين ورجالات التعليم العالي لم يصدموا بالتصنيف الجديد للجامعات السعودية، الذي صدر أخيراً، ووضعها في ذيل القائمة"المركز قبل الأخير"، فلم تحتل هذه القضية أي اهتمام وخلت الكثير من المداخلات من مجرد التطرق إليها، في الوقت الذي طاب للمشاركين وجود وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، الذي حضر أمس خصيصاً لحضور المناسبة، فباغتوه بسيل من الانتقادات والمطالب، بين سياسات أكاديمية أكل عليها الزمن، واستحقاقات وطنية مفقودة، وقابل الوزير ذلك بالكثير من الوعود، وذكر في مجمل حديثه أنه استفاد كثيراً من هذه الأطروحات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقضية الطائفية التي يحاول المتحاورون تجنبها، عادت إلى الواجهة في لقاء أمس، حين وجهت إحدى المشاركات، هي نفسها من أثار قضية طائفية التعليم والمناهج في اليوم الأول، اتهاماً بوجود تمييز طائفي في مسائل القبول والتسجيل في الجامعات السعودية، أقصت الكثيرين من المستحقين دخول الجامعة. وركز المشاركون في مداخلات أمس على السلبيات التي خلفت إلغاء نظام الساعات، وإشكالية اللغة الانكليزية والحاسب الآلي في التعليم الجامعي، والتفاوت في التعامل مع أعضاء هيئة التدريس، والخلط بين الوظيفتين الأكاديمية والإدارية في الجامعة، وتعامل بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات بفوقية مفرطة مع طلابهم، وعدد الساعات الدراسية الكبير، مقارنة بأنظمة التعليم العالي في الخارج، وغيرها من الهموم التي وضعها المشاركون أمام وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، تخللها بعض المطالبات بتحسين أوضاع الأكاديميين الوظيفية، والعمل على إعادة صياغة سياسات التعليم الجامعي، الذي وضع خلال مرحلة سابقة، ليتناسب مع الزمن الحديث. وعلق بدورهم مسؤولو التعليم العالي على طرح المشاركين، مشيدين بالكثير من الرؤى والمقترحات، ومؤكدين على دراسات تعنى بهذه الآراء، وذهبوا في تعليقاتهم إلى أن التعليم العالي مكلف جداً بعد الإنشاء، وكذلك عند التوسع، فيما لخصوا مشكلات التعليم العالي في أربع نقاط: القبول، وهو"مشكلة في جميع بلدان العالم، والمواءمة، أي أن الخريج يجد وظيفة في سوق العمل، والجودة، وصعوبة التوسع في القبول، وتطرق المسؤولون إلى شأن الانتخابات في الجامعات، مؤكدين أنه سبق تجربتها وكانت لها سلبيات وايجابيات. استقلالية الجامعات وبحوث الإرهاب وبرزت أثناء الحوار جملة من المطالبات باستقلالية الجامعات، وضرورة تخطي المركزية والبيروقراطية التي تقف حاجزاً دون عمليات التطوير والتحديث. وتحدثت أصوات أخرى عن ضرورة البدء بعمل دراسات بحثية جامعية عن ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني، وأن تكون الجامعات عوناً للجهات المعنية في تفتيت آفة الإرهاب ولجم المتطرفين، فيما ذهب مشاركون إلى ضرورة إيجاد جو ديموقراطي في أوساط الجامعات، يتم من خلاله انتخاب القيادات وأعضاء هيئة التدريس، وفق ما تفرضه الحاجة وصوت الغالبية. وفي أثناء ذلك، واجه المشارك صالح الشيحي وزير التعليم العالي بخبر وفاة طالب سعودي يدرس في الأردن على الطريق الدولي، متسائلاً عن أسباب تأخير إيجاد جامعة في الشمال السعودي حتى هذا الوقت. وخلت جلسات أمس من أية محاولة للإسهاب في توضيح أسباب احتلال الجامعات السعودية مراكز متأخرة في ذيل قائمة التصنيف العالمي الأخير، غير أن الأكاديمين الذين التقتهم"الحياة"، أكدوا أنهم لم يصدموا بواقع جامعاتهم الجديد، وساق كل منهم جملة من التصورات التي يرونها سبباً في هذا التخلف. ويؤكد المشارك الدكتور راشد الزهراني، أن هذا التصنيف يعني وجود خلل كبير في التعليم الجامعي، ويقول:"من دون أن ننظر إلى هذا التصنيف، القضية واضحة من خلال مخرجات التعليم الجامعي، فالطالب يتخرج من الجامعة وهو لا يجيد التحدث باللغة الإنكليزية"، ويعتبر الزهراني أن هذا التصنيف كارثة ف"السعودية بثقلها الاقتصادي والديني وكل الإمكانات اللامحدودة، تأتي في ذيل القائمة"، ويعلل ذلك بمجموعة من التراكمات التي كانت سبباً رئيساً في التأخر. لا يوجد تخطيط أكاديمي سليم ومن جهته، يقول المشارك الدكتور محمد زايد يوسف انه لم يصدم بهذا التصنيف"هذا التصنيف بمثابة الحافز لكي نتنبه لواقعنا في وقت باكر"، ويرجع ذلك إلى عدم وجود تخطيط سليم للتعليم الجامعي، ووقف الابتعاث ومسألة الاعتماد الأكاديمي، الذي جاء متأخراً كثيراً، ويؤكد أنه من المفترض أن تكون لدينا 44 جامعة، ويقول:" كوريا الجنوبية التي بدأت التعليم بعدنا، لديها الآن 88 جامعة". ويتطرق يوسف إلى إشكالية أخرى تكمن في وجود عدد كبير من خريجي الجامعات في ركن البطالة، أي أنهم على هامش التنمية، بحسب تعبيره. التصنيف لمواقع الإنترنت وليس للشأن الأكاديمي لكن مدير جامعة الملك فهد للبترول الدكتور خالد السلطان، حاول نفي هذه التهمة عن الجامعات السعودية، من خلال المؤتمر الصحافي الذي وجهت فيه"الحياة"سؤالاً بهذا الخصوص، فقال:"التصنيف الأخير ليس لجامعات العالم بل لأفضل 3 آلاف جامعة، ولا يعنى بوضع الجامعة التعليمي والأكاديمي، إنما يهتم بمواقعها في شبكة الإنترنت". وذكر أن معظم الجامعات السعودية حظيت أخيراً باعتمادات أكاديمية على مستوى العالم وهي الأهم"إضافة إلى أننا نحظى بموقع متقدم، وأكبر دليل على ذلك تصنيف جامعة الملك فهد للبترول والمعادن واحدة من أفضل 100 جامعة في العالم في تدريس الهندسة". تخفيف الأعباء يدفع إلى الأمام ومن جهته، يرى المشارك الدكتور احمد الزيلعي انه"بعد إلغاء نظام الساعات تزايدت أعباء أعضاء هيئة التدريس، وتأخر البحث العلمي، وهذا من الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة، وأيضاً عدم توافر المعلومات أحد الأسباب". ويطالب الدكتور الزيلعي بإعطاء"وقت كاف بالدرجة الأولى، وعدم الإثقال بالأعباء التدريسية والإدارية، وإتاحة الفرصة للباحث لحضور الندوات وورش العمل، ودعم البحث العلمي، كل هذا يرفع من مستوى المؤسسات الأكاديمية ويدفعها إلى الأمام في مواقع التصنيف، ولا أريد أن أحمَّل الآخرين المسؤولية بأنهم صنفوا بناء على معايير غير حقيقية، ولكن نحن أيضاً قمنا بخطوات كبيرة في مجال التعليم العالي، ونحظى بموقع متقدم عربياً". ليس المقام ملائماً لممارسة جلد الذات أما الدكتور زهير السباعي فيرى أن التصنيف الأخير ليس بالضرورة أن يكون موضوعياً، ولكنه"قد يكون ذا دلالة تجعلنا نسأل أنفسنا أين نحن؟"، ويذهب إلى أن"الكثير من الشباب الذي أنهوا دراستهم الجامعية وأكملوا الدراسات العليا في الخارج، عادوا بنتائج طيبة، وهو دليل ينفي هذا الاتهام". وأكد أنه"يجب علينا ألا نمارس جلد الذات، وفي الوقت نفسه لا نقول إننا وصلنا إلى ما نطمح إليه". مضيفاً:"نحتاج إلى مساحة اكبر للجامعات، وأن تكون لديها مرونة أكبر في التعامل وصلاحيات أوسع لمديري الجامعات، يستطيعون من خلالها تطوير العملية التعليمية في جامعاتهم، بحسب تصوراتهم الخاصة".